نظرات في وثيقة ودستور أسيادنا (٣)

نظرات في وثيقة ودستور أسيادنا (٣)

ألسنة وأقلام

بابكر إسماعيل

وتستمر نظراتنا وتأملاتنا في تشريح وثيقة ودستور أسيادنا ..
فقد أبطل مشروع مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة شرعية كل القرارات التي صدرت من القائد العام لقوات الشعب المسلحة ورئيس مجلس السيادة في وبعد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ في حين أقرت الوثيقة الدستورية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ بشرعية المجلس العسكري الانتقالي ومراسيمه الدستورية.
ورأينا كذلك في الحلقات الماضية كيف قامت لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة بنسخ ولصق الفصل الأول بكامله (٦ مواد) من الوثيقة الدستورية الانتقالية عدا عن أن مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة قد حذفت نصاً عن استقلال الدولة وسيادتها من هذا النسخ واللصق ولا ندري إن كان ذلك سهواً أم قصداً؟
فنبدأ اليوم مستعينين بالله نمخر في عباب وثيقة ودستور أسيادنا:
الباب الثاني: وثيقة الحقوق والحريات الأساسية :
نُقل باب الحقوق والحريات الأساسية من الباب الرابع عشر في الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ إلي الباب الثاني في مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة
أُضيف بندان في مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة لم يكونا موجودين في الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢ إلي المادة الثامنة :(التزامات الدولة) حيال الحقوق والحريات وهما:
البند 8 -2: تسنّ الدولةتشريعات لمقابلة التزاماتها الدستورية الواردة في وثيقة الحقوق والحريات الأساسية المضمنة في هذا الدستور والتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريّات الأساسية
البند 8-3: تلتزم الدولة خلال (6) شهور تبدأ من التوقيع علي هذا الدستور بالقيام بمراجعة كافة القوانين السارية وإلغاء أو تعديل كل ما يتعارض مع الحقوق الواردة فيها.

ويبدو أن هذين البندين قد فرضها كفلاء الدستور الخارجيون ومموّلوه حتي يتعجلوا قطف ثمار غرسهم.

نجد أنّ كلا الوثيقتين احتوت علي أربعة وعشرين حقاً من الحقوق والحريات الأساسية الواردة في وثيقة الحرّيّات .. علي الرغم من أن
مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة حذفت حق الحرمة من التعذيب الوارد في الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ تحت المادة رقم ٥١ وتنص علي الآتي:

“لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة الإنسانية”.

ونظرت في كلّ المواد في باب الحقوق والحريّات الأساسية في مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة علّني أجد أن المادة المحذوفة والتي تنصّ علي تحريم التعذيب قد أضيفت إلي مادة أخري ولم أجد لها أثراً.

وهذا في تقديري أمر مثير للقلق .. إذ كيف تحذف مثل هذه الفقرة الهامّة من وثيقة الحقوق والحريّات في مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة ..؟
وكما نعلم فإنّ المحامين عادة يكونون أحرص النّاس علي حرمة التعذيب ..
كما أنّ دعاوي تعذيب ضحايا ثورة ديسمبر ٢٠١٨ كانت من أقوي الأسباب التي أشعلت الثورة وزادت من أوارها وأدّت للتغيير ..

ولدي سؤال محيّر وهو هل يمكن لمحاميي المتهمين بقتل الأستاذ أحمد الخير أن يحتجوا لدي المحكمة الدستورية بأنّ المادة التي تحرّم التعذيب في الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ والتي حوكموا بقانون استقي من نصّها قد أُلغيت في مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة للعام ٢٠٢٢؟

كما أنّ حذف هذه المادة من مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة يثير مخاوف لدي المهتمين بحقوق الإنسان من احتمال أن هنالك نيات مبيتة من بعض القوي السياسية التي تدعم مسودة الدستور هذه لممارسة التعذيب ضدّ خصومهم السياسيين عند تمكنهم من الحكم مرة أخري. وهذا أمر في حدّ ذاته مثير للقلق ..!

أضافت مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة للعام ٢٠٢٢ حقاً جديداً لم يكن موجوداً في الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ وأسمته الحقّ في سلامة البيئة وبذا يكون عدد الحقوق في الوثيقتين هو( ٢٤) حقاً أساسياً ونصّت الإضافة الجديدة علي الآتي:
المادة 27 الحق في سلامة البيئة:
(1) لكل شخص ومجتمع الحقّ في سلامة البيئة وأن يعيش في بيئة نظيفة وصحية ويشمل ذلك الحقّ في حماية البيئة لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية
(2) تتخذ الدولة تدابير تشريعية وأي تدابير أخري لازمة لمواجهة مشاكل التصحّر والتلوّث البيئي وغيرها من المشاكل التي تتهدد البيئة في السودان.

ونري أنّ إضافة هذا الحق معقول ومقبول وتوجد ضرورة لإدراجه بمسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة ولكن لا يعني ذلك أن نحذف الحقّ الذي يحرم التعذيب لنحتفظ بنفس عدد الحقوق والحريات الأساسية بل كان الأولي الإبقاء علي النص الذي يحرّم التعذيب وامتهان الكرامة الإنسانية وإضافة نص سلامة البيئة زيادة في الخير ..

ونواصل ..

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x