قراءة في المشهد السوداني

قراءة في المشهد السوداني

تحبير
د.خالد أحمد الحاج

ما يمر به السودان من ظرف بالغ التعقيد يؤكد بأن حالة الشد والجذب التي عليها فرقاء السياسية هي التي جعلت الوضع العام بالبلاد على هذه الوضعية الحرجة. لا أود القول بأن ما تبقي من أمل في التوصل إلى حلول للأزمة قد كدنا نفقده، ولكن مع اشتداد حدة الخلاف، والشحن الزائد للشارع باتت مسألة العودة بالبلاد إلى السكة الصحيحة، إن لم تكن محفوفة بالمخاطر، فليس على طريقها ورود.
إن اتفقنا على أن الأزمة قد استفحلت، وأن احتكام العديد من الأحزاب لمصالحها، قد زاد طين الخلاف بله، أشدد على ضرورة تغيير النظرة الحزبية الضيقة، إن لم يحدث ذلك فلن يكون بالمقدور رسم خارطة طريق آمنة.
من الواضح أن الموقف الآن قد تعقد، وأن إصلاح الدولة الذي يشغل بالنا، وبال الكثيرين، لا تقوي عوده سوى الإرادة الصادقة في إصلاح ما أفسده دهر الخلافات.
من الضرورة بمكان التجرد من ضيق الولاءات الحزبية، إلى متسع الوطن، والقفز من أسباب الخلاف إلى ما يوحد الجميع على كلمة سواء.
الحقيقة التي يجب أن تقال إن المرحلة الانتقالية قد افتقدت بالفعل للعديد من نقاط القوة التي كانت في المتناول، لكن للأسف تم التفريط فيها.
وقد كانت هذه النقاط واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، لا أعلم كيف غابت عن مخيلة من بيده الحل والعقد؟ من الواضح أن من كان بيده تصريف الأمور لم يتمكن من رسم ملامح المرحلة بوضوح.
أذكر أني قد نبهت وعبر هذه الزاوية الجهاز التنفيذي للدولة لأكثر من مرة إلى ضرورة إصلاح الاقتصاد الذي هو السبب الرئيسي في خروج الشارع على الإسلاميين، مع الوضع في الاعتبار للأوضاع القاسية التي يمر بها الشعب، فاختارت الحكومة سياسة صندوق النقد الدولي، وذهبت في هذا الاتجاه، واثقة من أن الصندوق سيفي بوعوده التي أطلقها، لكنه لم يفعل من ذلك شيء، مع العلم بإدراكه لكافة المآلات التي يمكن أن تصل إليها الأزمة.
وبقيت التشوهات على ما هي عليه، بالرغم قول الحكومة بأن هناك انخفاض في معدل التضخم.
من الممكن أن تطوي البلاد أزمتها في ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية، إن توفرت لدى القوى السياسية إرادة التسوية والإصلاح. أبعاد الأزمة بالنسبة لكافة القوى السياسية تبدو واضحة، لكن التباين الحاد في وجهات النظر، وعدم الرضا بما يطرحه البعض من أفكار تؤدي للعبور بأمان، وإصلاح العثرة، قد ساهم بقدر كبير في تأزيم الموقف.
إن استمر الحال على ما هو عليه، فإن الموقف سيكون أشد ضبابية مما هو عليه الآن.
عليه فإن أي تهاون سيكون له ما بعده، وبدلا من تكون فكرة كيف يحكم السودان هي الأكثر حضورا في المشهد، تعالت الأصوات المنادية بمن يحكم. برأي أن حدة الخلافات هي السبب الرئيسي في إضعاف الديمقراطية.
بالرغم من أن المشهد غاتم، والرؤية غير واضحة، إلا أننا سننتظر مع قادم المواعيد أن يصل الفرقاء إلى كلمة سواء، تعيد إلى الأمور إلى نصابها.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x