(وجع ضُرس) .. عبد الكريم محمد فرح ..الناس معادن

(وجع ضُرس) .. عبد الكريم محمد فرح ..الناس معادن


هل نحن أحرارٌ بما يكفي لنفعل ما نريد؟ ونأكل ما نشتهي ونلبس ونخالط ما يعجبنا ؟! .. نبتسم حين نشعر بأحساس التبسم .. نضحك حين يغمرنا الفرح .. ونبكي لذات الفرح وانعكاسات الحزن .. نصادق ونحب من ترِقُ له قلوبنا وعيوننا إن صح كل ذلك لماذا نتنمر على بعضنا ونمارس فوقية الفهم وهل هنالك قوالب ومقاييس معينة للحياة.
يذهب تفكيري بعيداً وأشفق حقاً عندما أرى محبي ومريدي شيخ الأمين – ذاك الشيخ الذى انتهج مساراً خاصاً في فقه التصوف – يدافعون عنه بمبدأ أبوي الشيخ ولا يخشون في ذلك خسارة الأرض والجمهور. كثيرا ما يُهَاجم شيخ الأمين ودائماً ما تصطاده الكاميرات وتوثق لافعاله لعكسها في شكل سيئ جدا .. لماذا ؟! كأن شيخ الأمين هو الوحيد الذي يتاجر بالدين في هذه البلاد التي أرهقها بيع الدين في قارعة القاعات والصالات وجوه القصر زاتو ..
ذهبت يوماً الى مسيد الشيخ الأمين عمر الأمين بإمدرمان برفقة الدكتور الفنان محمد دفع الله حيث أنه لا يبعد كثيراً عن منزلنا ولأن عدداً مقدراً من الإخوان والأهل هم أساسيون في تشكيلة شيخ اللمين وذكر الجمعة ببيت المال .. أوقفتُ سيارتي بالقرب من سبيل خلف الله ولعل كل مرتادي شارع ابروف الممتد من شارع النيل مرورا بسوق الشجرة حتى استوب ود ارو لابد أن يلاحظوا تلك السيارات الفارهة التى تقف على جنبات الطريق عصر كل جمعة .. هم مريدو ومريدات شيخ الأمين .. دخلتُ الى ذلك المكان والرهبة تحيطني إحاطة السوار بالمعصم، فلم يسبق لي متابعة الذكر والنوبة الا مرات بسيطة في مسجد الشيخ قريب الله بودنوباوي والشيخ حمد النيل بالمقابر وأذكر أيضاً زيارة مسيد الشيخ الصابونابي أيام الجامعة لأن ابنهم عفيف كان (دفعة).
بكثير من التململ واقفاً أشاهد الذكر، أشاهد فقط، وارتحتُ قليلاً عند المديح وبعض الإنشاد بعدها تحدث الشيخ عن بعض الأشياء مفسراً شراحا للمديح.
وجدت كثيراً من الأهل الجيران المعارف وهكذا حال أمدرمان .. سألني البعض ما الذي أتى بك يا رجل ؟! لم تكن لدي أجابة لذلك، ربما بهرني الهالة التي يقبع بها شيخ الامين ومعاملة محبيه له .. كان ملكاً في مملكته المهم .. توضأنا لنصلي المغرب جلس الجميع سريعاً وبترتيب عجيب .. فالكل يعلم موقعه في خارطة ذلك المكان الملئ بالحب ، حتى الأطفال لم يكونوا مزعجين كما في المناسبات بل كانوا يرددون مع شيخهم ويكملون حديثه .. قدم الشيخ محاضرة بسيطة الكلمات عميقة المعاني .. حدثنا عن الصلاة والزكاة وبعض ما يشغل البشر وأتنقد نفسه وبرر ممارسات يتهمه بها عامة الناس. كان الجميع في حالة من الخضوع التام وكان التوثيق حاضراً بالكاميرات والهواتف الذكية وغيرها ..
إنتهى الدرس بحلول آذان العشاء .. صلينا جماعة جلس البعض حول الشيخ .. هممتُ بالرحيل لأن تجميع البروش والسجادات يوحي بنهاية البرنامج، قلت لمحمد دفع الله (الجماعة ديل لموا العدة والحفلة انتهت) .. فإذا بقريبي وابن عمي الباشمهندس معتصم إبراهيم شبيكة يصر على أن أتعرف وأسلمُ على الشيخ .. أخبرته أن لا داعي لذلك فقناعتي ليست تامة بالشيوخ والتصوف ولا بعرف ليهم أول ولا آخر. ألح عليّ فقلت في نفسي نمشي نجرب .. المهم ..
جلستُ أمام الشيخ ولكنني لا أدري هل هنالك طقوس معينة للجلوس مع الشيخ وهل يجب أن أفعل شيئاً يخصني لم ندرس ذلك في كتب المدرسة ولا حتى كتب التاريخ (ناس امدرمان ديل ناس كفر ووتر ساي).
أعجبني جداً سلامه وحفاوته بي حيث قَبل يدي مباغتاً ترددتُ قليلاً وبدأ الخوف يسيطر على حالتي، هل يجب أن أرد ذلك التقبيل وماذا سيحدث إن لم أفعل واخيراً قبَلتُ يده بذات الحفاوة.
بعد التعريف بي ومن أين أتيت سألني مباغتاً بصفتك أعلامي ما رأيك في مسيدنا وما هي مشاهداتك لهذا اليوم ؟! .. أجبته أنني لم أرى ما يقال عنكم وعن أفعالكم ولماذا يتم شيطنتكم بهذا الشكل .. إستنكر بعض المريدين حول الشيخ حيث شعرتُ بذلك في وجوههم واصلت حديثي أنني لم أرى شيئاً مخلٍ وخارج نطاق الأدب الصوفي وبعيداً عن العادة والتقليد.
أردفتُ قائلاً بصراحة يا الشيخ (انتو اعلامكم ضعيف) .. ضحك ضحكة مجلجلة ورد سريعاً كلها حسنات يا زول ..
فليفعل شيخ الأمين ما يحلو له وليتبعه من يتبعه وليعرض عنه من يعرض .. ولتلبس آية افرو ما يعجبها وتظهر بالطريقة التي تراها ويراها الراعي الرسمي لها .. وليرشح مبارك أردول نفسه رئيس وزراء بل رئيساً لجمهورية السودان شمالاً وجنوباً .. ولا يجب أن تبتسم الفتاة التي أحرزت المركز الأول بالشهادة السودانية فمن حقها أن تبتسم متى ما أرادت ذلك .. وليقرأ هذا المقال من أرد فهو غير مهم ولا ملزم إطلاقاً ..
دون تنمر وإيذاء لشعور الآخرين من الجيد أن يمارس الجميع حقوقهم كاملة في هذا السوق المفتوح فإما بضاعتهم رُدت إليهم أو ربح البيع ..
أخيراً
الزمان في الناس بغير في القلوب
.. والناس معادن ..

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x