عبد الواحد والحلو .. دروس في الوطنية

عبد الواحد والحلو .. دروس في الوطنية

تأملات
جمال عنقرة

لم تصبن دهشة عندما سمعت ان قوات السيد عبد الواحد محمد نور قد نزلت من جبل مرة، واصطفت مع قوات الجيش، وقوات الحركات المسلحة، تحديدا حركتي العدل والمساواة التي يقودها الدكتور جبريل إبراهيم، وقوات حركة التحرير التي يقودها السيد منى اركو مناوي، للدفاع عن حاضرة دارفور الكبري فاشر أبو زكريا، وحمايتها من غزو المتمردين الاوباش، ولم يدهشن أيضا نبأ قتال قوات الحركة الشعبية بقيادة السيد عبد العزيز الحلو، مع القوات المسلحة، لحماية مدينة الدلنج، حتى لا تسقط في أيادي الغزاة المعتدين.
هذه المواقف التي اتخذها القائدان عبد الواحد محمد النور، وعبد العزيز الحلو، تؤكد أنهما قائدان وطنيان، لهما قضية يقاتلان من أجلها، وأنهما لا تربطهما عمالة ولا ارتزاق بأي جهة خارجية، سواء كانت إقليمية قريبة، أو دولية بعيدة، وأنهما يفصلان تماما بين صراعهما مع الذين يحكمون البلد، ويعملون علي اسقاطهم من الحكم، وبين إسقاط الدولة، فلما ادركا أن الغزاة يستهدفون إسقاط الدولة، وقفا صفا واحدا مع الحكومة التي يختلفون معها، ويقاتلونها، وصارت قواتهم التي كانت تقاتل الحكومة، تقاتل في صف قوات الحكومة، دفاعا عن الأرض والعرض والمال، ودفاعا عن الوطن الذي هو وطننا جميعا، وطن الحاكمين، ووطن المعارضين سواء بسواء.
ولم استغرب موقف القائدين لأن لدي معهما تجارب سابقة تؤكد صدق انتمائهما الوطني، وأذكر عندما بدأ مشروع الحوار الوطني مطلع العام ٢٠١٤م، ذهبت إلى أديس أبابا التي كانت تحتضن اجتماعا للجبهة الثورية، وكان للرئيس التشادي الراحل إدريس دبي مشروع لجمع الحكومة مع كل أطراف المعارضة السياسية والمسلحة، فلما وصلت أديس لم أجد القائد عبد الواحد، فتواصلت معه هاتفيا، وبعد حوار طويل وافق علي المشاركة في حوار وطني بدون شروط مسبقة، وأذكر عندما طرحنا مبادرة الشيخ الياقوت بعد أيام من سقوط الإنقاذ في أبريل ٢٠١٩م، وافق السيد عبد الواحد علي المشاركة في حوار سوداني سوداني داخل الوطن، في مسيد الشيخ الياقوت في جبل الأولياء، وجدد ذات القول عندما خاطب الملتقي الجامع الذي عقدناه باسم مبادرة الشيخ الياقوت في قاعة الصداقة بالخرطوم.
القائد عبد العزيز الحلو كتبت كثيرا عن تجربته مع مولانا أحمد محمد هارون في حكم ولاية جنوب كردفان، فبينما كان شركاء نيفاشا -المؤتمر الوطني والحركة الشعبية – في تشاكس مستمر في كل مكان، كان الانسجام كاملا بينهما في جنوب كردفان بفضل القيادة الحكيمة للقائدين احمد هارون، وعبد العزيز الحلو، من بعد فضل الله تعالي، وربنا يغفر للذين كانوا سببا في اشتعال الحرب بعد الانفصال.
وذات ملتقي مبادرة الشيخ الياقوت الذي أشرت إليه، وخاطبه عبر الهاتف القائد عبد الواحد محمد النور، ارسل القائد عبد العزيز الحلو وفدا رفيعا شارك في الملتقي في الخرطوم، واكدوا رغبتهم في سلام شامل وعادل ومستدام.
أعتقد أن هذا الذي حدث في الفاشر والدلنج، هو بشارة خير، وهو ايذان بمولد عهد جديد، يسمو فيه السودانيون علي خلافاتهم الصغيرة، ويتناسون جراحاتهم الاليمة، ويقفون صفا واحدا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، ليبنوا معا وطنا شامخا، ظللنا نغني له العمر كله، دون أن نسلك إلى طريقه سبيلا، والشكر والتقدير للقائدين العظيمين عبد العزيز الحلو، وعبد الواحد نور، فقد فتحا للمستقبل الزاهر المشرق طريقا واسعا، واشعلا سراجين منيرين لإضاءة هذا الطريق بموقفيهما الوطنيين، المشرفين في الفاشر والدلنج.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x