الحوار السوداني السوداني .. شركاء لا وسطاء

الحوار السوداني السوداني .. شركاء لا وسطاء

تأملات
جمال عنقرة

اتصل علي صديقان عزيزان ابديا بعض الاعتراضات علي الورقة الاطارية التي اعددناها مع بعض مبتدري مشروع الحوار السوداني السوداني الشامل الذي لا يستثني أحدا، وبدأنا الترويج لها في الاوساط السياسية والمجتمعية السودانية لتكون اساسا لحوار شامل، يضع خدا لماساة بلدنا وشعبنا، ويعبر بنا جسور هذه الأزمة اللعينة التي وقعنا فيها بما كسبت أيدينا.
وقبل الحديث عن اعتراضات الصديقين العزيزين، يجدر بنا أن نضع الورقة أولا بين اياديكم، ثم نقول ملاحظاتنا علي اعتراضاتهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
مشروع الحوار السوداني السوداني الشامل
ورقة إطارية
مدخل:
لقد بلغت أزمة السودان مبلغا لم يكن يخطر علي بال أحد، ولم يعد الخطر العظيم هو هزيمة جيش، أو سقوط نظام، وإنما صار الخطر الأعظم هو سقوط بلد بأكمله، بتاريخه، وحاضره، ومستقبله، وشعبه، وناسه، سقوط قيمه وتراثه، وأخلاقه، بل سقوط كل شئ فيه، وهو سقوط لا يهدد السودان وحده، وأهله وناسه، ولكنه سقوط يهدد المنطقة بأكملها، وقد يتعداها.
وفي مثل هذه الحالة غير المسبوقة لا تجدي المعالجات الجزئية المبتسرة، فلا بد من معالجة الأزمة من جذورها، واجتثاث الداء اجتثاثا كاملا، ووضع العلاج النافع الشافئ، الذي لا سقم بعده بإذن الله تعالي.
وبرغم أن جذور هذه الأزمة الراهنة عديدة ومتشعبة، إلا أن الجذر الاعمق، والذي تعود إليه كثير من اساب أزمات السودان، إن لم تكن كلها، هو حالة الإقصاء التي تاصلت في بلدنا منذ نشأته الأولي، فلا تتمكن جهة من سلطة أو قوة، إلا استغلت هذا التمكين لإقصاء آخرين يخالفونها الرأي أو الموقف، ويسعي الذين تم اقصاؤهم إلى إبعاد الآخرين والتمكين لأنفسهم، فإذا ما تحقق لهم ذلك، ازدادوا تمكينا وسعوا إلى إقصاء الأولين بأكثر مما كانوا يفعلون، وهذا هو سبب دورة الحكم الخبيثة الذي ظل السودان يدور في فلكها منذ الإستقلال، حكومة منتخبة، انقلاب عسكري، ثورة شعبية، حكومة انتقالية، حكومة منتخبة، انقلاب عسكري، وهكذا تدور الدائرة، إلى أن وصلت إلى حرب شاملة، لو تركت هكذا لا تبقي ولا تذر.
تعريف المشروع:
هو حوار شامل يشارك فيه كل أهل السودان، بلا إستثناء، بكل مكوناته السياسية، والمجتمعية، وكل المكونات الفاعلة، القديمة والحديثة، بلا استثناء.
الأهداف:
١/ قطع الطريق أمام التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية التي صارت تشكل أكبر خطر يهدد استقرار واستقلال السودان.
٢/ البحث عن حلول عاجلة لأزمة الحرب الحالية وما ترتب عنها،
٣/ التراضي علي أسس متينة لبناء سودان جديد وناهض.
٤/ إقرار نظام سياسي يستوعب حالة السودان الاستثنائية، ويقطع دابر دورات الحكم الخبيثة إلى الأبد.
المراحل:
المرحلة الأولي:
وقف الحرب وفق مرتكزات وأسس واضحة أهمها:
١/ اعتماد إعلان جدة اساسا لوقف إطلاق النار ومعالجة الأوضاع الإنسانية
٢/ سيادة الدولة السودانية والحفاظ علي استقلال وسيادة القرار الوطني.
٣/ مركزية القوات المسلّحة، ومركزية ووحدة قيادتها، ودمج كل قوات حركات الكفاح المسلح، ومن يبقي ويصلح ويرغب من قوات الدعم السريع في القوات المسلّحة، وفق معايير مهنية تحددها لجان عسكرية متخصصة تحت إشراف وإمرة القوات المسلحة السودانية.
المرحلة الثانية:
وهي المرحلة التأسيسية، يتم تحديد زمنها، وتقودها حكومة كفاءات وطنية قومية غير حزبية تقوم بتسيير العمل في دولاب الدولة إلى حين قيام الإنتخابات.
المرحلة الثالثة:
مرحلة مؤتمر الحوار الشامل الذي لا يستثني أحدا، ويضع الأسس والضوابط لبناء دولة السودان الحديثة الناهضة المستقرة التي لا يظلم فيها أحد…انتهي
لصديقي الأول اعتراضان اساسيان، اولهما أن الورقة تدعو إلى التمكين للنظام القائم، ويشير في ذلك إلى القول “سيادة الدولة السودانية والحفاظ علي استقلال وسيادة القرار الوطني” واعتراضه الثاني أن الورقة انحازت إلى الجيش، وأشار في ذلك إلى فقرتين، الأولي “مركزية القوات المسلّحة، ومركزية ووحدة قيادتها، ودمج كل قوات حركات الكفاح المسلح، ومن يبقي ويصلح ويرغب من قوات الدعم السريع في القوات المسلّحة، وفق معايير مهنية تحددها لجان عسكرية متخصصة تحت إشراف وإمرة القوات المسلحة السودانية. ” والفترة الثانية “اعتماد إعلان جدة اساسا لوقف إطلاق النار ومعالجة الأوضاع الإنسانية”
اما صديقي الثاني، يتركز اعتراضه علي أن الورقة، والمشروع في مجمله يتيح لقوي إعلان الحرية والتغيير “قحت” المشاركة في الحياة السياسية في المرحلة القادمة، وهو يري أنهم مسؤولون عن كل الخراب والدمار الذي لحق بالسودان، ويجب النص علي عزلهم، ومحاكمتهم.
وأقول لصديقي الأول اننا لم ندعو للتمكين إلى نظام أو حكومة، وإنما دعونا لبقاء الدولة وسيادتها علي ارضها وشعبها، واستقلال قرارها، وهذا هو المهدد الأول والأكبر والذي يجب أن نتصدي له جميعا، أما في شأن ما ورد في الورقة بخصوص مركزية القوات المسلحة ووحدة قيادتها، ودمج كل القوات الأخري في القوات المسلّحة، فهذا هو الأمر الطبيعي، وكان ينبغي أن يتم قبل اندلاع الحرب، ولعله لو تم لما قامت الحرب، ولكن نقول قدر الله، وما شاء الله فعل، أما الزعم بأن الورقة تبنت رأي الجيش، بأن يتم وقف إطلاق النار وفق ما جاء في إعلان جدة، فهذا ليس رأي الجيش وحده، ولكن هذا ما تم التوافق عليه في مفاوضات جدة، ووقع عليه ممثلا الجيش والدعم السريع، وشهد عليه الوسطاء، ويظل هذا ملزما للجميع لا يمكن تجاوزه.
اما اعتراض صديقي الثاني علي مشروع الحوار كله لأنه يتيح لقحت المشاركة في الحياة السياسية المقبلة، وهي متهومة باشعال نار الحرب، ويجب عزلها، اقول له أن أساس مشروع الحوار السوداني السوداني الشامل أن يضع حدا لمسالة الإقصاء التي هي سبب كل ما وقع في بلدنا من بلاء وابتلاء، وعلينا جميعا طي صفحة الماضي بكل ما فيها من ثقوب وتشوهات، ونفتح صفحة نظيفة ناصعة البياض، نكتب فيها معا مستقبلا مشرقا زاهرا لبلدنا وشعبنا بإذن الله القادر الكريم.
وأقول في الختام للصديقين العزيزين، نحن مبتدرو مشروع الحوار السوداني السوداني الشامل لا ننطلق من منصة وساطة بين فرقاء، ولكن يدفعنا انتماؤنا الأصيل لبلدنا وشعبنا، ونري أن مسؤوليتنا الوطنية تجعلنا مسؤولين مع كل بني وطني لاتقاء شرور فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منا خاصة، ونحن في ذلك شركاء لا وسطاء، وندعو كل أهل السودان، لا ليكونوا معنا، ولكن ليتقدمونا، ونسير من خلفهم لبناء وطن يسعنا جميعا بإذن الله تعالي ٠

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x