ليس دفاعا عن السفير هانئ صلاح.. ولكن!

ليس دفاعا عن السفير هانئ صلاح.. ولكن!

تأملات
جمال عنقرة

لم يألف القراء عني الرد والتعقيب علي ما يكتبه الزملاء في ما يخص الأفراد، حتي ولو كان الأمر يخصني شخصيا، ولا أظن أن ما كتبته ردا أو تعقيبا خلال مسيرتي في بلاط صاحبة الجلالة التي تجاوزت الأربعين عاما، لا أظنه يصل العشر مقالات، ولا اتوقعه يبلغها مهما مد الله في الآجال، ذلك اني أري مثلما امنح نفسي حق تقويم الأمر صوابا، يجب أن امنح الآخرين حق تقويمه خطأ، إلا أن مقالا بعث لي به احد الأصدقاء مكتوبا نقدا جارحا في حق السفير المصري في السودان، معالي السفير هاني صلاح، وجدته يستحق الرد والتعليق، ليس فقط لأن ما ورد فيه به تجن غير مقبول، ولا لأنه اعتمد علي وقائع محدودة وبني عليها أحكاما قطعية عامة، ولكن لأنه قبل ذلك يطعن في علاقتنا مع مصر أهم بلد في الدنيا، هذا فضلا عن قيادتها الموقف الموزون والمتوازن لحل الأزمة السودانية الراهنة، ويكفي في ذلك البيان القوي الذي قدمه مؤخرا وزير الخارجية المصري السيد سامح شكري في اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي، وأكد فيه أن ما يجري في السودان شأن داخلي، وأن الحل يقرره السودانيون وحدهم، وليس من حق أحد أن يفرض عليهم حلا من الخارج، وكما هو معلوم فإنه ليس من بين دول جوارنا دولة نأمن جانبها، غير مصر وجنوب السودان وإريتريا، والمملكة العربية السعودية، ثم أن السفير هاني صلاح، أحسبه من افضل السفراء المصريين الذين مروا علي السودان، رغم قصر الفترة التي قضاها في الخرطوم قبل أن تنفجر الأوضاع، وتندلع الحرب، وبمعرفتي القوية جدا للسفراء المصريين الذين عملوا في السودان، أستطيع أن أقول بالفم المليان، أنني لا يمكن أن اذكر أفضل ثلاثة سفراء مصريين عملوا في السودان، ولا اذكر فيهم السفير العمدة الراحل المقيم الدكتور حسن جاد الحق، والسفير العظيم هاني صلاح، رغم أن السفير هانئ لا يزال في بداية عهده، ولكن كما يقول أهلنا “الخريف اللين من بشايره بين” ولقد تقدمت بشائر سفير الصلاح الهانئ مقدمه، واستطاع أن يطبع بصمته منذ أن وطأت قدماه أرض السودان.
اتيحت لي فرصة التعرف علي السفير هاني قبل وصوله السودان سفيرا، وحدث ذلك بالصدفة في الخرطوم عندما حضر للمشاركة في اجتماعات لجنة الحدود بين البلدين الشقيقين بصفته مساعدا لوزير الخارجية المصري للسودان وجنوب السودان، وكان قد تم ترشيحه سفيرا لبلاده في السودان، وقبلت الخرطوم ترشيحه خلفا للسفير السابق، معالي السفير حسام عيسي، فلما التقيت في فترة الاستراحة مع صديقي السفير محمد الياس سفير السودان في مصر في ذاك الوقت، فاخذني السفير محمد الياس لتعريفي بالسفير القادم، فلما قدمني له، قال له السفير هاني “انا جاي السودان وفي اجندتي ثلاثة أسماء فقط لتحقيق رسالتي في تعزيز العلاقات المصرية السودانية، الرئيس البرهان، ونائبه حميدتي، وجمال عنقرة” وكان ذلك هو الثمن الذي اشتراني به السفير هاني جنديا في صفوف قتاله الأولي المتقدمة لتحقيق رسالته، ورسالتنا معا لتعزيز العلاقات السودانية المصرية، ومنذ ذلك اليوم لم ينقطع وصلنا وتواصلنا، ولم تتوقف مساعينا مع السفير العظيم هاني صلاح، لتحقيق أحلام وطموحات شعب وادي.
لا أود الخوض في تفاصيل الواقعة التي اوردها الكاتب وبني عليها أحكاما جائرة في مصر أخت بلادي الشقيقة، وفي حق السفير هانئ صلاح، ثالث ثلاثة سفراء مصريين عظماء عملوا في السودان من الذين عايشتهم وعاصرتهم، ولا أود أن أنفي حدوثها، والراجح أنها حدثت، ولكن لم أكن أرجو أن يكون الكاتب مثل الذي “يري الشوك، ويعمي أن يري فوقها الندي إكليلا” ولا بد أن أشير هنا إلى أن طموحات السفير هاني صلاح الواسعة والعريضة للوصول بالعلاقات السودانية المصرية إلى آفاق لم تبلغها قبل ذلك، انحسرت، وانحصرت في معالجة طلبات التأشيرة العامة والخاصة، التي يستقبل يوميا المئات منها، ويعتبر صاحب كل طلب، أنه المهم وحده، وأن طلبه يستحق الاستجابة في الحال، ولا أود أن أخوض في ذلك أيضا، ولكن اتمني أن يشهد الذين استجاب السفير هاني لطلباتهم، وعالج مشكلاتهم، وانا شاهد علي عشرات من ذلك، هذا فضلا عن ما يقوم به طوال ساعات اليوم السفير سامح فاروق القنصل المصري في بورتسودان، فله الشكر والتقدير والتحية، وتحية خاصة للشابين الهميمين خالد الأسمر وعلي الكحلاوي، والتحية لكل العاملين في قنصليتي بورتسودان وحلفا، ومن خلفهم، ونسأل الله أن تنجلي هذه الغمة، ونعود جيعا إلى الخرطوم، ويعود السفير هاني صلاح لمواصلة رسالته في تعزيز العلاقات السودانية المصرية، ويصير السفر بين القاهرة والخرطوم، مثل السفر بين مدني والخرطوم، أو بين القاهرة والاسكندرية، وليس ذلك علي الله بعزيز.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x