الوالي التوم والصحفي الزين .. الصلح خير

الوالي التوم والصحفي الزين .. الصلح خير

تأملات
جمال عنقرة

لم أسعد بخبر قريب مثل سعادتي بخبر الصلح الذي تم قبل أيام قلائل بين والي ولاية شمال كردفان الناظر فضل الله محمد علي التوم، وبين زميلنا وابننا الصحفي الكردفاني الزين كندوة، وقد يبدو الحدث عاديا عند كثيرين، فكثيرا ما يختلف صحافيون مع سياسيين، ومع مسؤولين تنفيذيين رفيعين، وقد يتحول الخلاف إلى صراع، وفي بعض الأحيان يتطور ويصل إلى ساحات المحاكم، وفي أحيان أخري يتدخل وسطاء بالخير ويحدث الصلح، وتطوي صفحة الخلاف، ولكن الأمر في شأن خلاف والي شمال كردفان السيد فضل الله، وبين الزميل الزين مختلف تماما.
فالسيد فضل الله قبل أن يكون ضابطا تنفيذيا، وقبل أن يكون واليا، هو زعيم مجتمعي، وهو ناظر ابن ناظر ابن ناظر، وناظر كبابيش بكل تاريخهم، ومواقفهم، وعطائهم، والكبابيش كما هو معلوم قبيلة لها جذور وفروع تغطي عين الشمس، أما بالنسبة للزين، يكفي أنه الزين “كندوة” وذلك اسم له معني، ويدل علي عمق الإنتماء، والزين يعطي هذا الإسم كل حقوقه والتزاماته، ويعيش لأهله قبل أن يعيش لنفسه، والزين يقدم الزراعة علي الصحافة، ويمارسها بنفسه، “يشقق” و”يكتل” ويحش “المر” و”الجنكاب” و”يسلك” و”يردم” ويمشي “البلاد” “ضحوة” و”سربة” وبلداته”ملك” ما “تقندي” وهذا كله لتأكيد عمق الإنتماء، وسجله حافل بالعطاء المجتمعي لا سيما في مجالات الإنتاج الزراعي والتنمية الريفية، وأشير في ذلك، إلى مشروع خور أبو حبل، والتغذية المدرسية، ومشروع حزام الصمغ العربي، وفي كل هذه المشروعات يقدم العام علي الخاص، بل يوظف الخاص لخدمة العام، ومثلما أن السيد الوالي فضل الله من بيت نظارة الكبابيش، فإن الصحفي الزين من أعيان بطون الجوامعة، ومعلوم أن الجوامة ليست القبيلة الأكبر في شمال كردفان وحدها، ولكنها من أكبر القبائل في السودان، هذا إن لم تكن أكبرها جميعا، لكل ذلك، وكثير غيره، قلنا إن الخلاف الذي كان بين الوالي فضل الله التوم، والصحفي الزين كندوة، لم يكن خلافا عاديا، وبحمد الله أن الصلح أيضا لم يكن صلحا عاديا، ويكفي أنه كان مشهودا من أعيان القبيلتين العظيمتين، الجوامعة والكبابيش.
صحيح أن صلتي بالصحفي الزين أعمق بكثير جدا من صلتي بالوالي فضل الله التوم، ففضلا عن الصحافة، تجمعنا أم روابة عروس النيم بلدنا الحبيبة، وكان قد جمعنا كذلك نفير نهضة ولاية شمال كردفان في عهد مولانا أحمد محمد هارون – فك الله أسره – وفي هذا النفير تجلت عظمة الشخصية الكردفانية، ولكن أهل كردفان كلهم أهلي، ونحن الكردافة لا تفصل بيننا سياسة، ولا قبيلة، ولا طائفة، ولا حتى دين، ولقد كتبت عن ذلك كثير جدا، وفي مقالات عدة، ولا أود أن أعيد كتابة ما ذكرناه قبل ذلك كثيرا واعدناه، ولقد جسدت ملاحم كردفانية كثيرة هذه المعاني السامية، وعلي المستوي الشخصي ظللت أمد يدي لكل من يأتينا حاكما، سواء كانت بيني وبينه قواسم مشتركة، أو لم تكن، وتكفيني الكردفانية قاسما مشركا مع كل أهلي الكردافة، وبعضهم نعتبره منا، ونحمله فوق رؤوسنا لمجرد أن تم تعيينه حاكما علينا، فنخرج له كل محافيرنا، ما دام قد أتي لخدمتنا صادقا، ومن هؤلاء الطيار فيصل مدني مختار، واللواء ركن بحري سيد الحسيني عبد الكريم، والدكتور غلام الدين عثمان، أما الحكام والولاة من أبناء الولاية، نهرع إليهم مشرعين كل أسلحة النصرة والفزع، وندعو كل أهلنا الكردافة لتقدم صفوف الفزع، وتشهد تجربة النفير علي ذلك.
والصلح الذي قاده أهلنا الكبابيش والجوامعة، بين الوالي فضل الله محمد علي التوم، وبين الصحفي الزين كندوة، اعتبرته بشارة خير، وفال حسن، ونأمل ونسعي، لأن يكون بإذن الله تعالي مدخلا لتداعي كردفاني شامل، نجمع به شملنا، ونوحد به صفنا، ونخرج به صفا واحدا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، من أجل أن نقود معا حكاما ومحكومين نهضة واعمار ولايتنا الحبيبة.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x