الهيكل الرقابي..!!

الهيكل الرقابي..!!

إليكم
الطاهر ساتي

:: ( في حكاياتنا مايو).. ومما يُحكى عن مايو، أن نميري ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺪﺭ القرار في ﺍﻟﻘﺼﺮ الجمهوري، ﻭﺣﻴﻦ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺨﻄﺄ ﻗﺮﺍﺭه، ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ،و يصدر ﻗﺮﺍﺭﺍً ﺑﺈﻟﻐﺎﺀ قرار القصر، ﺛﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﻟﻠﻨﺎﺱ متباهياً : ‏(ﻣﺎﻳﻮ تراجع ولا ﺗﺘﺮﺍﺟﻊ‏).. و هذا ﻟﻴﺲ ﻣﻬﻤﺎً، ﻓﺎﻟﻤﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻧﻤﻴﺮﻱ ﻳﺘﻤﺎﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ، بل كان شجاعاً في مراجعة الأخطاء و تصحيحها.. ﻭبعد نميري، أصبح طبيعياً أن يقصم الرئيس ﻇﻬﺮ الشعب ﺑﻘﺮﺍﺭ كارثي، ﺛﻢ يأتي ﻓﺠﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭ ﻳﻘﺼﻢ صدر الشعب ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ تنفيذ ذات ﺍلقرار الكارثي..!!

:: برلمان البشير كان هزيلاً، و لم يكن يُراجع أداء الأجهزة (كما يجب)، و لم يكن يحاسب التنفيذيين إطلاقاً.. أما برلمان البرهان و حمدوك، فقد كان – مثل سيف الدولة الحمداني – الخصم والحكم، و كان يُسمى بالاجتماع المشترك لمجلسي الوزراء والسيادي.. وظل برلمان الخصم و الحكم على هذا الحال حتى بيان (25 أكتوبر)، وكان في البيان وعداً بتشكيل المجلس التشريعي.. و لم يفِ البرهان بوعده، بل لم يعد حتى لبرلمان الخصم و الحكم ظهوراً..!!

:: عجز البرهان وحمدوك عن استكمال هياكل السلطة كان مُعيباً.. وكان من غرائب الأشياء أن تظل حكومة – مسماة بحكومة الثورة – بلا مجلس رقابي، وبلا محكمة دستورية، وبلا مجلس أعلى للقضاء، وبلا مجلس أعلى للنيابة، لما يزيد عن العامين.. وليس هناك أي مبرر لهذا العبث غير رغبتهم بأن يكونوا هم (كل الدولة)، بما فيها السلطات التشريعية والدستورية، بجانب سلطتهم التنفيذية (المطلقة )..!!

:: و على كل، بما أن ملامح حكومة جديدة تلوح في الأفق، فيجب أن تأتي (كاملة)، و دون أي نقص في هياكلها.. فالمجلس التشريعي لا يقل أهمية عن مجلس الوزراء، ومع ذلك دائماً ما يكون السجال حول مجلس الوزراء.. والمجلس التشريعي مقترح في الدستور الانتقالي، ولن يقل عن (150 عضواً).. و أياً كان عدد الأعضاء، فيجب أن يكونوا من ذوي الكفاءة، مثل أعضاء مجلس الوزراء، ليكونوا قادرين على الرقابة و المساءلة و المحاسبة..!!

:: المعتاد عليه في بلادنا هو أن الأحزاب تعتبر البرلمان مجرد مخزن لتخزين الكوادر ( المهرجلة والمهرجة).. فالبرلمانات ليست أمكنة للتهريج، بل هي منابر مهنية للتشريع والمساءلة والمحاسبة و غيرها من المهام التي بحاجة إلى كفاءات وليس (نشطاء).. وعلى سبيل مثال لتغييب الكفاءة، يضج دستور المحامين بنصوص مُضحكة، منها : ( تُسترد الأموال العامة المنهوبة بالكيفية التي ينص عليها القانون)، المادة (25) فقرة (3)..!!

:: لو لم يكشفها مولانا سيف الدولة حمدنا الله، و يكتب عنها بمهنية عالية، لما صدقت العقول بأن مسودة دستور البلد بها هذه الصياغة العشوائية ( الأموال المنهوبة).. فالمعنى القانوني للمال المنهوب هو المال المنزوع بقوة السلاح، و ليس بالاختلاس و الرشوة والتزوير و الاحتيال والخيانة وغيرها من جرائم الفساد.. ولو أجازوا صياغة النشطاء العشوائية (كما هي)، لما عاقب قانون المال العام في السودان غير (الهمباتة) و (تسعة طويلة)..!!
Alyoumaltali.net

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x