إليكم
الطاهر ساتي
:: الجديد الجدير بالترقب و الانتظار في هذه البلاد هو (القرار)، وليس الكلام.. ويوم أمس بقاعدة حطاب العسكرية، لم يكن في خطاب رئيس السيادي الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، ما يمكن وصفه بالجديد، هذا ما لم يكن قد تفشى الزهايمر في البلد، كما النزفية والضنك في شمال كردفان.. كل رسائل البرهان معاد إرسالها، ولا جديد غير الإشارة إلى المسدس المعبأ بالرصاص، ربما للزوم الحماس الذي يستدعيه المكان و المناسبة..!!
:: القوات المسلحة قومية، تحمي البلد وشعبه، ولا تتبع لأي جماعة أو حزب ، مؤتمراً وطنياً كان أو حركة إسلامية أو حزباً شيوعياً، هذا ما قاله البرهان، ليس بالأمس فحسب، بل كثيراً.. وليس البرهان فقط، بل حتى البشير كان يردد ذات الأقوال، أي كان يحاضر الشعب عن قومية الجيش، وينفي عنه التبعية لأي حزب..وكذلك الأزهري، نميري، سوار الدهب، الصادق وعبود و.. و.. كل الرؤساء كانوا يحذرون الأحزاب، وكلهم قالوا عن الجيش ما قاله البرهان..!!
:: وعليه، ما يستحق التعليق في الخطاب، هو ما يلي : (نحن مع الثورة، ولن نسمح بعودة النظام السابق، ولن نبصم على وثيقة سياسية تفكك الجيش ولا يتوافق عليها الجميع)، هنا مربط فرس الوضع السياسي الراهن و موقف المكون العسكري.. لا جديد في الموقف، بحيث لا عودة لما قبل الثورة كما يتوهم الفلول، ولا عودة لما قبل تصحيح المسار كما يتوهم النشطاء، أي يجب توسيع قاعدة المشاركة، بحيث يتوافق الجميع على تشكيل حكومة الانتقال !!
:: ولكن كيف؟…يمكن الوصول إلي ذلك، ولكن ليس بالأقوال، بل بالأفعال.. وكما ذكرت في ذات زاوية، لقد توفرت فرصة ذهبية لحل وطني، وقد لاتتكرر.. وهي فرصة تجميع المبادرات، ثم التفاوض عليها.. مبادرة نقابة المحامين تمثل تحالفاً سياسياً، وكذلك مبادرة الطيب الجد، و مبادرة الميثاق الوطني (الكتلة الديمقراطية)، ثم مبادرةجامعة الخرطوم ، و.. و.. تحدث البرهان عن كثرة المبادرات،و هي – فعلاً- كثيرة.. !!
:: ولكن رغم كثرتها و اختلاف أطرافها، في هذه المبادرات قواسم مشتركة ومحل إجماع..و بحوار شامل؛ إلا من أبى، تستطيع آلية وطنية – بمراقبة الرباعية – صياغة مبادرة موحدة، بحيث تكون هي خارطة الطريق لحكومة الانتقال.. وعليه، فإن الوصول إلى خارطة الطريق ليس بحاجة إلى خطاب هناك و آخر هناك، ولا إلى التهديد بالمسدس، بل بحاجة إلى (قرار)..!!
