مغولٌ .. وقحاطة.. (٢) “جنكيز خان ودقلو إخوان ..”

مغولٌ .. وقحاطة.. (٢) “جنكيز خان ودقلو إخوان ..”

ألسنة وأقلام

بابكر إسماعيل

ولد تيموتشين (وإن شئت سمَّيته تِمِيشْتي الضكران) والذي أصبح فيما بعد يعرف باسم جنكيز خان (وتعني قاهر العالم أو الملك القوي أو الرجل الضكران ) في العام ١١٦٧م علي الضفة اليمني لنهر أونون في مقاطعة دولون وتقع حالياً في منغوليا إحدي جمهوريات الإمبراطورية السوفيتية الآفلة …

كان أبوه زعيماً قبلياً وقبل وفاته مسموماً دفع به خادماً لأسرة زوجته المستقبلية – بورتا الجميلة – حاول تموتشين الصغير أن يحلّ محلّ أبيه في زعامة قبيلته بعد موته ولكن رفضته القبيلة لصغر سنه ..

وعاشت أسرته بعد ذلك في شظف من العيش وكانوا يأكلون من ثمار الغابات ولحوم الأبقار الميتة وقليل من الصيد البري ..
وقتل اثنان من إخوانه في شجار علي الصيد ..

كانت قبائل آسيا شمال الصين ست قبائل متناحرة منها التتر المنغوليون والنِعيمان والمركيت الخ ..

تقرّب “تِمِيشْتي” إلي القائد المغولي طغريل خان (أو أسد منغوليا) والذي كان حاكماً لمنطقة كيرات ..ثم تآخي معه في الدم أي إخاء نصرة : ظالماً أو مظلوماً .. حتي كاد أن يقول له طغريل أنت حمايتي ..
وبدأت مواهب تِمِتْشِي العسكرية تظهر بعد هذا التحالف فقوي وعظم شأنه ..

وكذلك استعان تِمِيشْتي برفيق صباه جاموكا ( ولا أدري إن كانت تعني باللغة المغولية حفيد الحفيان أم لا) والذي صار زعيماً لقبيلة الجداران والسانات والواقفين قنا ..

ولكن نشب خلاف لاحقاً بين جاموكا الحفيان وتِمِيشْتي وحُسم هذا الخلاف عسكرياً لصالح الأخير الصاعد نجمه ، والذي استعان فيه تِمِيشْتي بعامة أفراد قبيلته من البقّارة الذين يمتطون الجويد من الجان فصار أحدهم كالجن الذي يركب جواداً
وعلي النقيض من ذلك استعان جاموكا الأرستقراطي التوجه بوجهاء قومه وناس المركز والجماعات الصوفية المغولية وزعماء قبائل “الكازان” وبعض النِظارات الأهلية في شرق منغوليا وقوات الشعب المغولي المسلحة ..
فانتصر “تِمِيشْتي” فالكثرة تغلب الشجاعة في معظم الأحيان ..
ويشبه صراع جنكيز خان وجاموكا ذلك الصراع الذي نشب في قبيلة الرزيقات بين المحاميد والماهرية بين موسي هلال وحميدتي حيث انتصر فيه حميدتي بمساندة البشير الخان الأعظم لقبائل السودان ..

تبني جنكيزخان وثيقة دستورية حاكمة للدولة المغولية أسماها الياسق ..
والمغول مثل القحاطة يعتبرون أن الدين مفهوم شخصي، ولا يخضع للقانون أو التدخل .. لذا فليس بمستغرب إسلام أحد أحفاد جنكيزخان ويدعي بركة خان الذي وقف بشدة ضد غزو هولاكو لديار المسلمين، ومن ذلك أيضاً تحوّل أونغ خان وهو معلّم جنكيز خان إلي المسيحية النسطورية..

لعبت الكنداكات دورًا مهمًا نسبيًا في الإمبراطورية المغولية وفي أسرة جنكيزخان تحديداً حيث تولت توراكينا خاتون حكم الإمبراطورية المغولية لفترة وجيزة، لحين اختيار القائد خاقان لاحقا.

ويشير الباحثون المعاصرون إلى السياسة المزعومة التي شجعت التجارة والتواصل باسم باكس منغوليكا – السلام المغولي – أو سلام جوبا المنغولية ..
حيث تصالح تِمِيتْشِي مع قيادات التتر المتمردة أو ما يسمون “بالتَتَروس” ووقعوا هذا الاتفاق في جوبا المغولية عاصمة تترستان الجنوبية حالياً.

حاول تِمِيتْشِي في أواخر حياته- وفقا للمؤرخين المنغوليين المعاصرين- إنشاء دولة مدنية في ظلّ الياسق العظيم، والذي كان يحقق المساواة القانونية لجميع الأفراد، بمن فيهم جندر النساء وربما المثليين وقد ساهم في صياغته نقابة المحامين المنغوليين .

أدرك تِمِيتْشِي حاجته إلى أشخاص يمكنهم إدارة المدن والدول التي غزاها، وأدرك أيضًا أنه لن يستطيع العثور على هؤلاء المسؤولين من بين شعبه المغولي البقّاري الجانجويدي ، فالقبايل الرُحّل كقبائل الرزيقات والمحاميد عندنا في السودان والتي ينتمي إليها دقلو إخوان لا يمتلكون خبرة في إدارة المدن حيث رُوِيَ أنّ أحد قادتهم وقف يوماً في جمع بمدينة الخرطوم متسائلاً “الخرطوم دي حقت أبو منو ..؟” وكان ذلك مثار عجب وسخرية لكل الشعوب المنغولية بجمهورية السودان الانتقالية.

وثق تِمِيتْشِي في جنرالاته ثقة مطلقة، بمن فيهم سوبوتاي، وجبه نويان، ومكالي، واعتبرهم مستشارين مقربين، ومنحهم الامتيازات تماماً مثل دقلو إخوان توقع جنكيز خان ولاءً راسخًا من جنرالاته، مقابل منحهم كثيراً من الاستقلال الذاتي في اتخاذ قرارات القيادة ورفْدِهم بالرتب السنية في قوات الدعم المغولي السريع (وتختصر بقُدْمس) وذلك من دون أن يدرسوا في أي أكاديميات عسكرية وأجري لهم جراياتٍ عظيمة كالجبال من الذهب والفضة ..

منع تِمِيشْتي جنوده من النهب والسلب والاغتصاب دون إذنه، وقام بتوزيع الغنائم الحربية على المحاربين وعائلاتهم بدلا من الأرستقراطيين،وبهذا حصل على لقب «خان»، بمعنى «السيد»—إلا أن أعمامه كانوا أيضا ورثة شرعيين للعرش، وقد أدى هذا الأمر إلى حصول عدد من النزاعات بين قادته ومساعديه وآخرهم كان موسي هلال خان المغولي

وكان تِمِيتْشِي يُكافئ أولئك الذين يظهرون له الإخلاص والولاء ويضعهم في مراكز عليا، ومعظم هؤلاء كانوا ينتمون إلي عشائر صغيرة قليلة الأهمية والمقدار أمام العشائر الأخرى وبعضهم يأتي من جمهورية بوركينا داقلو المغولية المجاورة
كما أنّ جيش جنكيزخان كان أقرب في شبهه لقوات حرس الحدود والجنجويد منها إلي جيش نظامي مهني ..

سرعان ما وقع جنكيز خان، بعد بروز إمبراطوريته كقوة عظمى، في نزاع مع أسرة جين الشوجينية، وأسرة زيا الغربية التغوتيّة، حكّام شمال الصين،وهذه أشبه لحروب الدعم السريع مع قوات مناوئ وجبريل وتدميره لقوات الأخير في قوز دنقو ..

وواصل تِمِيتْشِي خطته في التوسع على حساب جيرانه، فبسط سيطرته على منطقة شاسعة من إقليم منغوليا، تمتد حتى صحراء جوبي، حيث مضارب عدد كبير من قبائل التتار،
ثم دخل في صراع مع حليفه رئيس قبيلة الكراييت، وكانت العلاقات قد ساءت بينهما بسبب الدسائس والوشايات، وتوجس «أونك خان» زعيم الكراييت من تنامي قوة تيموتشين وازدياد نفوذه؛ وكان الظفر في صالح تِمِيتْشِي سنة (600 هـ= 1203 م)، فاستولى على عاصمته قراقورم تنطق حالياً الخرطوم وجعلها قاعدة لملكه.
وأصبح تِمِيشْتي بعد انتصاره في تلك المعركة أقوى شخصية مغولية، فنودي به خاقانا، وعُرف باسم «جنكيز خان»؛ أي إمبراطور العالم.
ودخل في طاعته الأوريغوريون والجانجويد المغوليون والتتار . وقدّم إعفاءات ضريبية للشخصيات الدينية، وزعماء القبائل وكذلك للمعلمين والأطباء وأساتذة الجامعات المغولية واشتري تِمِيشْتي بكاسي دبل قبينة لكل زعماء القبائل المغولية

من مقولات جنكيز خان الخالدة:

ليس كافيًا أن أكون ناجحًا، كل الآخرين يجب أن يفشلوا».

أنا عقاب الرب…. فماذا فعلتم لكي يبعث الله عليكم عقاباً مثلي».

وفي التاريخ حكمٌ وعبرٌ .. وسلوي ..

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x