العمالة المُستغلة..!!

العمالة المُستغلة..!!

إليكم
الطاهر ساتي

:: ﻭﻣﻦ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ، ﻏﺎﺏ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ ﻋﺎﻣﺎً ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻐﻴﺎﺑﻪ ﺃﺣﺪ، ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻏﺎﺏ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻳﻮﻣﺎً ﺷﻌﺮ ﺑﻐﻴﺎﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، وهذا يعني أن ﺎﻟﻤﺮﺀ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻓﻲ الحياة ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻤﻨﺼﺒﻪ.. عمال النظافة بالخرطوم يتظلمون، ليس منذ الاثنين الفائت، حيث أعلنوا فيه إضرابهم عن العمل، بل يتظلمون منذ أكثر من خمس سنوات، ولا يشعر أي مسؤول بما يشعرون، ولا يستمع لمطالبهم أحد..!!

:: فالبسطاء لا يطالبون بالسلطة والثروة مثل نشطاء المرحلة وعساكرها، بل بعض الحقوق.. على سبيل المثال، يطالبون بمراجعة عقود العمل، وهي عقود ظالمة، تحرمهم من حقوق العامل التي ينص عليها قانون العمل، بحيث لا تشملهم (المنح) ولا أجور العطلات.. والمؤسف للغاية، لا تغطِّيهم مظلة التأمين الصحي، رغم أنهم أقرب الناس إلى بؤر الأمراض والمخاطر الصحية.. ولا تشملهم مظلة التأمين الاجتماعي..!!

:: هي عمالة مُستغلة ومسماة بالمؤقتة، أي غير مستوعبة في الخدمة العامة مثل الذين إعادتهم حكومة حمدوك، والذين تعيدهم حكومة البرهان حالياً.. مؤقتة، رغم أنهم من يعمل في هذه المهنة مُنذ سنواتٍ، أي تجاوزوا الأشهر الثلاثة التي يجب أن يكون بعدها للعامل رقماً وظيفياً مع كل حقوق الخدمة.. ليس لهم حقوق ما بعد الخدمة ولو عملوا نصف قرن في نظافة الشوارع، ولأنّهم بلا أحزاب وبلا سلاح يتم (استغلالهم)، بحيث يكونوا كالأرقاء..!!

:: عمالة بهذا الوضع البائس مُطالبة بإزالة أربعة آلاف طن يومياً من شوارع الخرطوم.. رسوم النفايات التي تتحصلها محليات الخرطوم من المنازل والمؤسسات بالمليارات.. ورسوم إعلانات الشّوارع والكباري التي تتحصّلها محليات الخرطوم من شركات الإعلان بالمليارات.. والعوائد ورسوم الأسواق والمتاجر والملاعب والحدائق وغيرها، بالمليارات.. ومع ذلك تعجز المسماة بالحكومة عن حماية حقوق عمال النظافة..!!

:: فالسواد الأعظم منهم يعمل بنظام الورديتين (ليعيشوا)، وهذا يُعرِضهم إلى المخاطر الصحية، علماً بأنهم خارج مظلة التأمين الصحي.. كل ولاة السودان يتحدثون عن تطوير العَمل في مجال إصحاح البيئة، ولكن لن يتطوّر العمل في هذا المجال ما لم تخرج حكوماتهم من نظافة الشّوارع والأسواق، وتدع أمر النظافة للقطاع الخاص وشركاته.. ومن المُعيب أن تغرق الحكومة في برميل نفايات..!!

:: ناشدنا كثيراً بأن تكتفي الحكومة بالتشريع والمراقبة والمحاسبة، ثم تدع التشغيل للقطاع الخاص، كما تفعل حكومات دول العالم.. ما الذي يمنع بأن يكون عطاء نظافة كل مدن السودان الكبرى وتدوير نفاياتها عطاءً عالمياً؟.. فالكون يضج بشركات النظافة العالمية والإقليمية المتخصصة وذات الخبرة والتجارب المثالية.. استجلبوها، كما تفعل الأنظمة الواعية التي لا تهدر طاقتها في كنس الشوارع و(غرف البلاعات)..!!

:: نعم، كل المطلوب هو تقزيم مهام الحكومة بحيث لا تتجاوز تشريع القوانين ثُمّ تطبيقها بالعدل والمساواة، مع توسيع مهام القطاع الخاص.. وليس في مجال إصحاح البيئة فقط، بل في كل مَرافق الخَدمات ومواقع الإنتاج، ما لم يتم تقزيم سلطة الحكومة وتقوية سلطات المُجتمع (القطاع الخاص)، فلن يرتقي الشعب بحيث يتجاوز طموحه الأكل والشراب والتكاثُر في أحياء خالية من النفايات..!!

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x