الردوم فردوس السودان المفقود

الردوم فردوس السودان المفقود

ضل الغيمة

الفاتح بهلول

تعد محمية الردوم ثاني أكبر محمية طبيعية بأفريقيا حيث تقع بالجزء الجنوبي الغربي لولاية جنوب دارفور بمسافة تبعد عن نيالا تقدر حوالي 177 ميل على الحدود مع دولة جنوب السودان و جمهورية أفريقيا الوسطى حيث تم إعلانها كمحمية طبيعية في العام 1981، وتتميز الردوم بحياة برية نادرة تحتوي على الفهود و النمور والأسود و أنواع شتى من الغزلان والزواحف علاوة لأنواع نادرة من الطيور حيث ساهم على ذلك المناخ شبه إستوائي بأجواءه الماطرة التي تتراوح نسبتها مابين 800_ 100 مليمتر الأمر الذي يتسبب في إرتفاع نسب الرطوبة لتتراوح مابين 57 _ 56 ‰ إضافآ إلى الغابات الكثيفة ذات الأشجار العالية بمساحات تقريبية تقدر بحوالي 13971 كيلومتر أو 3,091،200 فدان…

وهذه الخصائص جعلت من الردوم موردآ إقتصادي له أهميته بالنسبة لجنوب دارفور بل للسودان بصورة أشمل من خلال منتجاتها البستانية وما تجود به أراضيها الخصبة من زرة ودخن وحبوب زيتية، الأمر الذي جعل العديد من مناطقها تشهد تنافس تجاري كبير خلال تسعينيات القرن الماضي ببعض المناطق خصوصآ مناطق عردة حيث قيل عن سوقها (عردة الما سواقو قلبو ما بردة ) كناية عن أنواع البضائع التي ترد إلى السوق من ام رمان و نيالاو وبعض دول الجوار فضلآ عن العمود الأخضر و جويقين و ودهجام وغبيبيش لكن بفعل الحرب اللعينة التي دارت بالمنطقة خلال العام 2004 إطر العديد من السكان إلى الهجرة إلى حيث معسكرات النزوح التي ظلوا بها إلى يومنا هذا وعلى خلفية ذلك شهدت المنطقة بأن تراجع ملحوظ في مجالات الصحة والتعليم و الخدمات مما كان سببآ في تدني الإنتاج

ظلت الردوم على هذه الحال حتى أن أخرجت أرضها أثقالها من معدن الذهب الذي جعل من المنطقة أن تكون قبلة للمعدنين التقليديين الذين يمموا صوبها في أكبر عملية هجرة تشهدها المنطقة ليتم إعلان الردوم منطقة تعدين اهلي خلال العام 2014، فلقد توالت عمليات التوسعة للمناجم حتى بلغ عددها 13 منجم بمتوسط إنتاج تجاوز 13 الف جوال حجر في اليوم بواقع 3 جرام للجوال لكن بالرغم من هذا الخير الوفير ظلت الردوم مصدر نعمة للكثيرين من شركات تعدين وتجار ومن يقومون بإدارة هذه المناجم، وفي ذات الوقت فإن المنطقة قد إزدات بؤسآ على بؤسها بسبب فقدها لجميع مقومات التنمية التي بمقدور ما يستخرج من باطن أرضها أن يحيلها إلى جنة فيها من كل الثمرات تجري الانهار عزبى من تحتها.. وأن تكون دور العلم مشيدة على أحدث طراز لكن في حقيقة الأمر وفي اللحظة التي أن يقرع الجرس مناديآ يلا اولاد المدارس سيرو والسودان سهلو .. يلا شخبتو في الكراريس أكتبو الواجب وحلو- نجد أن طلاب الردوم يسارعون إلى إفتراش الأرض ليتلقوا دروسهم فأي بؤس واي ظلم الذي وقع على هذه الفردوس؟. إنه سوء الإدارة الذي بات احد المهددات التي تبدد الموارد و تجعل منها هباءآ منثورآ.. فلم تتمكن الردوم بأن تصحو من غفوتها هذه لتجد أن مشفاها الوحيد قد اعيد تأهيله وتم دعمه بالكوادر الطبية والأجهزة المعملية الحديثة تم إستجلابها لتداوي مرضى هذه الجموع الغفيرة التي من كل حدب نسلت إليها…
إذآ هذا التبري قد صار للردوم نغمة وليس نعمة!! كيف لا؟؟ وأن المنطقة تظل في حالة إنقطاع تام خلال فترة الخريف حيث لا طريق مسفلت قد شيده عائد الذهب ولا جسر أقامه !!. كيف لا؟ و أن الحياة البرية قد باتت مهددة بفعل أعمال التوسعة بمربعات التعدين دون المراعاة للقيمة الحقيقية لهذه الحياة التي تمثل موردآ سياحي غير ناضب بينما الذهب موردآ قد ينفذ في أي وقت كيف لا؟؟ وأن الثروة الغابية تشهد أعمال قطع جائر قد يتسبب في تغيير المناخ ويقلل من نسب تساقط الامطار بسب هذا التعدين، أحسب أن إعادة النظر في هذه المناجم أمر حتمي لتتمكن الردوم من المحافظة على هذه البيئة الساحرة و الإستفادة من عائدات الذهب عبر برامج المسؤلية المجتمعية التي تعود للمنطقة بالتنمية والإستقرار..

هنالك مفارقات بشأن ذهب الردوم وهي أن هنالك ثلاث شركة عاملة وهي الشركة السودانية للموارد المعدنية وهي الموكل إليها خصم حصة الدولة بإعتبار أن الذهب ثروة قومية وهذه الشركة تتحصل على نسبة الدولة في شكل حجر بعد أن. يقوم المعدنيين بإستخراجه لتقوم الأخرى بخصم حصتها وشركة الجنيد و الفطيم !! هتان الشركتان ظلتا تعملان لفترة ليس بالقصيرة لتحدثا نقلة إقتصادية على المستوى الشخصي من متبقي الكرتة بصورة حصرية وفي ذات الوقت تظل الردوم التي لم تتحرك قيد أنملة من محطة التردي في الصحة والتعليم لا سيما خدمات التنمية من طرق وموارد مياه لنطرح بعض الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة أليس هنالك بروتكل مابين الحكومة بإعتبارها المسؤل الأول عن هذا المورد و الشركات تلك التي يقتضي الأمر عليها بتنفيذ مشاريع تعود بالفائدة لأهل تلك المناطق أم أن ليس من حق المواطن الإستفادة من عائدات هذه الموارد لتعود الفائدة إلى من هم ليس بأهل لها بينما يظل المواطن يقاسي المرض والجهل والفقر؟؟.. ماهي النسبة التي خصصتها الشركات كمسؤلية ملقاة على عاتقها تجاه المجتمع واين تورد هذه النسب و من هو المستفيد؟؟ إلى أي مدى تنظر الحكومة للوضع المتردي الذي يعيشه إنسان الردوم احسب أن الظلم والإهمال كفيل بأن يجعل من الردوم فردوس مفقود لم يتنعم أهله بفيض خياراته بعد ؟؟؟…

مع تحيات
ضل الغيمة..

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x