حب تحت المطر

حب تحت المطر

بُعْدٌ .. و .. مسَافَة

          مصطفى ابوالعزائم 

حذّرت الأرصاد الجوية من أمطار غزيرة وسيول محتملة خلال الأيام القليلة القادمة ، تواجه بعض الولايات ؛ وأذكر أنني كتبت قبل عدة سنوات مقالاً عن الخريف ، وقد بدا لي أن ما كتبته آنذاك بعنوان « السودان والخريف » وربط الإسم والموضوع برواية الأديب المصري العالمي الراحل الأستاذ نجيب محفوظ «السمان والخريف» الصادرة عام 1962م ، بدا لي أنه وجد الكثير من الإستحسان ، وقد لمسنا ذلك من خلال الرسائل الإلكترونية ، والقصيرة «إس إم إس» والمحادثات الهاتفية أو المباشرة من الزملاء والمعارف والأصدقاء و«أصحاب العمل» الذين هم قراء هذه الزاوية أو متابعي ما يُنشر فيها .
أول المشيدين كان زميلنا الصحفي والكاتب المعروف الأستاذ معتصم طه محمد أحمد ، الذي هاتفني مباشرة ، ونقل إليّ فحوى حواره مع الصحفي والكاتب المتميّز ، صاحب المفردات الرشيقة الأستاذ عادل إبراهيم حمد ، والذي هاتفني هو بدوره ونقل إليّ ما دار بينه وبين الأستاذ « معتصم طه » حتى أنني مازحت الإثنين بأن الأستاذ « معتصم » ربما تذكر طريقة الكتابة والأسلوب السردي للشهيد محمد طه محمد أحمد .
ورسالة أخرى قصيرة من قارئة متابعة لكل ما تنشره الصحف من مقالات طويلة أو قصيرة ، حول ذات الموضوع والتي تطالب من خلالها بـ « الإنسجام » بين المواطن والمسؤول عن الإصلاح بغض النظر عن « الميول السياسية » التي ضاعفت من مشاكل البلاد ، مما جعل أكثرهم مجرد «ناقدين و ناقمين » فقط لكننا لا نسهم في الإصلاح ولو بقدر ضئيل .. ونحن قطعاً نتفق مع القارئة الحصيفة في ذلك.
لايمكننا إستعراض كل الرسائل حول هذا الموضوع، لكننا أردنا أن نشير إلى أن «الخريف» إرتبط كثيراً بالأدب ، ليس في السودان أو مصر ، أو وطننا العربي الكبير أو عالمنا الإسلامي الواسع فحسب ، بل في كل الدنيا ، فهناك رواية عالمية من روائع الأدب العالمي للكاتب النمساوي «ستيفان تسفايج» «نوفمبر 1881 ـ فبراير 1942م» ذي الأصل اليهودي وهو من أبرز كتاب أوروبا الباحثين والدارسين لحياة المشاهير من الأدباء ، والرواية التي نقصدها هي «عاشقات في الخريف» .
وهناك رواية « ليلة خريف » للكاتب الأكبر شهرة « مكسيم جوركي » ، وفي الأدب الكاريبي نجد إحدى أجمل روايات الصحفي والروائي والكاتب الكولمبي العالمي الذي رحل قبل فترة قصيرة عن عالمنا «غابرائيل غارسيا ماركيز» ، وهي رواية « خريف البطريق » ، هي رواية تعكس روح الجهل والتسلط لدى بعض الحكام الذين لا يرون إلا ما يتخيلونه إلى أن يفاجئهم الموت وهم غافلون.
في أدبنا العربي رواية أخرى للراحل «نجيب محفوظ» ارتبطت بالخريف هي «حب تحت المطر» التي تحولت إلى فيلم سينمائي أضيفت فيه «الألف واللام» لإسم الرواية الأصلية ليصبح : « الحب تحت المطر » .. وفي السياسة هناك كتاب من أعظم ما كتبه الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسين هيكل «خريف الغضب» الذي حلل فيه من واقع تاريخي ومعلوماتي ، أسباب ودوافع اغتيال الرئيس المصري الأسبق المرحوم محمد أنور السادات ـ رحمه الله ـ الذي أغتيل في خريف عام 1981م وتحديداً في يوم السادس من أكتوبر ذلك العام ، في ما عرف بحادثة المنصة .
في السودان ، حاول الراحل عبد الرحمن مختار أن يؤرخ لفترة سياسية سودانية محددة من خلال كتاب أصدره لكنه لم يجد الرواج المطلوب ، حمل إسم «خريف الفرح» كأنما هو «مقابلة» مع «الغضب» في حين أن «الغضب» يقابله «الرضا».
أما في الأهازيج والغناء ، فحدث ولا حرج ، خاصة عندنا في السودان ، لإرتباط فصل الخريف بتحسن درجات الحرارة مع وجود غيوم تحجب الشمس وحرارتها العالية ، لذلك غنى الصغار: «يا مطرة صُبّي صُبّي» وغنى الكبار: «هجرة عصافير الخريف» و : «يا مطر عز الحريق» وغيرها .
الناس عموماً يسعدون بالمطر والخريف ، وكذلك الحكومات إذا كان معدل الأمطار عادياً أو فوق المعدّل بقليل بحيث لا يصل إلى مستوى أو درجة الكارثة.
أما أحدث نكتة خريفية أطلقها خفيفو الظل هذه الأيام ، فإنها تقول إن الحكومة رصدت مجموعة من قيادات المعارضة يعملون على حشد عضوية أحزابهم خارج المدينة ، ويستحثونهم لأداء صلاة الإستسقاء.. !
في هذه الأيام المباركة ، الكريمة نسأل الله العظيم بمثل ما سأله به نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند هطول المطر ونزوله: «اللهم صيّباً نافعاً».. وبعد نزوله «مطرنا بفضل الله ورحمته» وعند شدة المطر والخوف منه : «اللهم حوالينا لا علينا ، اللهم على الآكام والظروب وبطون الأودية ومنابت الأشجار».

Email : sagraljidyan@gmail.com

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x