المليشيا .. تتسلل من جوبا

المليشيا .. تتسلل من جوبا

ما وراء الخبر
محمد وداعة


اختتمت عدد من القوى السياسية المدنية فى جوبا اجتماعات تشاورية بهدف التوصل الى رؤية لوقف الحرب و تحقيق السلام الشامل ، وهى (الكتلة الديمقراطية ، قوى الحراك الوطنى ،الحركة الشعبية / الجبهة الثورية ، تجمع قوى تحرير السودان ، الطرق الصوفية ، الادارة الاهلية و مجلس الكنائس السودانى ) ، و بالرغم من ان البيان الختامى لم يتطرق الى تكوين آلية للتواصل مع مجلس السيادة و الجيش و الدعم السريع و القوى السياسية و المدنية الاخرى ، الا ان الاستاذ معتز الفحل وفقآ لراديو دبنقا قال ان ( الاجتماع خلص لتشكيل آلية مصغرة للتواصل … الخ )، كما اشار الفحل الى ان عدم تضمن الرؤية لاى ادانة لاى طرف فى الحرب لان الرؤية تهدف للتوصل لحل و المضى الى الامام و الاستماع لجميع الاطراف ، و كانت ثالثة الاسافى قول الفحل ( تضمنت الرؤية انخراط الاطراف فى عملية سلام شامل بما فى ذلك الترتيبات الامنية النهائية بالتزامن مع مناقشة القضايا السياسية المتعلقة بجذور الازمة السودانية بغية تاسيس دولة مدنية ديمقراطية و بناء جيش قومى و مهنى واحد بعقيدة عسكرية واحدة يعكس التنوع و الثقل السكانى .. الخ ) ، و على الرغم من اشتمال البيان على فقرة ( التحضير للمؤتمر الدستورى ) ، الا ان الصياغة اوردت ذات قضايا المؤتمر الدستورى بفقرات منفصلة ، وهى ( نظام و شكل الحكم ،اصلاح المؤسسات العسكرية و الامنية و المدنية ، قضية الهوية ، العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية ، العقد الاجتماعى ) ، و لم يتطرق الحديث عن الدستور الى آلياته او طريقة اجازته ، وهل هو مسؤلية مؤتمر الحوار السودانى – السودانى، ام هو من صميم اعمال المؤتمر الدستورى ؟
فى تقدير كاتب هذه السطور فان مخرجات جوبا تمثل تراجعآ كبيرآ و خطيرآ عن اعلان بورسودان الذى انتجته نفس القوى التى اجتمعت فى جوبا ، حيث تضمن اعلان بورسودان موقفآ داعمآ للقوات المسلحة فى القيام بواجبها الدستورى ، و اشتمل على ادانة واضحة لمليشيا الدعم السريع و جرائمها ، و ربط انهاء الحرب بانهاء دور المليشيا العسكرى و السياسى و المالى فى مرحلة ما بعد الحرب ،
ما جرى فى جوبا يمثل حالة تسلل واضحة للمليشيا و محاولة للقفز فوق الانتهاكات و الجرائم التى ارتكبتها للولوج الى عملية سياسية متزامنة مع الترتيبات الامنية النهائية ، وهذا توجه سيقود الى اعادة انتاج الازمة و العودة بالاوضاع الى ما قبل 15 ابريل ، و ربما هو محاولة للتقارب مع مجموعة (تقدم ) لاتفاق الوجهتين ، بلا شك فان التوصل لتوافق سياسى بين الفرقاء يقتضى تنازلات من الجميع ، مع الاخذ فى الاعتبار ان استعادة العملية السياسية لا يعنى بالضرورة ( المشاركة ) فى حكومة الفترة الانتقالية ، و بالنظر الى اتفاق سلام جوبا فان ما جرى من نقاشات و حوارات طيلة الفترة الماضية اكد على تضمين الترتيبات الامنية و الانسانية الواردة فى اتفاق جوبا ، و مراجعة اتفاق جوبا و معالجة اختلالاته و بالذات بند المشاركة فى السلطة خاصة بعد تمرد عدد من الحركات على الاتفاق و الالتحاق بالتمرد ، معلنين الحرب على الحكومة التى وقعوا معها الاتفاق بمن فيهم مجموعة الطاهر حجر و الهادى ادريس عضوى مجلس السيادة السابقين ،
لم يعد واضحآ هل تريد هذه القوى تقديم نفسها كوسيط بين ( الطرفين ) ؟، وهل المساومة بين اطراف سلام جوبا و المجوعة المدنية التى شاركتها الاجتماع افضت الى هذا ؟ حسب ما رشح من معلومات فأن تكوين الالية (للتواصل مع مجلس السيادة و الجيش و الدعم السريع و القوى السياسية و المدنية الاخرى ) لم يكن محل اتفاق، كما ان (الاستماع لجميع الاطراف ) لا يمكن ان يكون قنطرة للقفز فوق الانتهاكات و الجرائم التى ارتكبتها مليشيا الدعم السريع و تحميلها مسؤلية الحرب و ما ترتب و يترتب عليها، هذا اعادة لخلط الاوراق ، و تجاهل لحقوق الملايين من ابناء الشعب السودانى الذين نهبت اموالهم و احتلت بيوتهم و هجروا من ديارهم و قتلوا على الهوية و اغتصبت نساءهم، بهذا البيان تضع هذه القوى نفسها فى مواجهة مع ارادة غالب اهل السودان شعبآ و جيشآ و مقاومة شعبية ،
15 فبراير 2024م

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x