الكيزان وقحت .. الدفاع عن الوطن مسؤوليتهم معا

الكيزان وقحت .. الدفاع عن الوطن مسؤوليتهم معا

تأملات
جمال عنقرة

لم استغرب كما استغرب كثيرون من طلب الدعم السريع في لقاء جدة الأخير إعادة معتقلي المؤتمر الوطني للسجون، فذلك من أهم أسباب الحرب، بل هو أعمق من هذا لو نظرنا إلى ثورة ديسمبر بمنظار عميق، وإلى نهاياتها التي اوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن، وهذا يوضحه بصورة أكثر رعاة ثورة ديسمبر الإقليميين والدوليين، واجندتهم الواضحة والخفية، وكما هو معلوم أن دولة الإمارات هي الراعي الرسمي للتغيير في السودان إقليميا، ومعها محضونتها إثيوبيا، وحاضنتهما الدولية إسرائيل، وذراعاها القويان أمريكا وبريطانيا، والهدف لم يكن أصلا إسقاط نظام الإنقاذ، فالسودانيون – حاكمون ومعارضون، مدنيون وعسكريون – تراضوا جميعا علي تغيير سلمي ديمقراطي بدأت مسيرته الجادة منذ مطلع العام ٢٠١٤م، بداية انطلاق مسيرة الحوار الوطني، واوشك أن يبلغ مبتغاه في شهر فبراير عام ٢٠١٤م، لولا أن بعض السذج من منسوبي المؤتمر الوطني، وقعوا في الفخ، وعطلوا الخطوة الحاسمة للتغيير، فقاد المتامرون الإقليميون والدوليون عبر ربائبهم من السودانيين الثورة إلى طريق الهلاك، وحدث ما حدث.
إن الهدف الرئيس لمشروع التغيير الخارجي ليس إسقاط نظام الإنقاذ فقط، وإنما إسقاط المشروع الوطني والإسلامي في السودان، وهذا ليس مشروع الإسلاميين وحدهم، ولا مشروع الإنقاذ، بل هو مشروع كل القوي الوطنية السودانية، بما في ذلك بعض القوي اليسارية والقومية العربية، التي كانت ناشطة بقوة وفاعلية في مشروع التغيير السلمي الديمقراطي، ومعلوم أن بعض هؤلاء كانوا يشاركون في حوارات التغيير السلمي الديمقراطي من داخل سجون الإنقاذ، ذلك لأنهم كانوا يعلمون أنه لو نجح مشروع الإسقاط الخارجي للانقاذ، فإن السودان كله سوف يكون مهددا بالسقوط، وهذا ما حدث.
واتخاذ الإسلاميين هدفا لهذا المشروع الخارجي، ليس لأنهم أصحاب هذا المشروع المستهدف، ولكن لأنهم يشكلون رمزية له، ثم أنهم يسهل تدوينهم، واستخدامهم هدفا للتصويب، بما يمكن أن يحسب عليهم من مآخذ تجربتهم في الحكم خلال الثلاثين عاما التي حكموا فيها باسم الإنقاذ.
والحرب التي اندلعت في أبريل الماضي، ليست حربا بين الدعم السريع والجيش كما يتم تصويرها، بل هي حرب استخدم فيها رعاة المشروع الإقليمي والدولي الدعم السريع لاسقاط المشروع الوطني السوداني، ولقد لجأوا لهذا الخيار البديل بعد فشل خيارهم السلمي، وكان الجيش السوداني الوطني القومي، هو أول حائط صد لتحقيق هذا المشروع الاستعماري التدميري، لذلك استهدفت الحرب الجيش وقادة الجيش، ولأن الإسلاميين كانوا مدركين لهذا المخطط الخطير، سارعوا بالوقوف مع الجيش رغم أنهم لم يكونوا طرفا في الحكومة التي يقودها الجيش، وكما هو معلوم أن ذات الحكومة التي خرجوا للقتال دفاعا عنها، تعتقل قادتهم في السجون، بل إن بعض هؤلاء القادة خرجوا من السجون لحشد الدعم للقتال مع الجيش الوطني دفاعا عن البلد، ودفاعا عن المشروع الوطني الذي يستهدفه المتآمرون الإقليميون والدوليون، ويصطف مع الإسلاميين وطنيون كثر يقاتلون مع الجيش، ويدعمونه بالكلمة والمال دفاعا عن المشروع الوطني.
وما يرشح الآن من تقارب في المواقف بين بعض الإسلاميين وبعض منسوبي قوي إعلان إعلان الحرية والتغيير المركزية ” قحت” وقبول بعضهم بعضا في الحوار لعبور هذه المرحلة التاريخية في عمر السودان، ليس سببه فشل المشروع الإقليمي الدولي لاستلاب السودان الذي استخدم الدعم السريع ومليشاته أداة له، لكنه إدراك من هذه القوة أن هذه المعركة تستهدفهم جميعا، وهي معركة ضد كل أهل السودان، سواء كانوا كيزان، أو قحت أو غير ذلك، والدفاع عن الوطن مسؤولية الجميع، وفي مقدمتهم قحت والكيزان، وعليهم يقع عبء ابتدار حوار شامل من أجل وطن لنا جميعا، ندافع عنه معا، نبني حاضره معا، ونرسم معا ملامح خارطة مستقبله المشرق بإذن الله تعالي.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x