حوار مع السيد رئيس مجلس السيادة البرهان- افتراضي

حوار مع السيد رئيس مجلس السيادة البرهان- افتراضي

اجراه / بروفيسور علي عيسى عبد الرحمن
رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة الأسبق
الخميس2/11/2023

في ظل العولمة وما بعدها وفي ظل الحرب ونسبة لظرف السيد رئيس المجلس السيادي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان ، فقد تم هذا الحوار الافتراضي اون لاين وكان حوارا جريئا شاملا ، يفترض أن يتم منذ أن كان السيد البرهان بالقيادة العامة ولكنه تم الان ، فإلى مضابط الحوار :

شكرا سيادة الرئيس على إتاحة الفرصة للقائكم والتحاور معكم على الرغم من ظرفكم القاهر .

مرحب بيك يا دكتور على اجراء هذا الحوار حتى تنقل عنا إلى جماهير شعبنا الوفي .

شكرا سيد الرئيس .

ولنبدأ من لقائك الاخير ، امس الأول وانت تخاطب جنودك بقاعدة وادي سيدنا العسكرية وتصدر تعليماتك وتطلق يد القادة لينفذوا ما يرونه في سبيل حسم المعارك وتحقيق النصر،هذه الرسالة يعتقد المراقبون إنها جاءت في التوقيت غير المناسب ومنبر جدة تجري مفاوضاته . ففي اي بريد انت ارسلت هذه الرسالة ؟

وهل يعتقد المراقبون أن ما يقوم به التمرد في ولايات دارفور وغرب كردفان والخرطوم من عدائيات وفي ذات التوقيت هو عمل صالح وعلى القوات المسلحة في المقابل أن تظل مكتوفة الأيدي احتراما لحرمة منبر جدة وتترك التمرد ليعيث في الأرض فسادا ، فإطلاق يد القادة هي رسالة في بريد التمرد وانصاره بالداخل والخارج بأن استئناف تفاوضنا معهم بمنبر جدة لا يعني اننا قد وضعنا ( لأمة الحرب )( أدوات الحرب) فالحرب مستمرة وبوتيرة أشد مما كانت عليه .
وكذلك هي رسالة موجهة إلى حلفائنا بالداخل بأن توجهنا إلى جدة لا يعني اننا تراجعنا عن مسرح العمليات بل أن العمليات سوف تزداد ضراوة .
كذلك الخطاب موجه إلى الميسرين بجدة بأن الطيش الذي يمارسه التمرد بدارفور وغيرها من ولايات السودان ، أثناء سير المفاوضات يجب أن يقابل بمزيد من القوة المميتة وان القوات المسلحة ليست بالضعيفة بل في احسن احوالها .

بعد هذ التسخين بالسؤال السابق لا بأس بأن نعود إلى يوم الخامس عشر من أبريل، كيف وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة ، لتصل البلاد إلى ما نحن عليه الان؟

للإجابة عن هذا السؤال لابد من الوقوف على كل محطات الدعم السريع وموقف القوات المسلحة منه وكيف رعته ليصبح قوة معينة للقوات المسلحة لا أن يبتلعها ، ولكن الطموح الشخصي لقائد الدعم السريع هو الذي أفسد المقصد الذي من أجله انشئ الدعم السريع ، فقد بذلت كل ما في وسعي وصبرنا على كل استفزازات وتحرش قيادات الدعم السريع بنا لتجنب هذه المواجهة ولتدارك الأمر وعدم الوصول إلى هذه النقطة ولكن امر الله غالب .

يقال انه قد غرر بكما السياسيون( انت وقائد الدعم السريع ) من هنا وهناك لتبلغا هذه المرحلة من نقطة اللاعودة .

غرر السياسيون بقيادة الدعم السريع وزينوا له الباطل وتوافق ذلك مع طموحه وهواه فاختار مواجهة القوات المسلحة .

وهل تعتقد أن منبر جدة يمكنه أن يعيد الأمور إلى نصابها ويرمم ما افسدته هذه المواجهة بالسودان ؟

من الصعب ترميم ما حدث ، لأن الأرواح التي فقدناها مستحيل أن تعود إلى الحياة ، وأخلاق الشعب السوداني الذي عرف بقيمه وتقاليده وانسانيته، فقد اخذت هذه المواجهة الكثير من هذه القيم ، والقيم كما تعلم هي كسب تراكمي ممتد لمئات السنين فلا اعتقد ان تعود هذه المعاني في القريب المنظور وفساد الضمير غير قابل للتعمير ، وذات ما يقال عن المنشآت العامة التي تضررت والتي بنيت من عرق المواطن السوداني فإن بناءها يحتاج إلى المزيد .

يرى الاسلاميون قسوتك عليهم إبان حكم قحت ، وعدم مبالاتك بهم الان وهم يقفون معك في خندق واحد في هذه المواجهة ، ماسر هذه الجفوة ؟

انا اتعامل مع الاسلاميين كتعاملي مع عامة السودانيين ، وما تم إبان حكم قحت إنما هي قوانين قامت قحت بتشريعها وتنفيذها دون أي تدخل من المكون العسكري ، فقد اختارت قوى التحرير معاقبة الاسلاميين على مايرونه تجاوزات في فترة حكمهم التي استمرت ثلاثة عقود ، فتلك رؤيتهم ، فهل بوسعي التدخل لمنعهم .
اما اسناد الاسلاميين للقوات المسلحة الان إنما تم بصفة فردية وهم مجاهدون اشداء لهم كسبهم في حرب الجنوب ، تعاملت المؤسسة العسكرية معهم بعد اعلان الاستنفار كافراد ولا يمكن التعامل معهم باعتبارهم يمثلون حزبا سياسيا ، فذلك يقدح في قومية القوات المسلحة وحياديتها فهي تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية ، ولذلك كثيرا ما اقول في لقاءاتي الجماهيرية بأن لا وجود للاسلاميين بالقوات المسلحة .

يقال ان منطلقك لمهادنة الدعم السريع نابع من خشيتك على نفوذه المتنامي من ناحية ومن ناحية اتخاذك له كفزاعة لكل من تحدثه نفسه للقيام بانقلاب عسكري عليك ، وفي مقدمتهم الاسلاميون .

منطلقي لمهادنة الدعم السريع نابع من التزامي بالقانون الذي شرعن وجوده وفق الأهداف المحددة ، لذا لزمت رعايته وتطويره ولكن قيادته تجاوزت هذا القانون وتجاوبت مع طموحاتها الذاتية وزين لها ذلك ، أما عن استخدامي للدعم السريع فزاعة لايخاف كل من تحدثه نفسه بالانقلاب علي ، فأنا اصلا لم أكن حريصا على الحكم لدرجة ان استعين بالدعم السريع لاستدامة حكمي والذي اصلا محدد بفترة زمنية هي عمر الفترة الانتقالية ، كما ان الانقلاب عادة لا ينجح في ظل حكم عسكري كما هو الحال في الواقع الذي احكم فيه ، لان الأجهزة الأمنية والاستخباراتية عادة ما تكون متيقظة وفي أعلى درجة من النشاط في ظل الحكم العسكري فلا تترك مجالا لمن تحدثه نفسه على القيام بانقلاب ، قد يقتلع الحكم العسكري بثورة شعبية لا انقلاب لاستحالة الانقلاب كما قلت ، واما بخصوص تقربي إلى الدعم السريع لخوفي من قيام الاسلاميين بالانقلاب ضدي ، ابدا على الرغم من انهم اكثر من تحدثهم أنفسهم على القيام بانقلاب مقارنة بغيرهم من القوي السياسية، ولك ان تتخيل بعد ان اطاحت ثورة ديسمبر بحكمهم ، فقد قاموا باربع محاولات انقلابية فاشلة بمافيها محاولة رئيس الأركان كلها قام بها ضباط اسلاميون ولكن في الحقيقة كل هذه المحاولات لم يكن تنظيم الاسلاميين ضالع فيها ، فقط اجتهادات منفردة من ضباط اسلاميين ويتم كشفها في مهدها والتعامل معها .

يصفك الكثير من المراقبين بالتردد في اتخاذ القرارات المصيرية وحتى تلك القرارات التي اتخذتها يرون انك بطئ في تنفيذها وذلك باستخدامك (تقنية الإبرة ) كما قلت في مواجهة المواقف وإدارة الدولة في الوقت الذي يمكن استخدام المسلة( ابرة كبيرة الحجم) .

من المعروف صناعة القرار مرحلة وتليها مرحلة اتخاذ القرار فالتنفيذ وعادة كما قيل ( في التأني السلامة وفي العجلة الندامة) ومن هنا تأتي عملية التريث في اتخاذ وتنفيذ القرارات .

من الواضح أن الدولة وعلى مستوى قيادتها العليا ( مجلس السيادة ) مشلولة ، فقد خرج عضوان من الخدمة وانضما بصورة او أخرى إلى التمرد وحلفائه السياسيين فكيف تنظرون إلى الأمر؟

نحمد الله بخروجهما فلو قدر لهما الوجود في هذا الظرف بالمجلس لزادونا خبالا ، فليس لديهما ما يقدمانه اصلا ومن جانبنا فهناك إجراءات تجرى لاكمال أعضاء المجلس السيادي من الأقوياء الامناء .

لماذا تاخرت كثيرا عن تشكيل حكومة تواكب الواقع العملياتي الذي يعيشه السودان لتعلنها فقط امس وبالتجزئة .

الاولوية كانت للعمليات الحربية والعمليات العسكرية تحتاج إلى إدارة ومتابعة لصيقة لذلك اثرنا الاستعانة بهؤلاء المكلفين حتى يخف ضغط المجهود الحربي وقد كان فقد
تم إعفاء بعض الوزراء وتم تعيين اخرين بديلا عنهم وذات ما يقال عن الولاة .

يلاحظ المراقبون ضعف الأداء الخارجي للحكومة ، ويصفونه بالبائس الذي لا يرقى حتى إلى درجة العلاقات العامة ، والدولة في حالة حرب وتحتاج إلى رافعة ضخمة لتفعيل علاقاتها الخارجية ، ومن مظاهر بؤس الأداء الخارجي العلاقة مع الاتحاد الافريقي ومنظمة الايغاد وبعض دول الجوار والمحيط الافريقي واخيرا مجلس حقوق الانسان ، فعلى الرغم من رفضكم لما ذهب اليه المجلس الا انه اعتمد قراراً بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان .

الدبلوماسية تقوم على قيم ومبادئ ، هذه القيم والمبادئ في اسوء حالاتها تراكمية وفي أفضلها بناء وترميم وتطوير العلاقات الخارجية ، فتراكميا لم نرث علاقات خارجية متوازنة ، وذلك في فترة النظام ما قبل الثورة ، وفي الفترة الانتقالية( حكومة الثورة ) فبدلا من أن تبذل الحكومة جهدها في ترقية وترفيع العلاقات الخارجية ، فقد غرق كل الجهاز التنفيذي في شبر موية المحاصصة والمناوشات مع أطراف سياسية منافسة خارج السلطة ، وباندلاع هذه المواجهة كان الهم الأكبر يتمثل في التصدي ووأد هذه الفتنة ، وهذا لا يعني توقف مسار تعزيز العلاقات الخارجية ، فهناك أداء دبلوماسي كبير انتظم طيلة فترة ما بعد المواجهة من قبل وزارة الخارجية وزياراتي لبعض الدول تصب في هذا الاتجاه وكذلك جهود النائب الفريق مالك عقار الخارجية وآخرها زيارة الصين الان .
بخصوص ماذكرته من مظاهر تردي العلاقات الخارجية والخاصة ببعض المنظمات الدولية والاقليمية وبعض الدول ، فمرد كل ذلك يعود إلى اننا اخترنا الانحياز إلى سيادتنا الوطنية ، وهم يريدون لنا التبعية المطلقة وجعلنا مع مليشيات متمردة على كفة واحدة ونحن الشرعية .

اذا نجح منبر جدة وتم الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم لتمكين العمليات الإنسانية، هل في نيتكم تطوير هذا المنبر ليحتضن ملف السودان بقضاياه الشاملة ؟

لا بأس اذا نجح منبر جدة في هذه المرحلة وارسى قواعد وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية وحسنت نوايا الطرف الآخر ، بأن يتطور المنبر للتفاوض حول الملفات الأخرى الخاصة بالسودان .

ولكن عمليا هل الطرفان مستعدان؟

فيما يلي القوات المسلحة فهي مستعدة وكل ما هو مطلوب ترفيع الوفد بعناصر مدنية وطرح مقترحات الحل للازمة الانتقالية ( الأمنية العسكرية والدستورية والسياسية وغيرها ) .

هذا يعني العودة للاطاري الذي يتمسك به الدعم السريع ويعتقد انه الطريق إلى الانتقال الديمقراطي وخاض من أجله حرب جلب الديمقراطية؟

كل القوات المسلحة مع الانتقال الديمقراطي ولكن السلمي ، لا عبر فوهة الكلاش ، اما الاتفاق الاطاري الذي لم ير النور وبدأت الحرب بسببه فهو يحتاج إلى ترميم ومراجعات جوهرية ، فقد جرت مياه كثيرة تحت وفوق جسر الاطاري من شأنها أن تنعكس على جوهر الاتفاق الاطاري الذي يفترض أن يكون المطية للانتقال الديمقراطي سابقا .

ولكن ماذا اذا فشل منبر جدة في مرحلته الأولى هذه ؟ ما هي السيناريوهات التي تتوقعها ؟ .

اصلا منبر جدة صمم من أجل قضايا انسانية وعسكرية أمنية وكل المؤشرات الان تشير إلى بلوغه غاياته أن شاء الله ولو قدر لبلوغ الغايات أن يتعذر فالعمليات العسكرية اصلا مستمرة ويظل خيار الحرب هو خيارنا لتحقيق الغايات الوطنية ، وكذلك ضمن السيناريوهات العمل بما يطرح من مبادرات وطنية بتجميعها وتطويرها وصولا إلى حل وطني خالص .

الا تتوقع دخول مجلس الأمن على الخط وفرض الفصل السابع سيما المادة (42) والتي نصها (إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة”) وهذا يعني التدخل الدولي .

ابدا لا اتوقع التدخل في السودان ، فللسودان اصدقاؤه بعضوية مجلس الأمن الدائمة كما له أصدقاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة ولديه أصدقاء مؤثرون على المستوى الإقليمي ، واستبعاد التدخل الدولي نابع ايضا من ان كل الصراعات الإقليمية والدولية المماثلة لم تحظ باي تدخل أممي .

هل انتم راضون عن ادائكم وأداء أركان حربكم وسلمكم في فترة ما بعد المواجهة؟

انا راض تماما عن الأداء الخاص بقيادة وتنفيذ الخطط الحربية وقد تحقق الانتصار وتم تحييد التمرد وافشال مخططاته التي شن من أجلها الحرب ، اما فيما يختص بأداء الحكومة المدنية فقد وقفنا على جوانب القصور وهذا التغيير الوزاري جزء من معالجة الموقف .

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x