عقار .. رجل المرحلة

عقار .. رجل المرحلة

تأملات
جمال عنقرة

كنت أظن أني وحدي الذي اكتشفت ملكات السيد مالك عقار رئيس الحركة الشعبية نائب رئيس مجلس السيادة المتعددة، لكنني وجدت كثيرين جدا من أهل السودان، ومن مشارب مختلفة ومتباينة، يشهدون للسيد عقار بالتميز، ويراهنون عليه للقيام بدور محوري يساعد في إخراج البلاد من الأزمة المعقدة التي دخلت فيها، بفعل بنيها أولا، ثم بأفعال المتامرين عليها من الدول القريبة والبعيدة، العربية والافريقية، والأجنبية. ولقد تجلت حكمة وعبقرية، ووطنية الملك عقار في مواقف كثيرة، ظل فيها دائما متزنا ومتوازنا، وظل في كل المواقف الحرجة يشكل رمانة الميزان.
فعندما احتدم الصراع بين المكون العسكري والمكون المدني للحكومة الذي كانت تمثله قوي إعلان الحرية والتغيير المكون المدني، كان موقف الرجل متوازنا، وبرغم أن شركائه في سلام جوبا انقسموا بين مؤيد للمجموعة العسكرية، ومنحاز لمركزية الحرية والتغيير، لكنه لم يصنف نفسه، لا مع هؤلاء، ولا مع هؤلاء، وحتى بعد ما وقعت المفاصلة التامة بعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر عام ٢٠٢١م لم يفقد الرجل اتزانه وتوازنه.
ولما صارت الحرب قاب قوسين أو أدني من الاشتعال في أبريل هذا العام ٢٠٢٣م، سعي سعيا جادا مع بعض زملائه في سلام جوبا في الكتلة الديمقراطية، وآخرين لتلافي قيام الحرب، ولما اندلعت المعركة سعي ومعه ذات مجموعته التي تمددت وضمت وطنيين آخرين للإصلاح بين الجيش والدعم السريع باعتبارهما معا في نظام واحد، دون انحياز لطرف دون الآخر، حتى أنه طلب استبعاد أحد الفاعلين من مبادرة الإصلاح لانه أعلن تاييده ومساندته للجيش، فاعتبر عقار هذا القول يفقده الحياد الذي تقوم عليه المبادرة، ولما حول الدعم السريع معركته من معركة مع الجيش، إلى معركة مع كل أهل السودان، وصار مقاتلوه يعتدون علي المواطنين الأبرياء، يسرقون أموالهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة، يقتلون الرجال، ويغتصبون النساء، أدان السيد عقار كل هذه الأفعال القبيحة، ولذلك عندما اختاره السيد البرهان نائبا له في رئاسية مجلس السيادة لم يتردد، وظلت مواقفه واضحة وأداؤه مميزا، فمنذ اليوم الأول أعلن أن الدعم السريع هو الخطر الأكبر الذي يهدد السودان، وخطره ليس عسكريا فقط، ولكنه خطر ثقافي وتاريخي وجغرافي، ببساطة خطر شامل، وهو يهدد استقلال واستقرار السودان معا، بما يفتحه من أبواب لتدخلات خارجية طامعة ومتآمرة، ورغم أنه دعا الشعب السوداني لمواجهة هذه الأخطار، لكنه أكد أن الحرب – طالت أو قصرت – لا بد أن تنتهي باتفاق، وشكك في كل مساعي التسويات الخارجية لأنها جميعها لها أجندة خاصة ليست في صالح السودان، ولا في صالح أهله، ودعا عقار السودانيين لقيادة حوار فيما بينهم، لا يستثني أحدا أبدا.
وفي تقديري أن خارطة الطريق التي طرحها السيد هي الأمثل والأقرب لحل المشكل السوداني.
البداية وقف الحرب، ويكون المدخل لذلك إعلان المبادئ الذي وقع عليه قبل ذلك ممثلو الجيش والدعم السريع، ثم حوار شامل بين كل أهل السودان لا يستثني أحدا أبدا، بمن في ذلك الحرية والتغيير والمؤتمر الوطني، ثم تشكيل حكومة كفاءات وطنية غير حزبية، تدير البلاد وتشرف علي إجراء انتخابات حرة نزيهة بعد فترة انتقالية محددة، يتراضي عليها الجميع، يختار فيها السودانيون من يحكمونهم، وأعتقد، ويعتقد كثيرون، أن السيد عقار هو الأنسب والأجدر لقيادة هذه المرحلة الأكثر حرجا في تاريخ السودان، ونرجو أن تري أسرة وأهل السيد عقار ذات ما نري ويتازلون عن اصرارهم اعتزال رب أسرتهم العمل العام نهائيا.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x