ثورة ديسمبر .. الحكم بعد المداولة “5”

ثورة ديسمبر .. الحكم بعد المداولة “5”

تأملات
جمال عنقرة

ذكرت في ختام المقال السابق أن الفريق أول ركن عوض ابنعوف آخر وزير دفاع في حكومة البشير، ورئيس اللجنة الأمنية، والذي تم اختياره رئيسا للمجلس العسكري الإنتقالي بعد إزاحة المشير البشير من رئاسة الجمهورية يوم الخميس الحادي عشر من شهر أبريل عام ٢٠١٩م، فضل حقن الدماء علي استكمال مسيرة التغيير السلمي الديمقراطي، فاستجاب لضغوط المتظاهرين، وأعلن استقالته بعد أربع وعشرين ساعة فقط.
استقالة ابنعوف لم تغير في الأمر شيئا، بل فتحت شهية كل الأطراف لتحقيق اجندتها، وظهرت كثير من التحالفات الداخلية والخارجية، وظهر لاعبون جدد كانوا يعملون في الخفاء.
قائد الدعم السريع حميدتي، كان أول من كشر عن انيابه، وكشف عن نواياه، فاستغل إستعداد قواته وجاهزيتها لتحديد الرئيس القادم بديلا، للرئيس المستقيل الفريق أول ركن عوض ابنعوف، وكان له الدور الأساسي في تقديم الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، واتفق الاثنان علي أن يكون حميدتي نائبا لرئيس المجلس، وشاركهما في هذه الصفقةعدد من السياسيين من الذين كانوا في ميدان الاعتصام، ثم بدأت بعد ذلك عمليات تصفية للعسكريين الفاعلين في المجلس العسكري، وفي قيادة الجيش، حتى لم يبق في المجلس العسكري أحد من هيئة أركان القوات المسلّحة سوي الفريق الركن شمس الدين كباشي، الذي كان قبل ١١ أبريل يشغل موقع نائب رئيس هيئة الأركان تدريب، وكما هو معلوم أن الفريق البرهان كان المفتش العام للقوات المسلحة، والمفتش العام ليس عضوا في هيئة القيادة.
وفي هذه الأثناء نشطت القوي الخارجية، فتكونت الآلية الرباعية لتتولي تسيير كل الأمور في السودان، وتكونت بليل، وفي الخفاء، وتكونت من أمريكا وبريطانيا والإمارات والسعودية، ولم يشهد ميلادها أحد من السودانيين العسكريين أو المدنيين، سوي حميدتي، الذي اختاروه ليكون ممثلا للقوات المسلحة في أي مفاوضات قادمة بشأن مستقبل السودان، ثم اختاروا ممثلين للقوي المدنية من الذين يسهل السيطرة عليهم وتوجيههم، ثم رتبوا لاستبعاد مصر تماما من مسرح الأحداث، ومهدوا لذلك بحملة إعلامية وشعبية شرسة غير مبررة، وغير موضوعية ضد مصر والمصريين، شعبا وقيادة، وصاروا يسوقون لاثيوبيا ورئيس وزرائها أبي أحمد، وفعلت مصر مثلما فعل السيد عوض ابنعوف، وقدرت أن تدع الأولوية لاستمرار التغيير، ولم تتصد لما كانت تراه انحرافا، حتى لا تنتكس مسيرة الثورة.
نواصل بإذن الله تعالى

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x