البطري..ماذا تبقى في كنانة الأحزان؟..

البطري..ماذا تبقى في كنانة الأحزان؟..

حاجب الدهشة..
علم الدين عمر..

..ليست الاناقة المفرطة ..ولا الأدب الجم ..ولا الصوت الخفيض..ولا التواضع المبهر مع الارتفاع في العلم والمعرفة فحسب ما يلفت نظرك وانت تتعامل مع الأستاذ حسن البطري..بل إنك مجبرا تنظر ما وراء ذلك لهذه التجربة العميقة التي صنعت هذه الشخصية الموغلة في السوداناوية المتمدنة ..طلبت منه ونحن داخل البص بشارع لبنان في القاهرة ذاك النهار ..والقاهرة عند البطري مدينة مختلفة ..طلبت منه أن (يربط لي الكارفتة) فعل الرجل ببساطته الأبوية وقدم لي درسا مجانيا في علم الاناقة واللطف واوصاني (بشدة) بالحفاظ على المظهر باعتباره أولى مطلوبات الإعلامي السفير ..وقد كان البطري بحق سفيرا للسودان في وجدان كل من التقاه في دروب الصحافة التي خبرها منطقا منطقا..وحجة حجة ..كان الراحل الذي لم التقه كثيرا بعد رحلة القاهرة تلك علامة فارقة في مسيرتي المهنية ..والاجتماعية وفي زاوية نظرتي للناس والأحداث من منظور البطري الراقي المهذب ..وأسلوبه المباشر البسيط وتواضعه المهيب في حضرة أبنائه وتلاميذه من ناشئة الصحفيين ..لم تكن حياة الرجل المهنية والاجتماعية صاخبة ولا معقدة ..استمد عشقه لمهنته وأهله ووطنه من فهمه العميق للحياة ..ومنه كذلك تفرع عشقه الجميل للكنانة التي خبر دروبها طالبا وعاملا وعالما..حتى اسلمه عشقه للرحيل على ارائكها الوفية …كان أستاذنا حسن البطري رجلا خفيفا ..شفيفا ..واضحا ..انيقا..سمحا..الساحة السودانية برحيل البطري تفقد رجلا كبيرا ومتقدما في وطنيته وعمله ..وتواصل مسيرة الموت في حصد الكبار ..قدرا ..ونواصل في إغفال مبدأ التوثيق والإفادة من هذه التجارب بعيدا عن رهق الكتابة اليومية التي تموت بموت الخبر والتعليق ..كان البطري مهموما بالتطوير والتجويد والمثاقفة المنقولة عبر الأجيال ..احتضن مشروعه بين حناياه الرقيقة ونثره على الدرب ..أدبا وتواضعا ..اتبع قوله العمل فما وجدناه إلا في مواضع الخير والكلم الطيب والأثر الوريف ..تصالح مع نفسه ومحيطه ..عشق أسرته الصغيرة فاتخذها محرابا مقدسا للعمل والعبادة ..ولا نجد في مقام موته إلا أن نتأدب في حضرة الأحزان ونتمثل تعزية صلاح أحمد إبراهيم…
يا منايا حوّّمي حول الحمى واستعرضينا وأصْْطَفي
كلّ سمح النفس، بسّّامِ العشياتِ الوفي
الحليمََ، العفِّّ ، كالأنسامِ روحاً وسجايا
أريحيِِّّ الوجه والكفِّّ افتراراً وعطايا
فإذا لاقاكِ بالبابِ بشوشاً وحفي
بضميرٍٍ ككتابِّّ اللهِ طاهرْْ
أنشُُبي الاظفارََ في اكتافِه واختطفي
وأمانُ الله مِنّّا يا منايا..
كلّما اشتقتِ لميمونِ المُُحيّّا ذي البشائْْر
شرّّفي
تجدينا مثلاً في الناس سائرْْ
نقهر الموتََ حياةً ومصائرْْ..
اللهم إنا نستودعك أستاذنا حسن البطري..ونشهد له بحسن الخلق وطيب المعشر ..وسماحة المسلم الحق ..لا نزكيه عليك ولا نعلم له كبيرة ..ونسألك بلطفك الكبير ورحمتك التي وسعت كل شئ ان توسع مدخله وتقبله عندك قبولا حسنا ..ولا حول ولا قوة إلا بالله.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x