التعافي بالنفسيات والقيم..(بس ما نكون فى يوم صغار)!

التعافي بالنفسيات والقيم..(بس ما نكون فى يوم صغار)!

بقلم :دكتور عبد السلام محمد خير

قال(واتساب) ولم نقل..كم من حكمة ونصيحة وروشتة ومبادرة وخريطة طريق وترياق تسامح،فضلا عن رقائق يوم الجمعة وتجلياتها!..وسائل التواصل أصبحت(فى الإيد)لا تخيب من ظن بها خيرا..فبرغم الهجوم عليها بضراوة تجد كل هذا متاحا ومتداولا،من حيث تدري ولا تدري..هل زاد الأمر الطين بلة؟!..لا حلول..المعنيون بالحلول حالهم يبدو كحال من لا يقرأ ما حوله، لا يعير الناس أذنا وهم فى انتظاره يظنون به خيرا.
على طريقة(ويأتيك بالأنباء من لم تزود)تنساب رسائل شجاعة(عبر الجوال)..إعلام غير معهود يحرك المشاكل التى تشغل الناس وتشكل إتجاها لرأي عام فى المسألة الوطنية، فلا تملك إلا أن تتمنى لو أنها شقت طريقها لمسؤول فتلهمه حلا بمصاف الحاجة الملحة لعمل فعلي مرجو لإصلاح الحال،غاية الآمال.. فهل بين(المتداولين) لهذه الرسائل(مسؤول) تستفزه كلمة حق على قارعة الطريق،فينبري لها مستجيبا؟.
أي شىء مستفز للجميع أكثر من نصيحة فى الشأن عام من عيار(بس ما نكون فى يوم صغار)!..إعتدنا أن نسمعها فى الملمات وفض النزاعات بلهجة محببة مطاعة(خليك كبير)!.. ذكرنا بها شاعر يغير على وطنه، فخرج(بعراقي وطاقية وصديري) يناجيه:
وهذا الوطن.. لمتين يصحح للمسار
وهذا الوطن متين يذوق حلاوة الإنتصار
شفتو الدمار.. بيروت سوريا بغداد قندهار
وزي ديل كتار..يا أخوانا الوصية دى.. قولا حار
بس دى وصية للرؤسا الكبار وصية للساسة الكبار
ما فيها حاجة.. مالو..مانختلف.. يمنة ويسار
بس بالهداوة وبالحوار..لا مدة إيد..لا ضرب نار
ممكن نصل حد الكجار..بس ما نكون فى يوم صغار
والله .. قدامنا هم.. أكبر من الكرسي الرحيب
وجايينا غم.. نتساوى فيهو..عدو وحبيب
دى الفرصة جات..ما نتفق..أنا وابن عمي على الغريب
بعدين كدا.. نختلف..بعد الجراحات ما تطيب
بعد الدخيل الجايي ظنو كمان يخيب
يلقانا قشطة على عسل..يلقانا كباية حليب
يلقانا فنجان جبنة فوق هباب وفى ضل الدليب
يلقانا دخان الرصاص حولنا..نسمة وهمبريب
يلقانا سودانية صاح..أيدينا فوق إيدين بعض
يلقانا فوق فد عنقريب نتحاجى فى الوحدة السلام
نتناجى فى العشم القريب..بعدين كدى النجى نختلف
بعد الجراحات تطيب..قولوا آمين.. قولوا آمين
يا الله.. تنقي السراير.. وتغير مابى نفوسنا
وعلينا تهل البشاير
وطنا.. وعزة نفوسنا.. عليهو تدور الدواير
نغير حالو العليه.. من الليلة لى باكر
فيه نعيش ونتهنى.. بعد ضايقين المراير
يخضر يابسه المكنكش.. ويغرد فوق غصنو طائر
تنداح القصيدة مفعمة بالرؤى المتفائلة..وصلتني من حيث لا أدري ضمن رسائل تعالج الوضع الراهن بطريقة مبتكرة(خارج الصندوق)..إستوقفتني نصائح حادبة من(أولاد قبائل)متعلمين تندد(بالكيمان)والعنصرية، وبمن يتباهون بقبيلة تعالج أطفالها بالخارج،ترفع العصي بدلا من رفع الجهل وفتح مدرسة ومستشفى..نصائح تترجاهم(تعارفوا)وتذكرهم أنها قرآن كريم(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)-الحجرات..القبيلة للتنافس بالقيم وبالعلم للنجاة من جاهلية حاربها الرسول صلى الله عليه وسلم(بالتى هي أحسن)..بالكلمة الطيبة(بخور الباطن).
فليسعد النطق إن لم يسعف الحال..مقولة خطرت لي والقصيدة يصدح بها شاعر مطبوع شهير مفتون بمآثر أهل البلد(حاتم حسن الدابي)..إستدعى ما يعتمل فى الصدور بمفردات قريبة من الناس..اأثار مشاعر الحضور(يا الله تنقي السراير..وتغير مابى نفوسنا..وعلينا تهل البشاير)..مفردات من جماع ما تهتف به الأفئدة،خطاب مستبشر،لا يعرف الكراهية،يتلمس نفسيات الناس، يعالج بأريحية أوجه الإنسداد فى الأفق،يتجنب التكرار،يوحد لا يفرق..هل يتشكل خطاب عام يلامس الدواخل والأصول ويستدعي اليقين والتوازن والرضا فى الناس؟..خطاب يتعالي على المحبطات،يركز على المعنويات والإيجابيات والروحانيات وما تكتنزه الشخصية السودانية من نوازع الخير والإستنجاد(بالتي هي أحسن) فى مواجهة الشدائد؟..هذا ماتوحي به رسائل إيجابية بإنتظار من يأخذ بها فتعينه، فتصلح الحال.
مواجهة الكراهية وتفعيل الحوار غاية مشتركة..كلاهما يستدعي تأسيس خطاب متصل بأصول المجتمع ويقرب الناس(نفسيا)ليتجاوبوا..هذه الغاية مطروحة عالميا،واستدعت أن تقترن الإدارة بالفلسفة لتفهم(نفسيات)البشر،فظهرت وصفة ناجعة هي(تحسيس المسؤولين)بالمشاكل التى تعصف بأعصاب الناس،ليسارعوا بالحل..الإحساس بالمشاكل المحيطة مدخل لهيبة الدولة ولإتخاذ القرار الحاسم الذى يحرك فى نفوس الناس دوافع الرضا والقناعة ليشاركوا..دراسات علم النفس أصبحت قوام الإدارة الحديثة..البعض ينادى باختيار القيادات من خريجي كليات علم النفس لعلمهم بنفسيات العاملين والجمهور!. ولأنه يتعذر توفر خريجين بالعدد الكافي إتجهت الإنظار لإشاعة ثقافة(حس بي) وسط المسؤولين.
الإدارة بالقيم،الإعلام بالمعلومات،مخاطبة الناس بلغتهم،الإرتقاء بالتعليم،رباعية تتصدر إستراتيجيات الدول لمعالجة معضلاتها..ظهور الرقمنة والإعلام الحديث بخاصيته(الفورية والحرية والإنفتاح)يعزز من هذه الرباعية،ويعلى من أهمية صوت المهموم بغيره للتصدى للمشاكل والأزمات وتشكيل رأي عام منتج..هل من تفكير فى هذا المضمار يتوفر له المسؤولون لإغتنام الفرص الجديدة فى مواجهة المعضلات المتلاحقة؟.
كان السؤال الرائج يوما(هل يقرأ المسؤولون الصحف)؟!..الآن هل يواكبون الأحداث ويوظفون لها الرقمنة والتقارب مع الناس لإستقاء المعلومات الصحيحة وإتخاذ القرار الصائب والتأسيس لدولة تتمتع بالكفاءة والهيبة ورضا الجمهور؟..هل وهل؟..هل من إذن صاغية؟

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x