مؤتمر أركويت .. الكرة في ملعب السودانيين

مؤتمر أركويت .. الكرة في ملعب السودانيين

تأملات

جمال عنقرة


فكرت أول مرة أن أجعل عنوان هذا المقال “مؤتمر أركويت .. الفرصة الأخيرة” لكنني تذكرت أن أهل السودان كلما اضاعوا فرصة، من الله عليهم بأفضل منها، وهذا من بعض أفضال الله علينا التي لا تحصي ولا تعد، وهذا يضاعف علينا المسؤولية، أمام الله، وأمام الشعب من بعده، وأمام العالم كله الذي ينتظر منا الكثير، وما يزيد من مضاعفة المسؤولية أن ما جري ويجري علينا الآن، لم يسبق له مثيل، ولم يكن يخطر علي بال أحد مهما بلغ من التشاؤم، ولعل الله يجعل في هذه الأزمة خيرا كبيرا لبلدنا وشعبنا معا.
عندما وصلتني الدعوة للمشاركة في مؤتمر أركويت للجبهة الوطنية الذي تحدد له يومي الخامس والسادس من شهر سبتمبر المقبل، لم أتردد في قبول الدعوة، ففضلا عن مقام أصحاب الدعوة العزيز، السيد الناظر ترك، والأخ الوزير بحر إدريس أبو قردة، فاسم “الجبهة الوطنية” له وقع خاص علي نفسي، وعشنا عقودا من الزمان نحلم باستعادة معاني الجبهة الوطنية، التي شكلت ملمحا مهما من ملامح النضال الوطني.
ورغم حماسي الشديد للمؤتمر، لكنني كانت تعتريني أحيانا بعض المخاوف، لا سيما وأن بعض الناشطين في المؤتمر، وبعض الداعين له كانوا يختزلون أهدافه ومراميه في معان قاصرة، إلى أن اطلعت قبل قليل علي تصريح لقائد مسيرة الجبهة وحادي دربها الناظر الهمام سيد محمد الأمين ترك، فاطمان قلبي، وايقنت أن المؤتمر يسير في الطريق الصحيح، وجاء في تصريح الناظر ترك:
“أعلن الناظر محمد الأمين ترك رئيس الجبهة الوطنية السودانية عن قيام المؤتمر العام للجبهة يومي الخامس والسادس من شهر سبتمبر المقبل في منطقة اركويت – سنكات ولاية البحر الاحمر.
وقال بان قيام المؤتمر العام يهدف إلى العمل علي بلورة رؤية وطنية جامعة بمشاركة كل القوي الوطنية السياسية والمجتمعية والأهلية دون إقصاء لرسم مسار مستقبل البلاد بحوار سوداني- سوداني – بعد هذه الحرب المدمرة ، بما في ذلك إعادة اعمار البنية التحتية وإعادة بناء البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد.
كما يهدف إلى التصدي للمؤامرات الخارجية التي تسعي لفرض ذات الرؤي وذات الشخصيات التي ساهمت في اندلاع الحرب و تدمير البلاد.
واكد الاستمرار في دعم الجيش الوطني بكل قوة حتي يتمكن من التصدي للتحدي الوجودي للبلاد.
واشار الى ان المؤتمر يهدف لمساندة أجهزة الدولة لملاحقة مرتكبي الجرائم لتحقيق العدالة و الانصاف والتعويض.
وتشمل جلسات المؤتمر العام اجازة الهيكل التنظيمي للجبهة و الإعلان السياسي المعدل وميثاق الجبهة.”
ولعل أهم ما ورد في تصريح السيد ترك أن الجبهة الوطنية السودانية مفتوحة لكل أهل السودان دون عزل أو إقصاء، وهذا هو اكبر تحد يواجه أهل السودان جميعا، فكل مشكلاتنا وازماتنا تعود إلى عدم قبول بعضنا بعضا، والسبب الرئيس لما يجري الآن هو محاولات البعض فرض أنفسهم حكاما بالقوة، وهذه لم تبدأ في الخامس عشر من أبريل، ولكنها بدأت منذ سقوط الإنقاذ عندما حاول البعض فرض وصايتهم علي الشعب، مرة بسيوف الشرعية الثورية، ومرات تحت مظلات إقليمية ودولية، وفي المقابل فإن آخرين استثمروا خلاف هؤلاء مع الجيش فاصطفوا خلف القوات المسلحة لمواجهة هؤلاء، فاتسعت دائرة الاستقطاب، واقحموا جيش الوطن في معارك بين فرقاء السياسة.
وإعلان السيد ترك فتح الجبهة الوطنية لكل أهل السودان، من شأنه أن يكسر حدة الاستقطاب، وحسنا أن جاءت الدعوة في وقت بلغت فيه الأزمة مبلغا عظيما وصار الجميع يبحثون عن أي حل مقبول، وهذه فرصة يجب أن يستثمرها الجميع.
ولا أعلم كيف يسير الإعداد للمؤتمر، ولكن الفرصة لا زالت متاحة، لاتصالات مباشرة، وحوارات صريحة، من أجل توسيع المشاركة الفاعلة في مؤتمر أركويت حتى يتمكن السودان والسودانيون من تجاوز هذه العقبة الأصعب في تاريخنا كله.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x