الملك عقار .. حكمة مسار الحل

الملك عقار .. حكمة مسار الحل

تأملات
جمال عنقرة

أكثر ما كان يميز السودان، أن به عدد لا يستهان به من بحور الحكمة في كل المجالات، وكانت قضاياه الكبير تحلها تدابير وأقوال حكيمة بسيطة، ولقد اشتهر في ذلك عدد مقدر ذاع صيتهم، لعل اشهرهم علي الإطلاق الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك، وأشهر من عرف بذلك من رجالات الإدارة الأهلية الناظر بابو نمر، والناظر دينق مجوك، ومن مشائخ الطرق الصوفية الشيخ عبد الرحيم البرعي راجل الزريبة، وشيخه الشيخ محمد أحمد راجل الكريدة، والشيخ حاج حمد الجعلي راجل كدباس، لهم الرحمة والمغفرة، والشيخ الياقوت الشيخ محمد الشيخ الإمام أطال الله عمره، وهناك السادة الثلاثة الإمام عبد الرحمن المهدي، والسيد علي الميرغني، والشريف يوسف الهندي، وقائمة السياسيين الحكماء طويلة، آخرهم السيد الصادق المهدي، والشريف زين العابدين الهندي، والدكتور حسن عبد الله الترابي، والسيد محمد إبراهيم نقد، لهم الرحمة والمغفرة، والسيد محمد عثمان الميرغني أطال الله عمره، ومن رجال الأعمال الشيخ مصطفي الأمين، والسيد فتح الرحمن البشير، والريس عز الدين السيد، ومن أهل الرياضة الحاج عبد الرحمن شاخور، والزعيم الطيب عبد الله، والجنرال حسن أبو العائلة، وفي المجال العسكري الأسماء لا تحصي ولا تعد، ويعتبر المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب اشهرهم علي الإطلاق.
القائد الملك عقار كان بيني وبينه تواصل مستمر قبل عشر سنوات تقريبا، وهو لم يزل وقتها معارضا ومحاربا لنظام الإنقاذ، وكان التواصل من أجل جمع الصف الوطني الذي يشكل بالنسبة لي الهم الأول منذ أن كنت طالبا جامعيا في سبعينيات القرن الماضي، وكان حلقة الوصل بيني وبين الملك مدير مكتبه في أديس، الأخ متوكل، ورغم أني كنت متواصلا مع كل المعارضين السياسيين والعسكريين في ذاك الزمان، ولكنني أشهد للتاريخ أن القائد عقار كان يأتي في وضوح الرؤية، وشمول النظر، بعد الراحلين المقيمين الشهيدين الإمام الصادق المهدي، والدكتور خليل إبراهيم لهما الرحمة والمغفرة.
لم التق السيد عقار عقب عودته للبلد بعد ثورة ديسمبر إلا لقاءات عامة أو عارضة، ولم أتحدث معه حديثا مباشرا، إلا الأسبوع الماضي عندما ذهبت إليه مع الأخ الدكتور محمد عيسي عليو بخصوص المبادرة الوطنية لحل الأزمة السودانية، وبرغم أني كنت أتابع كثيرا مما قاله الرجل بعد تعيينه نائبا للسيد رئيس مجلس السيادة، وكان كلامه كله محسوبا، ودقيقا، وموزونا، ومتوازنا، يعبر عن رجل دولة مسؤول، لكننا لما تحدثنا معه حول الآفاق المستقبلية لحل الأزمة، وطريقة إدارتها والتعامل مع المعطيات، والظروف، أدركت أن الرجل قد استفاد من تراكم خبرات عشرات السنين، ولم يعد مجرد شخص يتولي موقعا سياديا رفيعا، وإنما صار في مقام يضاهي مقامات كثيرين ممن عرفوا بالحكمة وفصل الخطاب من أهل السودان، من الذين أشرت لهم في صدر هذا المقال، وممن لم يرد ذكرهم من الذين يحفظ لهم الناس أقوالا، ومواقف غيرت مسار التاريخ.
رؤية السيد عقار للأزمة الحالية، ليست مجرد رؤية سياسي له موقف مع أو ضد، ولكنها رؤية زعيم وطني يهمه أن يتوحد شعبه وتعبر بلده كل جسور هذه الأزمة وترتقي إلى مقامات سامقة هي أهل لها.
بارك الملك عقار مبادرتنا، وكل المبادرات الساعية إلى حلول وطنية سودانية سودانية، تقطع الطريق أمام كثير من الحلول الخارجية الطامعة والمفخخة، ودعانا لأن نجتهد ونضع أيدينا مع بعض من أجل حل شامل يستوعب كل أهل السودان، إلا من أبي، وأن يقوم الحل علي مرتكزات أساسية اهمها الحفاظ علي وحدة وتماسك الدولة السودانية، والحفاظ علي مؤسساتها، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية التي صارت تشكل محورا مهما من محاور الوطن، ورمزا لوحدته، وسيادته، وكرامته، وتجسيد اللوحة العبقرية التي افرزتها الأزمة “شعب واحد وجيش واحد”

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x