الطريق الثالث
بكري المدني
عندما وقعت أحداث بورتسودان الأخيرة بين النوبة وبعض مكونات البحر الأحمر الأخرى وجد الفريق أول البرهان ضالته في ضابط المظلات الشرس الوليد عجبنا حفيد عجبنا سلطان النوبة العظيم ليعيد الأمور الى أوضاعها الطبيعية فالوضع في البحر الأحمر أكثر من غيره لا يحتمل أي هزات ونجح الوليد بالفعل في فترة قصيرة في ان يبسط هيبة الدولة وان يعيد للمواطن أمنه وللحياة مسيرتها ولقد زرت البورت أيامها ووجدت الضابط الوليد يمشي بين الناس وفي الأسواق وهم يطلقون عليه لقب الحاكم مع وجود والى مدني وأكثر ما لفت انتباهي هناك أمران غاية في الأهمية (الأول)ان الوليد نال تقدير مكونات البحر الأحمر من غير النوبة قبل النوبة و(الثاني)ان القوات غير النظامية الأخرى كانت في ثكناتها وليس على الطرقات إلا الجيش!
عدت من البحر الأحمر يومها وانا أحس بفخر خاص مرده ان أحد أبناء ولايتي نهر النيل استطاع أن يعيد الأمور الى نصابها فالوليد عجبنا من أبناء مدينة شندي شامة السودان ونهر النيل وهي أيضا بلد النجم الرياضي الشهير معتز كبير من قومية النوبة وغير بعيد منها كذلك مدينة الدامر حاضرة نهر النيل والتى قدمت للمريخ والسودان من أبنائها النوبة الأسطورة حامد بريمة وأحد أعرق أحياء الدامر اليوم يحمل إسم كادوقلي وليس الدوحة ولا الرياض ولا حتى الأندلس !
في التاريخ القديم يعلم الناس ان النوبة هم أصل السودان وهم أهل الشمال وفي التاريخ الحاضر القائم والمستقبل القادم يعلمون ان الذي يجمع ما بين النهر والجبل هو ما يبقي سودان اليوم واحدا وقائما ولولا هذه الوحدة التاريخية بين النهر والجبل لقامت قيامة السودان وما قعدت !
ان الوحدة التاريخية ما بين النهر والجبل تذوقتها مؤخرا في أطباق (مديدة البلح) التى قدمتها لنا أميرات من قبيلة الأجانق في زيارتنا الأخيرة لجبال النوبة رفقة الفريق أول شمس الدين كباشي ولما ابديت ملاحظتي على هذا الطعام والذي يعد من ثقافة أهل الشمال وجدت في الدلنج من دلني على وشم للنخل -شجر الشمال -على أجساد بعض كبار السن في جبال النوبة والذين يرسمونه على سواعدهم ليذكرهم دائما بالوطن الأم في شمال السودان!
ان الضابط العظيم الوليد عجبنا يقود اليوم القوات السودانية في تحالف قوات الحزم بالمملكة العربية السعودية ولديه من الخبرة والدربة ما يؤهله لتلك القيادة وأكبر وأكثر وان كنت أرى برأي وتقدير خاص ان مكان الوليد في هذا الزمان والحال هنا في السودان وليس اي مكان آخر وان الواجب درجات وواجب الأوطان داعينا اليوم للداخل أكثر من الخارج ومع ذلك نتفهم تقديرات القيادة التى دفعت بالوليد للخارج ولا نتوهم في الأمر مؤامرة على ولدنا الوليد والذي ان عاد وحكم البلاد مع آخرين بالانتخاب او الانقلاب يوما فإنه سوف يحكم بإسم السودان وليس النوبة أو الشمال فشندي التى انجبته هي السودان كله !
- نقطة سطر جديد –
الوليد ولدنا ولا مجال لزراعة الكراهية في مساحة الأرض التى تجمع ما بين النهر والجبل !
