يوم للتاريخ

يوم للتاريخ

تحبير
د.خالد أحمد الحاج

  • يوم ١٩ ديسمبر من العام ١٩٥٥م ليس باليوم العادي الذي يمكن أن يمر على ذاكرة أهل السودان مرور الكرام دون أن تكون لهم معه وقفات وتأملات عميقة، بل هو يوم تاريخي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بما حمله من تباشير بالحرية التي ظل ينادي بها شعبنا الأبي منذ أن وقع تحت نير الاستعمار البغيض، إلى أن نالت البلاد استقلالها من دولتي الحكم الثنائي (بريطانيا ومصر).
  • اليوم الذي تطلع فيه السودانيون للحرية مؤكدين على سيادتهم على بلدهم، وإدارة شأنهم بعيدا عن الوصاية الدولية، وتحفظ الذاكرة تلك الأحداث بحذافيرها، وتقدر لكل وطني مخلص سطر اسمه في هذا السفر الخالد منذ حركات التحرر الأولى التي ناهض من خلالها السودانيون الاستعمار بشتى السبل، أخشى أن أذكر بعضا من هؤلاء الأشاوس ولا يتبادر إلى ذهني الآخرون، لذا سأحاول بقدر الإمكان الحديث هنا إجمالا، مع بعض التحديد الذي يتطلبه التناول.
  • التحية لكل من عمل على رفع وعي السودانيين بضرورة نيلهم الاستقلال، وتوحيد صفهم الوطني، ليبقى تجمع المثقفين المعروف ب(مؤتمر الخريجين) من أكبر مظاهر الوعي السياسي والاجتماعي في ذلك الأوان.
  • ويكفي أن فكرة تكوين الأحزاب السودانية نبعت من هذا المؤتمر الذي أرسى مبادئ الوطنية والوعي بجوهر القضية التي توحد خلفها أهل السودان، دعوني أقول إن مؤتمر الخريجين قد ولد بأسنانه، في وقت كانت فيه الحاجة ماسة لترسيخ مبادئ التحرر من براثن الاستعمار، والتطلع لدولة ذات سيادة كاملة.
  • الشكر أجزله لجيل الاستقلال الذي كشر عن أنيابه، ووقف سدا منيعا في وجه سياسات المستعمر، حتى تكللت المساعي بالظفر بالاستقلال.
  • أجل التقدير نخص به كلا من السيد عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة نائب دائرة نيالا غرب على المقترح الذي تقدم به إنابة عن النواب الذين يمثلون الشعب السوداني، التحية له وهو ينادي بأن يصبح السودان دولة مستقلة بكامل السيادة على تراب الوطن العزيز، وتحية الإعزاز أخص بها السيد مشاور جمعة سهل نائب دائرة دار حامد غرب الذي ثنى القرار، وما نتج عنه من إجماع للنواب أكد على أن وحدة الرأي وتحديد الهدف تجعلان من المستحيل سهلا.
  • كأننا بين تلك الزمرة في الزمان والمكان، ما تزال كلمات الصمود لقادة الاستقلال من داخل البرلمان ترن، ويحرك فينا صداها شعور لا يمكن وصفه، وقد تأكد بذلك أن حركة الوعي الوطني قد اكتملت حلقاتها، وآن للسودانيين أن ينالوا حريتهم.
  • أجل التحايا للسيدين عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني والزعيم إسماعيل الأزهري والسيد محمد أحمد المحجوب والسيد مبارك زروق، ولكل من ضحوا من أجل الحرية والانعتاق من المستعمر، لهم جميعا أسمى آيات التجلة والتوقير.
  • ومع تنسمنا عبق الحرية نتمنى أن تكون المناسبة فرصة لمراجعة أسباب الفرقة والشتات وضبابية المواقف والمشاهد التي عليها بلادنا اليوم، نأمل أن يكون الاتفاق الإطاري الذي وقع في الأيام الفائتة فاتحة خير لنظام سياسي مستقر ومجمع عليه من أهل السودان، وأن تنعم بلادنا بالحرية والتقدم والرخاء، كل المنى أن يتراضى أهل السودان على برنامج ديمقراطي يرعى حقوق كافة أبناء شعبنا، ويقود البلاد إلى ما فيه الخير والصلاح، والله ولي التوفيق.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x