رسالة الي الفريق البرهان

رسالة الي الفريق البرهان

بقلم :مبارك الكودة
البحث عن إرضاء الكثرة من رعاياك أو أنتظار التوافق فيما بينهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء ، ولن تدركه أمانيكم ولا أماني الذين أردت إرضاءهم مهما فعلت ، فلن يرضي عنك الناس ولن يجمعوا عليك ولا علي شيء من عندك ، لأنهم جبلوا علي الاختلاف ولذلك خُلِقوا ، وقديماً قيل أعرف الحق تعرف أهله ، والحق هو المرجعية الأساس في هذه الدنيا ( يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلْنَٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلْأَرْضِ فَٱحْكُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ) والحق الذي أنت مطالب بإتباعه ليس عبقريةٍ من عندك ، انما هو عُرف تعارف عليه الناس من خلال تجربتهم الإنسانية التراكمية الطويلة والتي أذهبت بأهواء الناس وبزبد التجربة جفاءً ،وتركت علي الأرض ما ينفع الناس من أعراف ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) والإعراض عن الجاهلين ضرورة ، والمتتبع للمسيرة الإنسانية يجد أن الإنسان في حالة معرفية دائمة ومستمرة – والمعرفة مشتقة من العرف – فأعراف اليوم بلا شك أفضل من أعراف الأمس وإن الغد أفضل من اليوم ، وهكذا أسست التجربة الإنسانية اعرافاً وتقاليداً وقيمًا لها في الحكم واصبحت هذه الاعراف نظرية إنسانية تأسست عليها نظريات إجتماعية واقتصادية وسياسة معاصرة ٠
ليس هنالك خلافاً قط علي قيمة الحرية والعدل والمساواة والسلام وكل مكارم الاخلاق ، كما أن هنالك وسائل تعارف الناس عليها بالممارسة يديرون بها شئونهم السياسية ، فالديمقراطية ليست قيمةً في حدِ ذاتها ولكنها أفضل وسيلة لممارسة قيمة الحرية إذا توفرت لها الظروف ، ولذلك من الأوفق أن تتخذ ياسعادة الفريق من التجربة الإنسانية مرجعية لك بدلاً من هوي الرجال الذي وقعت فيه الآن ، ودعنا إبتداءً نتخذ من قيمة المساواة منصة للانطلاق إذ كل الذين يحملون أرقاماً وطنية فهم قولاً واحداً سودانيين متساوون في الحقوق والواجبات مهما كانت جرائرهم ، وليس لأي إنسان في وطنٍ ما و مهما كانت قيمته أن يتطاول علي آخر يشاركه في المواطنه حتي وإن كان هذا المواطن فساداً يمشي علي رجلين ، ثم تأتي قيمة الحرية ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وهذه الآية في تقديري منتهي إطلاقها الأعلى هو الأيمان أو الكفر بالله ، وإذا كان هذا الإطلاق متعلق بالخالق فما بالك بالذين هم من دونه ويقول تعالي ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَال ) والكافرين في هذه الآية هم الذين كفروا بالحق المطلق كقيمة ( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ )
وإذا أردت مصلحة شعبك حقاً ياسعادة الفريق فالتزم الحق في معناه المطلق في المساواة والحرية والعدل والسلام ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الإصلاح ، وهذه الأعراف والقيم أصبحت مرجعيتها بالضرورة وثائق في مؤسسة الأمم المتحدة ، وأعجب لهولاء الخواجات الذين هم بطرفكم اليوم فهل هم يقبلون أن تُمارس في بلادهم ما يأمرونا به الآن في بلادنا ، صدقني يا سيادة الرئيس أنه لن يرضي عنك اليسار إذا اتخذت من اليميبن هدفاً لإرضائهم ، كما لم يرضي عنك اليمين إذا اتخذت من اليسار هدفاً لك لإرضائهم كذلك ، وهذا هو إبتلاء السلطان فعليك بالحق سبيلا للاصلاح العام والله من وراء قصدي والهادي الي صراط مستقيم ٠

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x