منصب رئيس الوزراء تكالب على السلطة أم تنافس سياسي…!!!

منصب رئيس الوزراء تكالب على السلطة أم تنافس سياسي…!!!

تقرير :عبدالقادر جاز

يترقب الشارع السوداني إعلان حكومة تراضي تتوافق عليها القوى السياسية والمكون العسكري لاستكمال الفترة الانتقالية تمهيدا للانتقال الديمقراطي في البلاد، يرى البعض أن محل سر رأس الحية (رئيس مجلس الوزراء ) في ظل تناول وسائل الإعلام في الفترة الفائته لعدد من الترشيحات لهذا المنصب، باعتقاد أن ترشيح رئيس الوزراء تسبقه خطوات إجرائية وفقا لمعيار الكفاءة المهنية والخبرة والنظرة الفاحصة للأزمات وتشخيصها ومعالجتها، السؤال الذي يطرح نفسه ما المعيار الذي يمكن الاعتماد عليه لتحديد من يتولى هذا المنصب؟ ما تقييم ظاهرة كثرة المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء كأنه عطاء لمزاد علني… هل بالإمكان أن يعقد ذلك المشهد السياسي بعد الإعلان عنه الإجابة بين السطور التالية ؟
التجاذبات والمحاصصات الحزبية :
قال الأستاذ حسن إبراهيم فضل نائب أمين الإعلام بحركة العدل والمساواة السودانية لا شك أن معيار الكفاءة المهنية والاستقلالية والنزاهة من المحاور الرئيسية التي يجب أن تتوفر في رئيس الحكومة المقبلة، وشدد على ضرورة أن يحظى بدرجة كبيرة من التوافق ورضا الشارع العام حوله، مرجحاً في ظل تكالب القوى السياسية من الصعوبة بمكان اختيار رئيس الوزراء محل إجماع، أو اتفاق لدى قاعدة كبيرة من الشارع السياسي والمجتمعي، مؤكداً أنه بالرغم من الأسماء الكثيرة المطروحة لمنصب رئيس الوزراء سيخضع لكثير من التجاذبات، ربما تؤثر بشكل كبير على إمكانية توفر الشروط الموضوعية لاختيار شخصية قادرة على التصدي للأزمات التي تمر بها البلاد، مشيراً إلى أن حكومة حمدوك الأولى (قوي الحرية والتغيير) فرضت شروطا مهمة وصارمة لاختيار رئيس الحكومة والوزراء، سرعان ما التفت مكونات التحالف على تلك الشروط، أتوقع أن يكون منصب رئيس الوزراء خاضعا لمحاصصات حزبية ولو بشكل خفي، خاصة أن معظم الأسماء المطروحة هي قيادات في أحزاب وحركات، فضلاً عن معضلة تخطي نصوص اتفاق جوبا ووزرائها في أي حكومة مقبلة.
الخلافات والتشرزم المريع :
أكد حسن أن كثرة الأسماء المطروحة دليل على الخلافات الحادة والتشرذم المريع الذي تشهده الساحة السياسية، مضيفاً أن هذا نتاج طبيعي لعدم الوفاق وتباعد الرؤى حول مستقبل البلاد، وأردف بالقول: القوى السياسية الكل يغني لليلاه، ويرشح من يراه، في ظل انسداد حقيقي لآفاق الحل، معتبر أن تلك ظاهرة مقلقة حقيقة، مضيفا نأمل أن لا يستمر هذا الوضع طويلا، واستطرد قائلا ليس هناك اختيار أو ترشيح جدي لأي من الأسماء المطروحة، بل هي مجرد تسريبات ونقاشات دارت وما زالت تختمر، نفى أن الأسماء المطروحة محل توافق بين القوى السياسية خاصة أن بعضا منها حولها رأي باعتبار أنها تمثل أحزابا سياسية، والبعض شارك المؤتمر الوطني، مما يشير إلى أن هناك خرق لمعيار الحياد.
ردة الإفلاس :
أوضح حسن أن الاصطفاف والاحتشاد القبلي هو نتاج لانعدام المواعين الديمقراطية لاستيعاب شواغل الناس في الأمن والعيش الكريم والعدالة، مؤكداً أنه في ظل غياب الأجهزة الفاعلة القادرة على ملئ الفراغ السياسي تم اللجوء إلى القبلية والمناطقية، فضلا عن أن هذا السلوك موروث ثقيل من موروثات المؤتمر الوطني، مبيناً أن المؤتمر الوطني سيس الإدارات الأهلية، وجعلها أدوات لتنفيذ أنشطة الحزب، وبوابة لنيل الحقوق للاستقواء بها، معتبراً أن استقواء البعض بالقبيلة وترشيح أنفسهم لمنصب سياسي هي ردة حقيقية، وإفلاس وفقا للقاعدة الفقهية:(الإمارة لا تعطى لطالبها)، مضيفا أن أمثال هؤلاء هم المشكلة في حد ذاتها، وأدوات إشعالها وليسوا مدخلاً للحل.
التزمر الايديلوجي :
نفى الأستاذ علي ابو شيبة المحلل السياسي أن توجد بهذه المرحلة معايير واضحة ودقيقة تساعد في اختيار رئيس مجلس الوزراء المقبل، منوهاً إلى أن هذا يؤكد عدم وجود معايير عقلانية تكون محل تراضي ما بين كافة المكونات الوطنية، واشترط أن تكون شخصية رئيس مجلس الوزراء من ذوي الخبرة الوطنية في العمل السياسي والاستراتيجي، بعيداً عن الأيديلوجيات السياسية والفكرية، فضلاً عن إقامته داخل الوطن، واحاطته بكل الأحداث والقضايا الوطنية.
هشاشة الوعي :
أوضح أبو شيبة أن ظاهرة تعدد المرشحين تدل على هشاشة الوعي السياسي والتراضي الوطني، ومحاولة التأثير الخارجي على السيادة الوطنية، مشيراً في هذا الصدد إلى عدم وجود نظام تنفيذي قوي يدير عملية ترشيح واختيار رئيس الوزراء وحكومته في هذه المرحلة، مضيفاً أن انتشار ظاهرة الاحتشاد القبلي نتاج طبيعي لعدم وجود مشروع وطني تجتمع عليه كافة المكونات السياسية والاجتماعية بالبلاد.
منبها بأن ظاهرة الاحتشاد القبلي أدت إلى ارتفاع مستوى التفكك الانصهاري الوطني، والخروج من بوتقة المواطنة والوطن على حد تعبيره، معرباً عن فشل السياسين السابقين في توفير الحد الأدنى من التوافق، فسقط الخيار الوطني، ورفعت الرايات التي توفر لهم جزء من الحد الأدنى، مستطردا بالقول إن دل ذلك على شيء إنما يدل على تأثير بعض دول الجوار على القرار السياسي والسيادي، معتبراً أن هذه المرحلة سياسيا وشعبيا تتسم بالتمزق والسيولة السياسية من أجل العبور إلى بوتقة الانصهار والتراضي الوطني، كاشفاً عن أن ظاهرة الاحتشاد والتمثيل القبلي تشهد في داخلها تحالفات ذات مرجعيات تاريخية لأسباب متعددة، مؤكداً أن ظاهرة الاحتشاد القبلي لها ما يبررها، ولكن ليس لها من أسباب في ظل دولة القانون والمساواة والعدالة.
مراحل التراضي :
قال أبو شيبة إن تداعيات منصب رئيس مجلس الوزراء إذا أحسن الاختيار هي بداية لحل الأزمة الوطنية بإيجاد جهاز تنفيذي يدير الدولة، بجانب توحيد الجبهة الداخلية واستكمالا لمشروع الانتقال الديمقراطي في البلاد، موضحا أن تعيين رئيس الوزراء مرحلة من مراحل التراضي السياسي المكملة للتراضي الوطني، مبيناً أنه كلما ارتفع معدل الشعور بالواجب والالتزام الوطني، كلما ساهم ذلك في تعميق قضايا التنمية الوطنية والسياسية للأحزاب والمكونات الوطنية للتراضي حول رئيس الوزراء.
نبض الشارع :
أكدت الأستاذة إجلال جودة سليمان ناشطة وإعلامية أن شخصية رئيس مجلس الوزراء تتطلب الاستقلالية والدراية، لمعرفة كل ما يدور في المشهد السياسي، ويحس بنبض الشارع ومعاناته واحتياجاته، إضافة إلى المؤهلات الأكاديمية والخبرة التي تتجاوز عقلية الرجل الواحد، ودعت إجلال إلى ضرورة الخروج من نظرية انسداد الأفق، إلى الابتكار والإبداع، لإيجاد مخرج إلى سلام واستقرار بعيداً عن الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد، وشددت على ضرورة التركيز على شخصية تتوافق عليها كل المكونات السياسية، والشارع في هذه المرحلة.
التهافت :
استغربت إجلال من تهافت عدد من النساء والرجال للإعلان عن ترشحهم لمنصب رئيس الوزراء، ووصفته بالأمر المريب، باعتبار أنه تكليف وليس تشريف، وقالت ربما يكون هذا الركود مقصود، وورائه جهات حزبية، أو قبلية، ولفتت إلى أن الوطن به كوادر مؤهلة ومعروفة، وعلى الجهات المختصة اختيار من تراه مناسباً لخدمة هذا الوطن المتهالك للنهوض به إلى بر الأمان.
حرب ضروس :
اعترفت إجلال أن السودان لأول مرة يشهد اصطفاف قبلي خطير سيقود إلى تفشي العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية، مما يولد حربا أهلية ضروس، ودعت إلى ضرورة التصدي لخطاب العنصرية والكراهية، وبسط هيبة الدولة لمعالجة جراح الوطن من النزاعات والصراعات السياسية والقبلية.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x