الإذاعة والتلفزيون.. يريدونها (هنا السودان)

الإذاعة والتلفزيون.. يريدونها (هنا السودان)


بقلم :د.عبدالسلام محمد خير

رمضان كريم، يفعلها.. فاجأني من عهدته في الغربة مبشرا..بالأحضان إلتقاني هامسا كمن يذيع سرا(الإذاعة والتلفزيون..خلاص)!. ملوحا بيديه على طريقة(إنتهى البيان)!..داهمتنا الفرحه برغم إني تلقيت الخبر مبكرا وبصوت من هو(عمر الجزلي)وعلى طريقة(جاءنا الآن ما يلي)وعبرتسجيل صوتي وصلني من يوغندا قبل أن يكتسح الأسافير!.
إنها فرحة مستمع ومشاهد داهمت بلاده حرب أحالت أهلها للمجهول، لا حول ولا قوة إلا بالله.. الأمر ليس أمر مباني وأجهزة وإن علا شأنهما أكثر بعد التحرير .. الكل يحدثون عن ضمير الأمة،هوية الشعب،وجدان المجتمع.. لغة جديدة مبتكرة أهاج مكامنها المذيع الكبير عمر الجزلي لحظة أن صدح بالخبر مدويا، نصا ونطقا وروحا .. فى الأمر أكثر من نصر.. أكثر من دمعة وأغرودة على الهواء.
فى الامر إذاعة وتلفزيون كلاهما قلعة للأجيال ومنارة للطريق وذكريات لأعز أيام الناس والبلد، ونجوم يمسي المعجبون ويصبحون على سيرتهم وما قدموا من روائع الكلم ومطائب الخبر وحقائق التاريخ.. أكثر ما كان يدهشني وأنا أتلقى الخبر الأغر هو نوازع (العقل الباطن).. إني قبل ذلك بساعات كنت أقاوم الوحشة والغربة بتطواف رمضاني على شخصيات شديدة التعلق بالإذاعة والتلفزيون.. كأني أجس نبضهم لإمكانية إحتمالهم للقادم!.. لما سيعقب ساعة السحور الوشيكة، ساعة النصر.. تواصلت بشغف مع شخصيات إعلامية في الخاطر وإن تباعدت المسافات وتقطعت بنا السبل .
مدخلي للبروفسور علي شمو سيرة(الراديو) الذى أحب، وأيام إبتهالات رمضان بصوته ذاك(اللهم جملني بالعافية وزيني بالتقوى)..توقع أن تكون مذاعة الآن- ليت الإذاعة المنعتقة في شهر الدعاء تفعل..عقب الإنعتاق مباشرة أتحفني الأستاذ مكي سنادة بكلمة للبروف عن ( إسترداد رمز السودان القديم والحديث، بعد نكبة ألمت بنا جميعا وجعلتنا نتحدث عن السودان ونحن بالخارج).. الكلمة مرجع للدارسين برغم ما أفاض فيه الموثقون..أما تواصلي مع بروفسور صلاح الدين الفاضل فقد تصادف مع أجواء ما بعد مقابلة الطبيب، فأنعشت ذاكرته بسيرة يحبها، شعار فترة الظهيرة في رمضان!.. وما أدراك!..لقد أدمنت تردادها الأسافير الآن.. كأنها لسان حال.. نحن هنا.. منتصرون دائما بإذن الله..ثم ملاطفة مع دكتور عمر الجزلي حتى إنتصف الليل.. كان قد سبقني إلى(شقته)المذيع جمال الدين مصطفى المدير العام الأسبق للهيئة فأمضيا الساعات على طريقة(إلتقى جيل البطولات بجيل التضحيات).. كلاهما باغتني بالصور وكاشفني أنى كنت حضورا، ربما(مجاملة).. والحق إن ما يجمعني بهما برامجيا وإنسانيا لا يحصى، أكرم وأنعم..غادرت(جزلي) وقد هيأته الذكريات لبيان خطير كانت تنسج خيوطه في تلك الأثناء تسابيح السحر.. الله على(ألق الأسحار)- هيام مقيم منذ جعلناها سهرة رمضانية محضورة،مخرجها من هو عادل عوض،منتجتها(ملاك) تغشاها الرحمة،في التقديم من هم بروفسور التجاني حسن الأمين والدكتور عبدالمطلب الفحل ،رحمهما الله، ويس إبراهيم، المرتقب دكتورا.. وتنساب الذكريات.
والليل ينتصف في غربة وشجن اكتمل حديث الذكريات مع(جزلي)-كما كان يحلو للأستاذ(صالحين) رحمه الله،ان يناديه.. كانت سهرة ذكريات فأسميناها(دعوة على السحور)..ما تركنا شاردة ولا واردة عن تجليات مراحل النشأة والتطور ورموزها ونجومها ومشاهير العاملين والعمال.. إنتهينا إلى تأكيد ما هو مؤكد، التوثيق التوثيق وللجزلي سهم لا يضاهي.. والآن لكل سهمه.. وأول قرار رئاسي بعد التحرير كان(التوثيق).
(دعوة على السحور) يبدو انها كانت من قبيل ارهاصات الزمن الرمضاني الصحو..ففي ذات اللحظة كان(الفرسان)في الميدان يعدون لسحور تاريخي(تحرير مبنى الإذاعة والتلفزيون)..مبروك يا جماعة، الجيش يفعلها والدنيا رمضان- شهر إنتصارات..الكل يهنىء بلغته ،لا يحاكي غيره ولا المناسبة تحاكي غيرها.. فيها من الإيحاءات ما فيها.. فوجئت بأرقام على الهاتف بعد إنقطاع..بروفسور موسيقار أنس العاقب(والله إني مغمور بالفرح والسعادة..إنه عيد.. أدامه الله على أهل السودان).. بطاقة معايدة(ملحنة) تذكرك(المشاعل)تلك و(هلاوي) وقد أطل في هذه الاثناء بمعلقته الرشيقة(رمضان ثبت)مسبوقة بتلك التي أبكت القاهرة..جاءتني منه ومن غيره..إستوقفني سؤاله(يا ربي راحو الراحو مننا في عجل؟..أم نحن قاعدين بى مهل؟)..دعوته لإطلاق إهابة ليفعل(الباقون) شيئا على عجل..(النية غالبة)..فلقد فعلها فعلا من حرروا الإذاعة والتلفزيون.. لله درهم، ترددها ألسن عتقها الصوم توا.
فرحة(قروب) العاملين غامرة،تبشر بالقادم.. وقيل الكثير في الفضائية السودانية وقناة(الزرقاء).. الكل منبهر بنبرة جزلي وهو يطلقها (هنا ام درمان)!.. كأنه يحررها ..للبيان إيحاءاته، فمنهم من قالها إلهاما وإلحاحا: نريدها(هنا السودان)-عاجلا وبذات النبرة.. هذه إهابة شعب بادر بها صوت ذكي لماح تربى في كنف(كل أرجائه لنا وطن).. وكلهم كذلك..إن أهل الإذاعة والتلفزيون يريدونه تحريرا لكامل البلاد..راقني هذا الفهم.
إستوقفني الكثير،منه ما قاله حاكم النيل الأزرق (نحن مبسوطين شديد).. أسرها لقومه على الهواء تلقاء إحساس الولاية المتميز إعلاميا وثقافيا وحضورا..كان لافتا أن والي الشمالية إمتدح والى الخرطوم لما له من حضور منذ بدأت الحرب، فتذكرنا أن ولايته هي حاضنة المحتفي بهما..أما ولاية البحر الأحمر فيكفيها فخرا أنها إستضافت تلفزيون البلاد في زمن حرج ورفدته بعناصر مميزة، مذيعين وضيوفا للبرامج، إنسجاما مع عناصر المركز المؤسسين لهذه التجربة الإعلامية الفريدة التي صمدت في ظروف حرجة، لهم التحية، ولكل الصامدين،وبخاصة المراسلين فعبرهم بقينا في الصورة يوميا..ما يملأ الشاشة يقنع.
تواترت إفادات الجمهور على شاشة تلفزيون بلادهم.. خطاب عام حميم بلغة مشتركة من صنيع الإذاعة والتلفزيون- وجدان الأمة، ذاكرة الوطن.. إنها إذاعتهم و(إنه تلفزيون بلادهم) كما أفاض فيلم وثائقي عنوانه(تلفزيون السودان..أصل الحكاية) تشرفت بكتابة نصه وتولى إخراجه المخرج الماسي أبوالحسن الشاذلي،متعه الله بالصحة والعافية، بصوت متفرد لمذيع الأخبار محمد أحمد الشيخ، بمناسبة ذهبية التلفزيون2016 والآن مصادفة أعادته الأسافير للأذهان..إنه يذكر بأمجاد التلفزيون على شرف ميلاده الثاني.. حسنا، أرشيف الإذاعة والتلفزيون في الحفظ والصون طي الشبكة الالكترونية الفسيحة..رجاء أهل السودان أن يسلم الإرث كله، مكتبة الإذاعة ومكتبة التلفزيون- فأي الكنوز هما؟!.
مبروك.. المرتقب إذاعة جديدة وفضائية متألقة و(روح إعلامية) مجددة تكمل النصر وتبقى معه دائما أبدا، حرسا للحدود تعزيزا للهوية.. إنه دور منتظر لهيئة حازت شرف نسبهما معا ولها أن تفاخر بخصوصيتهما لدى الناس والبلد، وتصونها..ولله الحمد.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x