بالمحبة نحيا

بالمحبة نحيا

وجع ضُرس ،،
عبدالكريم محمد فرح

يقول إدريس جماع في رحلة النيل
والنيل مندفعٌ كاللحن أُرسلُه من المزامير إحساسٌ ووجدان
حتى إذا أبصّر الخُرطوم مُونقة وخالجته إهتزازات وأشجان

فهل يا تُرى مازالت الخُرطومُ مُونقة !؟؟
تتملكُني رهبةُ الكِتابة في ظل هذه الظروف، فهل أكتبُ عن شئٍ يخصني،!؟ …أخبار .، مسائل جوهرية .، سياسات ،. خواطر ، إدعاءات ، شوق وبكائيات ..
فما بين كوز وقحاتي وجياشي وبلبوسي ودعامي وحركة مسلحة وإنصرافي وندى قلعة، يتشظى وطني .. لكن لا مجال … ولأن الشيء بالشيء يُذكر، وأن الفعل بالفعل يُجبر، وأن الود بالود يُغفر، وأن الحيـاة للحيّ المقبل المنفتح تُزّهر، وأن النور بالنور يُكّسر، وأن السعي بالسعي يُوصل وأن الخير بالخير يُكثر وأن الجمال بالجمال يُكمل وأن الغيث إذا نزل على أرضٍ قِفار وتشبعت زهت في عين نازِلها وأدهشته !
يمر العاشر من فبراير كغيره من الأوقات التي ما فتئت إلا أن تزيد حسبة مسلسل الحرب والنزوح، بحلوله .. أسلخُ عاماً بتاركو للطيران، كاتباً وصانعاً للمحتوى، مشرفاً على تسويق العلامة التجارية وأوجه العرض.
ولعل ما يجعلُني أشعرُ بالفخرِ والأعتزاز، هو حجمُ الزخمِ الإعلامي على تاركو للطيران ونضارة هذا الأسم التجاري وصِيته الرنان. في ذاك اليوم، حين ولجتُ أرضها المقدسة أحتفوا بي أيما أحتفاء وأحتفيتُ بهم، فهذا دافعٌ يهون عليك الأمر ويسهلُ الوصول إلى الغايات.
وتاركو يقودها شبابٌ صغار السن عميقو التجارب، يعرفون كيف ومتى يعبرون بها ويصنعون الممكن والمستحيل. حيث لا تفي المساحات ها هُنا لذكرهم ولو بالتمثيل.
عامٌ تعلمت فيه معنى العمل في ظروفٍ صعبةٍ للغاية، رأيتُ بأم عيني معنّى الإخاء والتعاضد والإحترام المتبادل والثقة بالنفس..
عامٌ مضى ولكنه ليس كغيره، فقد رسخ بداخلي شعور الممكن والمستحيل فما بين الصراعات الرعناء ،، فلسفلة العمل بتأني وعُجلة .. وما بين التمركز والتحفظ .. الرعونة وسخائم النفوس .. وحكمة الإدارات وتقلب الأمور والأمزجة.
عامُ مارستُ فيه علم السوشيل الميديا تحت وطئة السلاح والتسويق الرقمي عند إشتداد التوتر والصراع، ولابد أن يكون إشتباك الأيادي بمحبة لنسمو مع علو صوّت الإشتباك.
لم أتعلم فن الكتابة بصيغ التفاؤل والحرب ضروسٌ تحمي وطيسها، لم اقرأ عن كيفية التعامل مع المسافرين وهم يحملون رسالة وداعٍ لوطنٍ جريح، ماذا سأقول لهم ،،!؟ وما هي طرق الوداع !؟ هل أدعو لهم بالعودة سالمين غانمين ؟! هل أحثهم على بداية مشوار أخر بمكان آمن يحمل الاماني ويحقق الأمنيات !؟
تتلعثم القلوب والكلمات فالمقام هنا مقامُ وطن تتشظى أواصره وشعب هدّه الشتات، وأعيته الفِرقة.
تعلمتُ في هذا العام فقط أن أودع الجميع برباطة جأش وإتزان، كانوا يودعوننا ولكننا حملنا معهم الآمرين حزناً ووداعاً ويجعلون من بورتسودان معبراً تغنينا بحديث الحب والظروف لمحمد الآمين وحلفنا بالمشاعر ..
لسه ما صدقنا إنك بجلالك جيتنا زاير
السفر ملحوق ولازم انت تجبر بالخواطر ..
بهذا العام قابلتُ كل أصناف البشر، الهاربون بلا عودة ،، الأملون العائدون ،، المضطرون للرحيل .. ربما كُنتُ فظاً غليظ القلب بين حينٍ وأخر ولكننا (زملائي وانا) كُنا بصيص أملٍ وقارب نجاة في أحيانٍ كثيرة.
شكراً تاركو للطيران شيباً وشباباً رجالاً ونساءً .. عاملين ومرؤوسين ،، مدراء ورؤساء أقسام، وأتمنى أن أحتفي معكم بأعوامٍ وأعوام ،، نكون فيها سواعد خيرٍ وسفراء محبة نحمل الوطن في حدقات العيون.
الصورة :
لطائرة شركة تاركو للطيران ST-TAD التي تضررت جداً بمطار الخرطوم من جراء هذه الحرب اللعينة.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x