المليشيا هي الذراع العسكري لقحت

المليشيا هي الذراع العسكري لقحت

ألسنة وأقلام

..

بابكر إسماعيل

في يوليو ٢٠١٩ حذّرتُ صديقاً بالقوات المسلحة من أن قوات الدعم السريع هي أكبر مهدد وجودي للسودان ويجب تخليصها من سطوة دقلو إخوان .. وتطوعت ببعض المقترحات في هذا الشأن .. طمأنني ذلك الصديق في وجود صديق آخر بأن العلاقة بين البرهان وحميدتي لا تشوبها شائبة وأنه من المستبعد جدّاً حدوث خلاف بينهما.

وحدّثني آخر أن حميدتي عندما كان يافعاً بدارفور كان قريباً من ضباط الجيش خدوماً لهم يرفل في رعايتهم وكانوا يرونه ابناً لهم وكان هو سعيداً بهذه الحظوة نشيطاً كالنحلة في خدمتهم فخوراً بها ..

وعندما اشتد ساعد حميدتي ودخل في “كار” الجندية والحماية ركب على كتف شيخ المحاميد موسى هلال وفاز باعتماد توفير مقاتلين من شباب الماهرية وقوداً للحرب ضد حركات دارفور المتمردة ..
ويبدو أن الجيش لعب على توازنات القوى بين العم وابن أخيه ففضلّوا الابن على عمّه ربما لقلة التكلفة والمطالب والخبرة ..

وسارت العلاقة مداً وجزراً بين الشاب الطموح وقادة الجيش بدارفور حتى انقلبت حياته سروراً وهناءاً عندما قابل الرئيس عمر البشير الذي سُرَّ به أيّما سرور وبإخلاصه وقدراته وقد قرّظه ذات يوم على رءوس الأشهاد:

“حميدتي دة حمايتي قلنا ليه عايزين خمسة ألف مجند جاب لينا ستة” ..

وكانت تلك سدرة منتهى أحلامه ..
وكان قانعاً فخوراً بما أنجز هو وعطاوته ..
نال رتبة عميد وتدرّج منها إلي الفريق وهو الذي لم يكمل تعليمه الأساس ولم يدرس بكلية الحرب السودانية وليس له دفعة فيها ولا ماجستير علوم عسكرية ولا يحزنون ..

وشاركت قواته في عاصفة الحزم باليمن ..
وكذا في مكافحة الهجرة غير الشرعية لأوروبا .. وكانت تلك أبواباً فتحها له الجاسوس طه عثمان مع سادته شرق البحر الأحمر وصارت للمليشيا علاقات خارجية وميسّرين بالداخل والخارج وجاسوساً ..
ومنح البشير المليشيا جبلاً من ذهب وكان الرئيس هو عتبة السلم الثانية التي صعد عليها حميدتي بعد عمه موسى هلال ..
ونمت قواته وترعرعت في عهد البشير من ستة آلاف إلى ١٦ ألف جندي وثلاثمائة عربة قتالية (تاتشر) عند سقوطه في العام ٢٠١٩.

وبعد تغيير أبريل ٢٠١٩ لاحت لحميدتي العتبة الثالثة .. صديق قديم وراعٍ له منذ عهد الصبا (mentor) تسنم قيادة المجلس العسكري وقال لحميدتي “هيت لك .. “
وفتح له أبواب المجد .. فصار فريقاً أول ونائباً للرئيس وصار الراعي القديم “حميدتي” للراعي الجديد “حمايتي ٢” كما كان لسلفه حماية له من غوائل الدهر ومتفلتيه ..
ولم يقصّر راعينا مع حميدتي فأقصى له من قيادة القوات المسلحة خيرة القادة الذين احتجّوا على ترفيع الوضيع ومنهم بكراوي ونصر الدين وآدم هرون وكثيرون غيرهم ..

صارت للمليشيا علاقات خارجية وسطوة ومال وفير أجراه على كثيرين ممن سال لعابهم رغَباً ورهَباً .. وامتلك حميدتي الدولة مالها ورجالها وفُتحت له الخزائن وكُشفت له الستر ..
وصار الحلف البرهاني المليشياوي القحتاوي حاكماً بأمر الوثيقة الدستورية يعزّون من يشاءون ويذلّون ” من يسمّونهم الفلول” ومن يشاءون لا معقب لحكمهم ولا رادّ لقضائهم ..

والراعي ما واعي في أتاريه وألعابه ..
يقضي ليله ساهداً أمام الفيسبوك يناجيهو ..
وفي الواتساب يقرأ شعر الهوى فيهو ..
ساهٍ ..
لاهٍ ..
وكلّما حذّرته استخباراته تغافل ومدّ لسانه ساخراً ..
والشيطان الجاسوس عرّف حميدتي بالشيطان السوس “الصهيوني” ..
الذي قال لحميدتي:

“هل أدّلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ..”

وحشد له القحاتة .. وشراهم بثمن بخس دراهم معدودة ..
وغيّب الإمام ..
وانكشفت عورة البلد ..

واجتمع القحاتة في يوم الشريحة عند حميدتي وأخيه تسعة رهط في المدينة يفسدون ولا يصلحون وتقاسموا مع ذراعهم العسكري لنبيّتن البرهان وأهله ثم لنقولن للشعب السوداني ما شهدنا مهلك البرهان وأهله ..
ولنقولنّ: إنّ جيش البرهان بدأ الحرب وإنّا لصادقون ..
ولكنّ كما قال الطيّب الجدّ عندما قتلت “قحت” في سجونها “الطيب الآخر “
وهو الشريف بن البدر الأنور :

“إنّ ربّك لبالمرصاد”

وبرّاؤوه ..

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x