حصاد الألسن – عبدالله مسعود..إقرأ،،،

حصاد الألسن – عبدالله مسعود..إقرأ،،،

عندما نزل الروح الأمين علي سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه ضمه ثم أرسله ثلاث مرات ثم قال له: إقرأ..رد الرسول الكريم مستفسرا أو نافيا: ما أنا بقارئ. إختلف المفسرون فيما رمي إليه سيد الخلق من ذلك الرد..فمنهم من مال إلي أن الرسول الكريم قصد بمقولته بأنه لا يجيد القراءة، ومنهم من رجح علي أن الرد إستفسار عما يريد منه الروح الأمين أن يقرأ والله أعلم.
في البدء كانت الكلمة إقرأ، ولكن ما يحز في النفس أن معظم الزملاء الذين يمتهنون الصحافة لا يقرؤون. ليس مطلوبا منهم أن يقرؤوا أمهات الكتب ولكن قليلا من التثقيف الذاتي في مجال تخصصهم هو أمر تفرضه الضرورة. الأدهي من ذلك أن كثيرين لا يقرؤون ما يكتب في صحفهم دعكم من الصحف الأخري رياضية كانت أم سياسية، يكتفون فقط بقراءة ما تسطر أقلامهم ثم تنهمر المكالمات في نرجسية مبتدعة لمن فاته الدر النفيس الكامن في أعمدتهم الرياضية. أما إذا كان العمود ينضح تمجيدا لقطب أو وجيه من وجهاء المجتمع الرياضي فالبدء به هو فاتحة المكالمات.
الأعجب من ذلك أن بعض رؤساء التحرير في الصحف قاطبة يمرون علي ما يكتب في صحفهم مرور الكرام علي الرغم من مسئوليتهم التامة عن كل ما يسطر في صحفهم. كم من خبر كاذب شان صحيفة وأقض مضجع الأهلين لأن رئيس التحرير أو من ينوب عنه لم يتوخ الحيطة والحذر فجاء نعي لشخص ينبض بالحياة، أو التطرق لحادثة لم تحدث ولم تخطر علي البال !! ولأدلل علي ما سردت سأتطرق لتجربة شخصية لي تحكي عن ذلك التسيب غير المبرر وغير المستساغ. بعد عودتي من المهجر بعد غربة قاربت نصف قرن كتبت مقالا في إحدي الصحف الرياضية بعنوان “جمال الوالي” تناولت فيه خصال ومنجزات رئيس نادي الهلال وقتها الفريق عبد الرحمن سرالختم “والي الجزيرة” وربطت بينه وبين الجمال علي نحو عام. سلمت المقال لرئيس التحرير الذي أعجب بالمقال أيما إعجاب دون أن يكمل قراءته وأصر علي أن يطبع علي الفور لينشر صبيحة اليوم التالي. رجوته أن يكمل قراءة الموضوع إذ أنني لم أفصح عن إسم الفريق عبدالرحمن سر الختم إلا في آخر المقال. لم يعبأ رئيس التحرير بنصحي فتركته وانصرفت.
نشر المقال كما هو فحمله صاحبنا إلي جمال الوالي “رئيس المريخ” وقتئذ وابتسامة عريضة إمتدت من الأذن للأذن كست محياه قائلا له: تصور ان الذي كتب عنك هذا المقال هو هلالي قح ولم يلتقك أبدا !! قرأ الأستاذ جمال الوالي المقال إلي منتهاه ورد علي صاحبنا وهو به شفيق بأن الموضوع لا يتعلق به. ذهل صاحبنا وقرأ الوضوع كاملا فقفل راجعا يبحث عني ليلومني علي ما سببته له من حرج بإتخاذ “جمال الوالي” عنوانا للمقال، وأضاف بأنه قرأ المقال كله إلا السطرين الأخيرين. قلت له: وهل أملك أن أجبرك علي أن تستبين النصح !؟ ضحك صاحبي وسألني ماذا يفعل، قلت له: إقرأ.
حاشية:
رحم الله الأخ عبدالرحمن سرالختم وأمد الله في عمر الأخ جمال الوالي.

عبدالله مسعود
دبي – الإمارات

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x