اليوم الوطني المصري بعيون سودانية

اليوم الوطني المصري بعيون سودانية

همس الحروف

الباقر عبد القيوم علي

من أعظم الروائع الأدبية الخالدة في ذاكرة الشعب المصري العظيم ، تلك القصيدة التي تعتبر ملحمة تاريخية كتبها الأديب يونس القاضي وبرع في تلحينها الملحن القدير سيد درويش فأصبحت رمزاً وطنياً مصرياً خالصاً و خالداً في القلوب يخلب الألباب و يخطف الأحاسيس المرهفة ، ليعطي المتلقي ملامح كل المصريين بكل سحناتهم في نشيد بلادي بلادي ، و الذي يعمق لمفهوم الوطنية التي منبعها القلب بدون تكلف ، و ها هو الرسم بالكلمات و العزف بالحروف في هذه الرائعة الأدبية البديعة ذات المدلول العميق و المعاني السامية التي تتشكل فيها أجمل المقطوعات الأدبية ذات الدلالات الرمزية التي تصف مصر في قلوب شعبها و تجسد فدائيته من أجل حمايتها في كل الظروف و الأحوال مدللة على عظمة هذا الشعب الجميل و الكريم و المضياف الذي نجده فاتحاً ذراعية و مرحباً بكل من يحل ضيفاً عليهم في بلادهم الجميلة .

بلادي بلادي بلادي
لك حبي وفؤادي

مصر يا أم البلاد
أنت غايتي والمراد

وعلي كل العباد
كم لنيلك من أيادي

مصر يا أرض النعيم
فزت بالمجد القديم

مقصدي دفع الغريم
وعلى الله اعتمادي

مصر أنت أغلى درة
فوق جبين الدهر غرة

يا بلادي عيشي حرة
واسلمي رغم الأعادي

مصر أولادك كرام
أوفياء يرعوا الزمام

سوف نحظى بالمرام
باتحادهم واتحادي

بلادي بلادي بلادي
لك حبي وفؤادي

مصر بخيراتها الوفيرة منذ فجر التاريخ الأول كانت محط أنظار و أطماع العالم و ما زالت ، و قد نالت من ويلات الإستعمار نصيباً أكبر من غيرها من الدول الأخرى التي تحيط بها ، و يرجع ذلك لموقعها المتميز الذي يتوسط العالم و لإرثها التاريخي العظيم ، و لعل العلم المصري يقف شامخاً ليروي لنا هذه القصص عبر ألوانه ، حيث نجده انه قد رمز لهذه الحقب الإستعمارية باللون الأسود في أسفل العلم و الذي يشير إلى تلك العصور الغابرة التي تم فيها مصادرة حريات شعبه ، حتى إستطاع بسواعد رجال مصر الأقوياء و الأوفياء التخلص من كل أشكال الإستعمار في بلادهم ، و لا يخفي علينا ورود ذكرهم في الأثر مدللاً على أن خير أجناد الأرض هم المصريين لأفضليتهم و ذلك لأنهم صناع سلام و ليسوا أمراء حرب ، و نجدهم قد دللوا إلى هذا السلام في وسط العلم برمزية اللون الأبيض ، و كما أشاروا إلى القوة باللون الأحمر في أعلاه و كأن لسان حالهم يقول : أن مصر مقبرة الغزاة و خط أحمر لكل من أراد أن يدخلها بسوء نية ، و ها هي صورة النسر الذهبي والتي يتشكل منها شعار القوة الجارحة تتوسط المساحة البيضاء في منتصف العلم و التي تستمد قوتها من السلام و البناء ، فشعب مصر بلا جدال هم أصحاب فضائل و قد وردت سيرهم في الأخبار و إتفق على ذلك كل المحدثين بدون خلاف ، و نجد أن من خالفهم في هذه المعاني إكتفى بأقل شروط القبول في علم الحديث فكانت عندهم بدرجة الحسن المقبول ، لان ذلك لا يترتب عليه شيء من الأحكام .

و بما أن معظم شعوب العالم جعلت لنفسها يوما وطنيا يمثل رمزاً قومياً و تاريخاً مفصلياً و مشهوداً يتم الإحتفال به بشتى الأشكال المختلفة التى تعبر عن مدى حبهم لبلادهم ، حيث يمثل ذلك أداةً من أدوات القياس الرمزية لوطنيتهم ، و لعل أن معظم الشعوب التى كانت تقع تحت وطأة الإستعمار إختارت يوم جلائه عيداً لها يعبر عن مدى فرحتهم بالإستقلال و نيل الحريات ، و على الرغم من إن مصر نالت إستقلالها في العام 1922 إلا إن الجيش البريطاني ظل موجوداً لحماية مصالح بريطانيا التجارية في قناة السويس و حماية الأقليات و بعض الإستثمارات حتى عام 1936 الذي تولى الملك فاروق عرش مصر و توقيع الإتفاقية الأنجلو مصرية و التي قننت لبعض القوات البريطانية بالبقاء لحماية المكاسب البريطانية في فترة الإستعمار .

أقامت سفارة مصر في الخرطوم حفل استقبال ومأدبة عشاء بفندق السلام روتانا بمناسبة العيد الوطني المصري الموافق للذكرى ال70 لثورة 23 يوليو 1952 المجيدة الذي تمكن فيه الضباط الأحرار من الضغط على الملك فاروق ليتنحي عن حكم مصر طواعة و إنهاء حقبة حكمه بكل متعلقاتها والتي كانت تشكل عبئاً ثقيلاً على حياة الشعب المصري ، ليعلن بعدها ميلاد عهد جديد تم فيه تحويل نظام الحكم إلى جمهوري ، فثورة يوليو شكلت محطة مفصلية على مسار نضال الحركة الوطنية المصرية في سبيل الاستقلال الوطني التام و التقدم ، فقد غيرت في وجه التاريخ المصري والمنطقة العربية .  و قد أصبح هذا اليوم يوماً وطنياً للشعب المصري يمثل تاريخاً فارقاً يعبرون فيه عن مدي فرحتهم و حبهم لبلادهم ، و نحن اليوم نشاركهم في هذه المناسبة التاريخية متمنيين لهم دوام الإستقرار و التقدم و الإزدهار و (تحيا مصر أم الدنيا) .

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x