بقلم : إبراهيم عربى
يتوقع ان ترفع اللجنة المكلفة توصياتها هذه الأيام لمجلس الوزراء عبر وزارة المالية الإتحادية ، بشان إختيار ﻣﻮﺍﻗﻊ ليكون ﻧﻮﺍﻩ ﻟﻌﺎصمة جديدة مستقبلية للبلاد بديلة للخرطوم . وقد حلت أم روابة ثانيا من حيث مؤشرات الإختيار ، عقب حنتوب بفارق ضئيل جدا ، وفق الدراسة التى عكفت عليها بيوت خبرة محلية وعالمية ، ﻣﺴﺘﺼﺤﺒﻪ معها ﺗﺠﺎﺭﺏ (نجيريا وﺍﻟﻬﻨﺪ وﻣﺎﻟﻴﺰﺍ) .
قالت اللجنة المكلفة انها استبعدت فى دراستها (5) من المواقع من المدن السودانية ، قبل ان تنحصر المنافسة بين مدن (الملتقى بالشمالية ،حنتوب بالجزيرة ، أم روابة بشمال كردفان) ، وفق دراسة تقييمية شملت ﻛﺎﻓة ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ (ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻄﻴة، ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﺠﻴﻪ، واستملاك اﻻﺭﺍﺿﻲ، ﻭﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺨﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ، ﻭﻧﻮﺍﺣﻲ أﺧﺮﻱ ﻋﺪﻳﺪة) ، كما شملت الدراسة ﻋﺪة ﺯﻳﺎﺭﺍﺕ ﻣﻴﺪﺍﻳﻨﻪ ﻟﻠﺠﻨة ﻭلجانها ﺍﻟﻔﻨﻴﻪ المساندة لها.
لكن دعونا نتوقف عند المسوغات التى تجعل أم روابة العاصمة المستقبلية البديلة للخرطوم ! ونتساءل حينها لماذا (أم روابة ؟) .
المدينة هى عاصمة لمحلية أم روابة، ثانى اكبر محليات الولاية بعد شيكان، وتشمل المحلية الوحدات الإدارية فى كل من (المدينة، وريفى المدينة، وود عشانا، وشركيلا) ، بينما تعتبر مدينة أم روابة بذاتها ثانى اكبر مدن الولاية عقب مدينة الابيض حاضرة الولاية، كما هى العاصمة الوصيفة لولاية شمال كردفان . وتعتبر المدينة بموقعها الاستراتيجى سرة السودان، حيث تتوسط البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا فأم روابة مدينة قديمة يعود تاريخها للعام 1912 ، عقب انشاء خط السكة حديد 1911 ، والتى تميزها عن الكثير من رفيقاتها ، وهى من كبرى وأهم المحطات الغربية، وتربطها عدة طرق مسفلتة وأخرى برية مع مدن ومناطق السودان المختلفة، سيما مع ولايات دارفور وجنوب وغرب كردفان والنيل الأبيض والخرطوم والشمالية ونهر النيل ، بينما خططها الإنجليز تخطيطا مستقبليا وكانهم ارادوا لها أن تكون عاصمة السودان المستقبلية .
وليس ذلك فحسب فان أم روابة تتميز بطبقة مياه جوفية نقية عرفت بها جيلوجيا (حوض أم روابة)، ويقال ان الحاكم العام الانجليزى اختارها مكانا للراحة والاستجمام وكانت تجلب له مياه شربه من أم روابة، ولا زالت تحتفظ المدينة بذات الطبقة العذبة النقية من المياه ، بينما فجرت الدراسة التى اعدها مهندسا سودانيا لتحويل ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺑﻄﻮﻝ (470) ﻛﻠﻢ ﺑﺪﻻً عن (1700) ﻛﻠﻢ من القطينة إلى الملتقى يشمل شمال كردفان ، سجلت هذه الدراسة عدة احتمالات وامكانات لتنفيذ مشروع الإمداد المائى لمدينة الأبيض من النيل، كخطوة تعتبر أوفر حظا لحل مشكلة مياه شمال كردفان، ويمكن أن يضيف هذا المشروع لمدينة أم روابة بعدا وامتيازا آخرا لمستقبلها ، فضلا عن توفر الكهرباء القومية ومشروع الطاقة البديلة .
ام روابة منطقة شاسعة المساحة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا بتربتها المتنوعة الرملية المتدرجة، والطينية والقردودية، تتوسطها المدينة وجميعها تحت سلطة الدولة عبر الادارة الأهلية لإمارة عموم الجوامعة، وليست مسجلة حكرا لأحد إلا بما يسد رمق أهلها من حاجتهم للزراعة والرعى وفق تنوع تربتها ، وتميزها منطقة (الباجة) الرعوية والزراعية شمالا، والمنطقة جنوب خور أبو حبل (شركيلا) والتى يتدرج مناخها للسافنا الغنية ، بيدما يعتبر مشروع أبو حبل بذاته أحد المميزات والدفوعات لأن تصبح أم روابة عاصمة مستقبلية للبلاد، فضلا عن بقية مناطقها الشمالية والغربية، والتى تتدرج ما بين المناخ الصحراوى وشبه الصحراوى، علاوة على حزام الصمغ العربى والغابات وبعض البساتين .
وليس ذلك فحسب أم روابة تشتهر بأنها منطقة زراعية مهمة للمحاصيل النقدية وعاصمة للزيوت (الفول والسمسم وغيرها ومشتقاتها) ، كما مخطط لها بالولاية ضمن نفير نهضة شمال كردفان بأن تكون (مدينة الزيوت) بالسودان ، وتعتبر أم روابة أيضا من أكبر المناطق لدباغة وصناعة الجلود .
من اهم ما ميز أم روابة انها منطقة آمنة ، وتتميز بنسيج اجتماعى متنوع، وتعتبر بذاتها سودانا مصغرا وتتمتع بتعايش سلمى خالى من التعقيدات المجتمعية، وعندما استهدفها التمرد فى اليوم المشؤوم قصد بها ضرب الحكومة فى نسيجها الاجتماعى ، بينما سيخفف إختيار أم روابة عاصمة للسودان من نغمة الضرب على وتر التهميش ، ولست أكون مبالغا أن قلت بأن اختيار ام روابة عاصمة للسودان مكان اتفاق بين جميع سكان الغرب اكثر من (22)، مليون منهم أكثر من (13) مليون فى ولايات دارفور، واكثر ﻣﻦ (8) مليون فى ولايات كردفان ، وتعتبر الخطوة كذلك مرضية ومقنعة لحاملى السلاح لذات أسباب التهميش وأقرب الطرق لانهاء التمرد والدخول فى الحوار الوطنى والمجتمعي .
وليس بعيدا عن ذلك سيضيف لها مطار الخرطوم الدولى الجديد ميزة تفضيلية ، إذ يقع جزء منه فى الجزء الشرقى من شمال كردفان، وليس بعيدا عن أم روابة ، بيدما ستضيف اليها مشروعات نفير نهضة شمال كردفان ميزة تفضيلية أخرى لتصبح أم روابة عاصمة مستقبلية للسودان .
