كادقلي مابعد الانتصار؟؟

كادقلي مابعد الانتصار؟؟

بقلم :يوسف عبد المنان

بعد الانتصار الذي حققته القوات المسلحة على متمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال برئاسة عبدالعزيز الحلو وصد أكبر هجوم على عاصمة الإقليم منذ عودة الحرب في يونيو حزيران ٢٠١١ ماعرف بالكتمة ومنذ ذلك الحين لم تجرؤ الحركة الشعبية على مهاجمة مدينة كادقلي اما بتقدير عسكري لموقعها الجغرافي شديد التحصين أو كثافة الوجود العسكري ونقاط الحماية الخارجية المنتشرة حول المدينة أو بسبب وجود اتفاق غير مكتوب بين الجيش الحكومي والجيش الشعبي يتم تجديده من وقت لآخر منذ سقوط النظام السابقالسؤال لماذا هاجمت الحركة الشعبية مدن إقليم جبال النوبة في هذا الخريف؟؟ وهل دحر وصد الهجوم على كادقلي بمثابة إشعال ثقاب المواجهة العلنية بين الطرفين؟؟ اما وجود طرف ثالث ممثلا في قوات الدعم السريع شكل حافزا ودافعا للحركة الشعبية لمحاولة دخول سوق الغنائم واستغلال أوضاع خصمها الراهنة والزحف نحو المدن الكبرى خاصة الدلنج وكادقلي اما طمعا في تحسين موقف الحركة التفاوضي مع المنتصر من حرب الخرطوم أو الحيلولة دون تمدد قوات الدعم السريع المندفعة بسرعة نحو كامل السيطرة على إقليم كردفان بعد أن أمسكت بعنق الأبيض كبرى المدن والتمدد حتى أطراف الدلنج الشماليةالسؤال الذي لم يجيب عليه احد غير ضابط في الدعم السريع يقود حامية طيبه هل تحركات الدعم السريع وتحركات الحركة الشعبية ونشاطهما الحالي بمثابة تنافس على غنيمة يعتبرونها أضحت مباحة لهم؟ اما هناك اتفاق بين الجيش الشعبي والدعم السريع لتصويب بنادقهم إلى قلب الجيش وهزيمته وفرض حصار خانق عليه ومن ثم الجلوس لأقتسام الغنيمه؟؟في خطاب لقائد الدعم السريع بمنطقة طيبه بالفرشايه يدعي ماكن الصادق قال إنهم مع الحركة الشعبية متفقين على عدوهم (الشماليين) ولن تتصادم بنادقهم ومضى قائلا (نحن في الدعم السريع ماعندنا دين) وخطاب ماكن كأنه يرد على طلب مجلس شورى الحوازمة بالدلنج وهو يزور طيبه ويطلب من الدعم السريع دخول الدلنج والكرقل وتأمين الطريق الذي سيطرت عليه الحركة الشعبية في منطقة الكرقل وأوقفت حركة السير بين كادقلي وبقية مدن الولاية وخنقها مثلما خنق الدعم السريع الأبيض وكتم أنفاسهاالحركة الشعبية لديها بطبيعة الحال التزاماتها الداخلية نحو مواطنيها والتزاماتها الخارجية نحو حلفائها وكفلائها وقد استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تمسك بجيوب الدعم السريع والحركة الشعبية معا وهي وراء نسج التحالفات على المستوى الأعلى ولكن هل تستطيع الحركة إقناع قواعدها والقادة الميدانيين بجدوى التحالف مع الدعم السريع؟؟وهل يستطيع قادة الدعم السريع في ذات الوقت إقناع حاضنتهم الاجتماعية وهم عرب البقارة باتفاقهم مع الحركة الشعبية؟؟على الأرض سيطرت الحركة الشعبية على كل محلية كادقلي والريف الشرقي باستثناء كادقلي العاصمة والكويك وانسحبت القوات المسلحة من مناطق دلوكه وأم شعران والحمره والعفين والكرقل والدوشول وعبري وكدبر وصقلي وابوسنون عطفا على سيطرتها علي كل محليات هيبان وأم دورين وكل محلية الدلنج باستثناء الدلنج المدينه وتمددت اخيرا في مناطق الرطيرط والضعين وأجزاء من محلية هبيلا ولم تجد الحركة الشعبية في تمديدها تصديا من قبل القوات المسلحة التي تقاتل لأول مرة وهي مكشوفة الظهر ومن يسندها في السابق من مكونات الدفاع الشعبي فقد ولي معظمهم وجههم للدعم السريع وتركوا حتى اهليهم وعشيرتهم الاقربين نازحين في داخل كادقلي أو الكويك أو وصلوا للعيش في هامش المدن بالأبيض والدبيبات والمكون الآخر الذي يسند ظهر القوات المسلحة هو مكون قوات الأمير كافي طياره وقوات المقاتل الجاو ونيس وهؤلاء شغلتهم فريضة القتال مع الجيش في الخرطوم عن سنة القتال في كادقلي التي أصبحت الآن في وضع بالغ الصعوبة في ظل انشغال القيادة في الخرطوم بصد العدوان عن القيادة والقصر وتوتي والكلالكة وبالتالي من الصعوبة أن تمد يدها إلى الكرقل والصبي والشفر وكلكده وطوطاح؛؛وتستطيع الحركة الشعبية السيطره على كل جنوب كردفان ولكنها ستواجه مأزق إدارة الحياة المدنية وتوفير ضروريات الحياة من دواء وقوت وتعليم وهو مافشلت فيه طوال الأربعين عاما الماضية وهو ذات المأزق الذي يواجه قوات الدعم السريع في المناطق التي سيطروا عليها في الدبيبات وابوزبد والرهد وأم روابة وبارا وجبرة الشيخ وهناك محاولات لاحتلال الفوله والخوي والنهودما الاختلاف والشبه بين الدعم السريع والحركة الشعبية من حيث القوة والسلوك بالطبع من خلال تجربة السنوات الطويلة فإن الحركة الشعبية تعتبر قوة نظامية وجيشها أكثر التزاما بالتقاليد العسكرية من حيث الانضباط السلوكي فالحركة الشعبية دخلت مدن وقرى ولكنها لم تمارس النهب والسلب ولا تصفية الحسابات أو التعدي على أعراض الناس وأموالهم وجنود وضباط الحركة الشعبية لهم سجل جيد واخر سئ في التعاطي مع الشان المدني ولاتملك جهة تقدر عدد قوات الحركة الشعبية ولكن في أيام الفترة الانتقالية قدمت رقما اعتبره البعض مضخما ٢٨ الف جندي لإقليم النيل الأزرق وجبال النوبة ولكن بالنظر لمتغيرات الراهن فان الرقم متواضعلكن الحركة فقيرة للسلاح المتقدم وربما كف عنها الداعمين بعد انفصال الجنوباما الطرف الثاني الدعم السريع فإن عدد قواته لايتجاوز ال٣ الف ولكنه ينشط في التجنيد يوميا وحرب الخرطوم أصبحت مغرية لمن يسعى اللكسب غير المشروع وتمتلك قوات الدعم السريع أكثر من ألف عربة مقاتلة بعضها منهوبة من المواطنين والحكومة وهي تملك ثروة مالية ضخمة تتدفق عليها من الكفيل الخليجي ومن ليبيا ولكن نقطة ضعف قوات الدعم السريع في سلوكها القيمي والأخلاقي مما جعلها موئلا النهابين والحرامية والكسابه وهؤلاء سينفضون عنها إذا انتهت مرحلة حصد الغنائماما من حيث الخطاب السياسي فإن الحركة الشعبية ظلت تطرح مشروعا علمانيا لحكم البلاد بتفاصيل دقيقة ونظام حكم ذاتي للإقليم( جبال النوبة) ولها رؤية في مسألة قسمة الثروة مستمده من تجربتها الطويلةمقابل ذلك فالدعم السريع يطرح برنامج يخاطب إنشغالات الكفيل الإماراتي أكثر منه يخاطب أهل السودان بادعاء أن هدفهم محاربة الإسلاميين حينا ومحاربة الشماليين ويردون كثيرا انهم حملوا السلاح للقضاء على دولة حدود ١٩٥٦ ولكنهم لايملكون رؤية عن ماهية تلك الدولة التي يحاربونها ولكنها كلمات يرددها بعض المثقفين وشحنوا بها صدور الجند ضغينة واحقادعلى أية حال حرب جبال النوبة الحالية ثلاثية الأبعاد ولايزال الجيش هو الطرف الأقوى والقادر على الانتصار ولكن معركة الوجود التي يخوضها في الخرطوم كفت يده الطويلة عن خوض معارك أخرى.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x