سقطَ الإسلاميون..نهضَ الإسلاميون الجُدُد

سقطَ الإسلاميون..نهضَ الإسلاميون الجُدُد

بقلم/محمدعكاشة

قبلَ ثلاثين عاماً حين “تَمكنَ” انقلاب الاسلاميين من مفاصل الدولةِ السودانية استدعت الحركة الاسلامية كلَ كوادرها في المهاجرِ للعودةِ فوراً دون إبطاءٍ للعملِ لتثبيت مشروعها والذي عملت له مُنذ تأسيسِ فرع تنظيم الاخوان المسلمين بالسودان.
عادَ وقتُها الكثيرون وتسنْموا مقاعدهم في مؤسساتُ الدولة والقوات المسلحة وقوات الشرطة وصارَ جُلهم نواةً لتأسيسِ جهاز الأمن والمخابرات هذا فضلاً عن تحكُمهم وسيطرتهم على القطاعاتِ الاقتصادية والمالية ومنافذَ أقوات الشعب وهذه سبقوا اليها مُذّ كانوا شُركاء في نظام الرئيس نميري عقب ماسمي بالمصالحة الوطنية.
عادَ مُعظم كوادر الإسلاميين وحينها كان للذين نالوا حظاً من تعليمٍ وعمل في بلاد ( الطاغية الامريكان ) حظوةً وأهليةً في أي مرفقٌ يتمُ ترشيحِهم إليه دون إعمالٍ لأدواتِ العدلِ والتجريح.
عادَ من الولايات الأمريكية ثلةٌ قليلة ومن هؤلاء عاد سيّد الخطيب وهو من بين شباب الحركة الاسلامية ينبغُ بالأدب والنقدِ والدراسات الانسانية ويختلفُ عن قُرناءه ( السلفيين ) في التنظيم بجُرأته وانفتاحِه ثم هو للوهلةِ الأولي حين عودته يقوم مُديراً لمكتب الدكتور حسن الترابي ومن بعدُ رئيسا لصحيفة ( الإنقاذ الوطني ) حيث لم تكُ ثمَ صُحفٍ غيرها وصحيفة ( السودان الحديث ) وعلي الرُغمِ من أن الصحيفتان انشغلتا حينذاكَ بتركيزِ دعائم النظام سياسيّاً واقتصادياً وأمنياً إلا أن الرجلَ جعلَ للملف الثقافي والفني بها مساحةً واسعة في وقتٍ كانت ( الانقاذ ) تعتبرُ الفنون رجِساً من عملِ الشيطان ويضطربُ شُيوخها حول حلِ الغناء وحُرمته بل كادَ مهووسون منهم يعدمونَ مكتبة الإذاعة والتلفزيون الذاخرةِ بخرائدَ بديعه من أعمال المُبدعين من كبارالشعراء والفنانين.
سيّد الخطيب وقُتها و ( الانقاذ) في شِقوتها الأولي وهوسها البادي خرجَ بمقالته الشهيرة ( سقط اليسار..نهض اليسار الجديد) والتي عَدّها البعضُ اجتراءً وإعلاناً لتيارٍ جديد للتقدميين الإسلاميين.
الإسلاميّون طِوالَ ثلاثةَ عقودٍ ليسوا سواءً في الموقف من تقلُبات دولتهم في الحكم ومُقاربته لمشروعهم الإسلامي او فقل (الحضاري) حسبما جاءَ بآخرهِ بعد تكأكؤ الأمم علي قَصعة النظام الذي بادرَ بالعداء لكل العالمِ زاعماً دعوته للهداية والاسلام وقادَ وفقَ ذلك حرباً ضروس ضد شعب الجنوب سَربلها بقداسةِ الدين قضي علي إثرها خِيرةُ شباب الجنوب و خيرةُ شباب الحركة الاسلامية ليتهكم ذات الذين أغروا أوارها وأوقدوا ناراً للحرب بأن هؤلاء ماتوا ( سمبلا ) ليكونَ نتاجُ ذلك فصلُ جنوب السودان عن شماله.
الإسلاميون ظلت دولتهم تتقلبُ في المواقف إقبالاً علي مَحض السُلطة العضُوض بالعنافةِ البالغةِ ضد الخصوم وبَحملِ الشعب السوداني علي مالاطاقةَ له به في معاشِه ومماته وعاداته وأخلاقه ثم عَمدت إلي إيغار صُدورأهله بالعداوات والنعرات والجهويات وبالرغم من ذلك ظلَ نفرٌ من المُصلحين منهم يَمحضون النُصح ويقولون به غير أنّ هؤلاء قليلٌ ما هُم حتي جاءت مُفاصلةُ رمضان الشهيرة بانقلابِ الإنقاذ علي مُؤسسها ومؤسس حركتها الاسلامية عينهُ وذاتهُ والدخول في إهاب مرحلةٍ جديدة قام‌ فيها السيّد حَسنٰ الترابي ينقضُ غَزلهُ انكاثاً من بعد قوة وهو ينعي علي ( تلاميذه ) خروجهم عن مشروعِ الحركة الاسلامية وإفتتانهم وفسادهم بالسلطة والثروة فساداً وافتتاناً عظيماً ثم هو لاينفك يُبدي حسرته وخيبةَ أمله علي مثالِ ( الأخ المسلم ) الذي كان يظّنهُ أنموذجاً للأمانة والاستقامة قبل الحكم وما صار إليه حين باغتته السلطة والثروة حيث لم تٕسعفُه ( التربية ) والتزكية في مدارس وحوازات وخلايا الحركة الاسلامية حينها قبل الانقلاب.
رحلَ الدكتور حَسن عبدالله الترابي والإسلاميونَ فُرقاءَ وأعداءَ ودولتهم بسببِ الفساد الذي استششري آخذةً في التَضعُضع حيناً بعد حين ليضيق الناس بسلطانها باحتجاجات مستمرة حتي ثارت ديسمبر/ابريل 2019 تُعلنُ إنهاءَ حقبة الاسلاميين وعمر البشير وعلي الرغم من الزلزلة التي أصابت النظام إلا أن ( المؤتمر الوطني ) ما يزالُ مُمسكاً مفاصل الدولة ( العميقة ) والإسلاميًون من وراءه يعملون لإعادةِ إنتاج ( الانقاذ ) بما هو شاخصَ الآن في المشهدِ السياسي وبثورةٍ مُضادة وبمايقوم به عبدالحي يوسف بدقِ القُراف بفزاعةِ ( نُصرة الشريعة ) وهو أمرٌ لم يعدُ يُخيف الشارعَ المسلم العريض فالرجل ظلّ أعواماً عديدة يستثمرُ في دولة الشريعة لا يُقدمُ نُصحاً ولا يستدفعُ مظلمةً.
الإسلاميّون ( المُخلصون) الآن وهم مناطُ مقالتي هذه يعترفون في مجالسهم بأن لارجعةَ ثمْ إلى السلطة ما اجتنبوا المحاسبة بلا بينةٍ اوبرهانٍ راجح وهؤلاء يقتربون من مسعي مقالة الخطيب ( التقُدمية) قبل نحو ثلاثينَ عاماً بضرورة نهوض إسلاميون جُدد هذه المرة ليس مطلوباً منهم بالضرورة دعمَ الحراك الثوري علي الرغم من أن رهطاً لايُستهان به من شباب وشابات الثورة هم فلذاتُ أكبادالاسلاميين.
ليس مرجواً منهم دعمٕ الحراك الثوري الهادر أو التماهي مع إعلان قوي الحرية والتغيير ودعم حركة الوعي بتحول ديمقراطي حقيقي يجعلُ ( المواطنة ) أساساً معيّارياً للحكم وإطاراً مفهومياً ودستورياً للحقوق والواجبات ولكن مطلوبٌ منهم الحكمةُ والرُشد بإخضاعِ تجربه ثلاثين عاماً من الحكم باسم الاسلام وما رافقها من مظالمَ ومرارات واعتداءٍ علي المال العام وقتل النفس التي حَرم الله الابالحق.
إخضاعُ تجربةَ حكمهم للُمراجعة والتقييم والاعتراف فأن تتمَ محاسبة الظالمين المفسدين منهم طِبقاً لقضاءٍ عادل في ظل دولةٍ مدنية يبرئ فيها المُصلحَ من المفُسد هو أمرٌ لا يَضُر أكثريتهم خصوصاً وسلمية الثورة لم تُسجل اعتداءاتٍ علي أحدٍ إلا من خروقاتٍ من بعض المواطنين الغاضبين المغبونين علي البعض.
الإسلاميون الجُدد وحتي ( تسقط بس ) لايضُرهم من عاداهم او والاهم بل وكانت التسجيلات الصوتية لبعضهم تعبيراً صادقاً عن موقفهم من القمع والتقتيل الذي حصد أرواح الشباب في الشهور الماضية بل وكشف بعضهم عن الفساد المُطبق الذي قام به ( إخوانهم ) بل ونادي بعضهم بجاهزيتهم للمثول للتحقيق إذاماثَبُت تورطهم في مفسدةً اومظلمة.. هذي مواقف جديرة بالانتباه.
هذا المقالُ نكتبهُ ولم يجد طريقه الي النشر بصحيفة ( الوطن ) حينها خواتيم شهرمايو 2019 غيرَ أنه في آخر تحديث له في اغسطس 2023م فإن الاسلامييّن بلا شك هم طرفٌ في إيقادِ حربِ الخامس عشرَ من ابريل وأنَ الراهنَ السياسي يتشكلُ بدفع ” الحركة الإسلامية ” وهي الآن في حالة ظهور علني في الميدان ومولانا أحمد هارون وصاحبيّ السجنُ يَحشدُونَ الكتائبَ والمُجاهدين فضلاً عن أن قياداتٍ إسلامية بارزةٓ في عواصمَ القاهرة وانقرا واديس وواشنطن تقوم بأدوارٍ للترتيب لما بعد اجتثاثِ مليشيا الجنجويد التي تُجابهُ حملةً دولية وحُقوقية بسببِ الانتهاكات التي فَعلت وهؤلاء كذاكا = القيادات = يعملونَ لترتيبِ المشهد السياسي لما بعدَ الفريق البرهان.
ثمّ.. أقرأ يارعاكَ الله هذه التغريدةُ واللهُ المستعانُ علي ماتصفون:-

( ولد لباد أجري اتصالاً مع الفلول ومجموعة الموز للالتفافِ علي الجبهة المدنية من أجل وقف الحرب والتحول المدني الديمقراطي وذلك باقامة لقاء في اديس ابابا لتكرار حوار روتانا الفاشل.
لا طريقَ لايقاف الحرب سوي بجبهة مدنية عريضة تمثل كل السودان بتنوعهِ من غير الفلول

              صلاح مناع

عضو لجنة إزالة التمكين المجمدة)

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x