للحقيقة وجه أخر
كأنما كتبت المعاناة على المواطن السوداني أينما ذهب وفي ظل هذه الحرب كما تعلمون فر ملايين المواطنين إلى الولايات المجاورة بحثاََ عن مكان آمن تتوفر فيه بعض من متطلبات الحياة من كان لديه اهل ذهب إليهم ومن لم يكن لديه قام بإستئجار شقة او منزل صغير في أطراف المدينة وهناك فئة ثالثة عاجزة عن توفير مأكل ونشرب لذويها ولم تتوفر لهم معسكرات للنازحين استغلوا المدارس والداخليات مسكن لهم خاصة بعد إرتفاع اسعار الإيجار إلى مئات الالاف جميع الفارين من الحرب لم يضعوا في الحسبان بأن هناك أشخاص سيستغلون الوضع لصالحهم ويرفعون الإيجارات إلى هذا الرقم المهول الذي يعجز محدودي الدخل سداده كما لم يتوقعوا بأن يصل إيجار الشقة في اي ولاية إلى 600 الف فما فوق وهناك ولايات تستأجر بالدولار وأخرى اليوم فيها ب30 الف واكثر لماذا يا اخوتي كل هذا ونحن كلنا سودانيين فبدلا من أن تقفوا إلى جانب اخوتكم في هذه المحنة تستغلوا ظروفهم
فالخرطوم رغم أنها عاصمة لم يصل إيجار الشقة او المنزل فيها إلى هذا الرقم
الحقيقة المرة التي لن يتقبلها الكثيرين هي اننا كسودانيين تغيرنا إلى الأسوء واصبحنا بلا ضمير بلا اخلاق كل منا يحب نفسه ويريد استغلال الاخر بل أصبحنا جزء كبير منا تجار للأزمات واذا لم نتغير سيفضل حالنا كما هو عليه ولن نتقدم خطوة إلى الأمام
أخبرتني إحدى الاخوات بأنها إستأجرت شقة بمدينة شندي بمبلغ 600 الف جنيه وعندما غادرت إلى القاهرة وجدت بأن هذا المبلغ اذا لم تدفعه هنا كان سيكفيها لشهرين او اكثر وبالرغم من ارتفاع أسعار الإيجارات بمصر الا انها لم تصل إلى المبلغ الذي يطلبه أصحاب الإيجارات بمختلف ولايات السودان
المؤسف حقا بأن الغرباء يقدوا اوضاعنا ويقفوا معنا بطرق مختلفة ولا اقول جميعنا لأن هناك سودانين قليلين اصيلين يفعلون الممكن والمستحيل للوقوف مع المحتاجين جزاهم الله الف خير
نعم جميعنا نعلم بأن كل سوداني سوا في الخرطوم او الولايات او خارج السودان في هذه الفترة تحديدا يعاني من ضغوط نفسية وغيرها
تذكرت حديث احد الطلاب السودانين العالقين بأوكرانيا عندما قامت الحرب بينها وبين روسيا تواصلت معه لمعرفة أوضاعه خاصة وانه موجود بأحد سجون العاصمة كييف الذي تم قصفه فرد لي قائلا (نحنا السودانين مكتوب علينا نشقى ونعاني في اي مكان اذا كنا في السودان او خارجه”
بالأمس ايضاََ تحدثت مع احد المقربين وسالته عن احواله فرد لي قائلا “الواحد أصبح بدون وطن” هذه العبارة هزتني من الداخل كما اقشعر لها بدني
معظم الذين ذهبوا إلى الولايات أصبحوا بلا وطن لأنهم يعيشون كالغرباء والأجانب ويدفعون بالدولار الإيجار منزل
الكل أصبح يريد العودة إلى العاصمة ولكن كيف خاصة بعد نفاد كل ما بيده وهناك آخرون يشعرون بالندم وقالوا “يا ريت لو قعدنا في بيوتنا بدل البهدلة دي”
إحدى الاخوات أيضا قالت لي “الدانة ولا الإهانة ويا ريت لو متنا في بيوتنا بدل الموت البطيئ البنعاني منو ده”
وصلت إلى قناعة بأنه إذا لم يمت السوداني بطلقة طائشة في هذه الحرب او بالجوع سيموت بسبب تجار الأزمات المشترين في كل بقاع السودان
واخيرا السلام عليك يا وطني وكان الله في عوننا جميعأ