حصاد الألسن – عبدالله مسعود عشريني يحارب في فلسطين (1-3)

حصاد الألسن – عبدالله مسعود عشريني يحارب في فلسطين (1-3)

ميرغني محمد الضو ابن عمتي أم عزة من مواليد 1928م تقريبا إذ أنني لم أقف علي شهادة ميلاد ﻷي من أخواتي أو إخواني الذين أنجبتهم عمتي أم عزة سوي شهادة أخي عبدالله محمد الضو المولود بالأبيض في 14 سبتمبر 1940م (توفي لرحمة مولاه في القاهرة في 7 نوفمبر 1972م وعمل عمنا زين العابدين صالح على نقل الجثمان ودفنه في أم روابة). هاجر ميرغني إلي مصر ولي من العمر ثمان سنوات فقط. كان ذلك عام 1948م قبيل حرب فلسطين التي تطوع ميرغني لخوض غمارها كعربي تمثل تلك القضية هما مستداما له. لم أذكر من ميرغني قبل هجرته سوي شعره الكثيف الناعم وطريقة تصفيفه حيث كان يفرقه على الشق الإيسر. ورغم بلوغه العشرين عند سفره لمصر إلا أنه وحتي ذلك العمر لم يمتهن مهنة لوقت طويل، فقد كانت طبيعته القلقة تقذف به من مهنة لأخري. هو تارة ساعاتي لأنه منذ الصغر كان يستطيع تفكيك أي ساعة وتركيبها بعينه المجردة وتارة ساعيا وتارة سائقا. الشيء الوحيد الذي كان يداوم عليه كهواية هو الصيد ولعب الكرة وارتياد دور الخيالة (السينما) فميرغني بقي في الأبيض بعد رحيل والديه وإخوته إلى أم روابة عام 1946م. كل ذلك عرفته بعد أن طال غيابه وبدأت أسأل عن مدى عودته وماذا يعمل في الغربة بعد انتهاء الحرب ولم أجد جوابا شافيا. كان نهمي للمعرفة أيا كان نوعها يشكل جزءا أساسيا من شخصيتي منذ ذلك الصبا الباكر.
ذهب ميرغني لمصر واشترك في حرب فلسطين وبعد انتهاء الحرب خُيّرَ المتطوعون بين ترحيلهم لبلادهم أو البقاء في مصر فاختار ميرغني البقاء في مصر وأرسل خطابا للعائلة يخطرها فيه بقراره وسلم الخطاب الذي يحوي التفاصيل لمن فضل العودة. بعد ذلك لم نسمع منه ولم نقرأ له إلى أن وصل ﻷم روابة فجأة عام 1953م بعد أن أكملت وأخي عبدالله شلن المرحلة الأولية وقُبِلنا في المدرسة الوسطي عام 1952م. كان في تلك السنوات الخمس التي أعقبت الحرب قد عُيّنَ سائقا في هندسة ري بحري الدقهلية بالمنصورة التي أحبها وأحب أهلها. عاد إلى الخرطوم لإكمال نصف دينه متمنيا الإقتران ببنت خاله إلا أنها كانت قد زُوّجت أثناء غيابه فقفل راجعا دون أن يفكر في الإقتران بأخرى. جاء ميرغني محملا بالهدايا لجميع أفراد العائلة فقد كان سخيا شهما ندي اليد. عاد ميرغني لمصر وبقي هناك عشر سنوات قبل أن يزورنا في السودان مرة أخري ولكنها كانت مناسبة حزينة إذ أتى لتلقي العزاء في شقيقه الأصغر عبدالله شلن الذي توفي فجأة في القاهرة ونقل للسودان دون أن يتمكن من الحضور من المنصورة للقاهرة لمرافقة الجثمان. حضر ميرغني من مصر وسبقتُه في العودة من أبو ظبي التي هاجرت إليها قبل بضعة أشهر إذ عزّ علي أن تفقد العائلة أخي بفعل هادم اللذات وتفقدني بعامل الهجرة. لذا كان لابد لي أن أعود.
بعد عودة ميرغني لمصر عند انتهاء إجازته عام 1953م تم الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x