شارع الدومة

شارع الدومة

بقلم عبدالمنعم الكتيابي

شارع السيد عبدالرحمن ويعرف باسم شارع الدومة
وقد غلبت عليه هذه التسمية رغم أنه حمل رسميا
اسم رجل عظيم له سيرة ناصعة في تاريخ البلاد
سياسيا واجتماعيا ويقال إن ( الدومة ) كانت
تشمخ بقامتها في بيت الأمير ودنوباوي الذي سمي
عليه الحي وعند إعادة التخطيط أبت الدومة على
الإزالة وظلت تتوسط الشارع الحيوي الذي يقسم
حي ودنوباوي في مسيره من الغرب إلى الشرق
وكان يمر به خط مواصلات رقم (١) .. اصطدمت
بالدومة عربة عسكرية اشتهرت باسم المجروس في
زمان حكم فيه العسكر وظلت عرباته تجوب
الشوارع بلا حسيب ، ورغم المحاولات لإبقائها حية
ورغم محاولتها الصمود ومحاولات عديدة لأبقائها
حية لم تفلح فأزيلت تماما عن الوجود لتبقى في
الذاكرة ويظل اسمها عنوانا للشارع ..
هذا الشارع من الدومة شرقا منها وغربا كانت
تسكنه عوائل تنتمي لطائفة الأنصار حتى غلبت
على أسماء ساكنيه أسماء اشتهرت بين منسوبي
هذه الطائفة ( عبدالرحمن ، البشرى ، مهدي ،
الفاضل ، الصادق ، الصديق ، شرفي ) وأن ظريف
أم درمان موسى ناصر (ودنفاش) وهو شخصية
حقيقية – لمن لايعرفون – انتشرت نكاته في كل
بقاع السودان – الحقيقية منها وتلك التي نسبت
إليه بعد بادئة ( كان في موسى ودنفاش ) – وقد
كان من سكان هذا الشارع ، ويحكى أنه ذات مرة
كان جالسا في الشارع عندما توقف بص ودنوباوي
في محطة الدومة ونزلت منه امرأة كبيرة على
صفحتي وجهها شلوخ الشايقية وتحمل ( قفة )
على رأسها ، سألت ود نفاش (بتعرف لي بيت
ميرغني ود تاج السر ؟ ) ، قال لها (قالو ليك وين
ياحاجة) قالت له( في شارع الدومة) وبسرعة ادخل
يده في جيبه واعطاه ريالا وقال لها (اركبي باصك
دا ارجعي بيه ياحاجة ، دومتك دي إلا كان في بحري
) وذلك لشهرة بحري بانها منطقة ختمية ( صر )
وطبعا اسماؤهم في مقابل اسماء سكان ودنوباوي
( ميرغني ، السر ، سر الختم ، محمد عثمان ، تاج
السر ، جعفر ، الحسن ) ..
ورغما عن أن شارع الدومة فعليا يبدأ منها إلا أننا
استثناء سنبدأ وصفه من امتداده الغربي الذي
يلتقي بشارع كرري قبالة حديقة العمدة مقر فريق
الزهور العريق ..
يمر الشارع يمينا بحوش الأمير احمد شرفي خال
الإمام المهدي وصهره والمسماة عليه المقابر
الشهيرة ، وقد خلف كثيرا من البنين والبنات
معظمهم ذوي شأن ورفعة .. ويسارا طلمبة أجب
يجاورها حوش العمدة المقبول المسمى عليه حي
العمدة ومنهم السيد احمد محمد يس رئيس اول
مجلس سيادة سوداني ، ومن جهة الجنوب منزل
البروفيسور المؤرخ أحمد ابراهيم دياب شرقا منه
حوش آل باشا يقابله من الجهة الشمالية
عبدالجليل مصطفى النميري وابنه العميد حسن
عبدالجليل وأخوانه ومن الجهة الجنوبية الكريماب
وآل منور ومنهم الناشطة الراحلة بتول منور ، ثم آل
عثمان صالح وفي جوارهم آل شمام ومنهم شهيدة
ثورة أكتوبر بخيتة الحفيان ثم منزل المحسن
الصامت الشيخ ابوزيد البلك ، ومن الجهة الشمالية
بعد منزل عبدالجليل النميري ، منزل رجل الاعمال
عباس يس حمزة ثم منزل خالد احمد شرفي ،
وبالجوار عقار مملوك لمحمود عثمان صالح صار
في ما بعد مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي الذي
أحدث حراكا ثقافيا في المنطقة بل والعاصمة
بأكملها ومحمود نفسه الراعي للمركز له اسهام في
مجال الكتابة والتحقيق ، وليس غريبا على أسرة
عثمان صالح مثل هذا الفعل فهم من ابكار ما عرف
بالراسمالية الوطنية ، ساهموا في بناء المدارس
والمراكز الصحية والمساجد وتعرضت لهم السلطة
المايوية في بداية عهدها بمصادرة ممتلكاتهم ،
ومنهم سياسيون أيضا امثال توفيق عثمان صالح
ومحمد عثمان صالح وليس بعيدا من المركز آل
النجومي وهم عشيرة الأمير عبدالرحمن النجومي
ومنهم أستاذ الأجيال والإداري الرياضي بنادي
المريخ عزالدين النجومي والدرامية عفاف النجومي
والناقدة ميسون النجومي ، ثم ينتهي هذا الجزء
بحوش العبدلاب ومنهم الطبيب العالم الاستشاري
المحسن د. حسن عبدالله أخصائي النساء والتوليد
الذي عاش حياته زاهدا ، ومنهم لاعب الكرة الشهير
بفريق ود نوباوي الطبيب هاشم عجيب الحفيان ..
وبعدها يستعد الشارع لعبور شارع الخليفة شرقا
إلى منتهاه عند شارع الهجرة.
وأنت تعبر تقاطع شارع الخليفة مع شارع الدومة
على مرمى نظرك يمينا تقع عيناك على مجموعة
كبيرة من ( الأزيار ) متراصة بشكل جميل ونظيفة
ك ( سبيل ) ، فتتعرف على منزل اسماعيل
مجذوب ( الطهار ) واذا التفت يسارا تقع عيناك
على طلمبة ( موبيل ) يجاورها منزل أنيق وعليه
لافتة ( مبارك ميرغني ) يجاوره منزل لاعب المريخ
وظريف أم درمان كمال سينا ، ثم تبدأ مسيرة الجزء
الثاني من شارع الدومة ..
يمينا منه منزل ابراهيم الأمين يقابله آل النحاس
ليسير الشارع على مهله . يطل عليه من جهة
اليمين حوش الناظر عبدالله عبدالماجد وابنه شيخ
صادق عبدالله عبدالماجد أبرز مؤسسي جماعة
الأخوان المسلمين والقيادي التاريخي للحركة ، يليه
الرشيد المقبول ثم الحاج عبدالرحمن شاخور
رئيس نادي المريخ لفترات طويلة ومن المؤثرين
في الحركة الرياضية ثم آل حنفي ومصطفى أزرق
وآل جميل وموسى ود نفاش ، وعلى اليسار يبدأ
الشارع بآل النحاس ثم استاذ الأجيال ابراهيم
شبيكة يليه احمد الطيب شرفي ( حوش ود خالد )
وآل كورينا وحوش الفاضل ازرق
يتفرع من الناحية الجنوبية شارع عريض يقود إلى
مسجد الشيخ قريب الله وهو من اهم المعالم الأم
درمانية بل تعد الطريقة السمانية من اكبر الطرق
الصوفية في أم درمان ، على ناصية هذا الشارع
حوش الكريماب ومنهم الاستاذ داؤد سليمان
يقابلهم من الجهة الشمالية مخبز ساريا وماريا الذي
اصبح من معالم الشارع ، يليه اللواء صديق احمد
محمد ، ثم حوش سيد مكي واولاده اسماعيل
وعبدالله والطيب وهم ممن اشتهروا بصناعة
الحلويات وبرعوا فيها ومحلاتهم مشهورة خاصة في
ساحة الاحتفال بالمولد النبوي ، ويمين الشارع
استراحة السيد عبدالرحمن يليها بيوت آل المهدي
، الإمام الهادي المهدي وأولاده الفاضل ونصر
الدين والصادق ثم منزل اللواء علي حسين شرفي
ومن جهة اليسار عبدالله محمد علي فضل ثم
منزل مولانا د. دفع الله الحاج يوسف رئيس القضاء
الأسبق ووزير التعليم العالي ايضا في العهد
المايوي ، وآل الدابي ويقابلهم منزل رجل الأعمال
الشهير والمحسن الشيخ محمد علي فضل
ويواصل الشارع مسيره حتى منزل السياسي أمين
التوم وابناؤه العالم البروفيسور مهدي امين التوم
واشقاؤه د. عبدالله ود. أبوبكر ويقابلهم من الجهة
الجنوبية الرياضي المريخي الفاتح المقبول ويليه
الجبلاب منهم رجل الاعمال عبدالله المليح رائد
صناعة النسيج وآل الجعلي والغالي ومنهم الأساتذة
مؤمن ومرتضى و د. عبدالرحمن الغالي ثم فنان
الحقيبة رحمة الله الشيخ واخوه المادح عبدالكريم
الشيخ والد الفنانين عابدة واسامة الشيخ يواجههم
من الجهة الجنوبية الصادق خلف الله أفراح
الشعب ، ثم يختتم الشارع مسيره ملتقيا مع شارع
الهجرة وفي الواجهة مباشرة منزل المناضل
الانصاري عوض صالح والد عازف الكمنجة الشهير
مامون عوض صالح ..
ومن سكان هذا الشارع خارج الترتيب العازف الذي
خلدته احدى اغنيات الحقيبة ( وهبة بي مزيكتو
اتحكرا ) وابنه لاعب المريخ كابتن بشرى وهبة كذلك
اللاعبين جابر جبارة (الهلال) و علاء الدين (
ودنوباوي ) والفنان نجم الدين الفاضل .. والصحفي
صلاح حبيب .. واسرة الطاهر النيل والد الاستاذ
الجامعي والكاتب ادريس النيل
تميز هذا الشارع بتنوع اسهامات ساكنيه بين
السياسة والاقتصاد والرياضة والفنون .. إنه شارع
حافل بالعطاء ..

عبدالمنعم الكتيابي

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x