(موقف) .. د.حسن محمد صالح .. تهافت اهل القانون

(موقف) .. د.حسن محمد صالح .. تهافت اهل القانون

تهافت بعض اهل القانون وولعهم بكتابة الدساتير والقوانين هو واحد من الدوافع الكثيرة التي جعلت اللجنة التسيرية لنقابة المحامين السودانيين ،((المحلولة )) تقوم باختلاق ورقة أطلقوا عليها مشروع دستور السودان الانتقالي لفترة انتقالية بدأت ولا يعلم إلا الله متي تنتهي وكل ما نعلمه هناك من يقول بنهاية الفترة الانتقالية يحدث كذا وكذا واحيانا يذكرون الانتخابات علي استحياء ! .قامت اللجنة التسيرية بإصدار الورقة ( الوثيقة ) من غير مشروعية سياسية أو نيابية وهم في ذلك أشبه بالطبيب الفاشل الذي يكتب لمريضه روشتة الدواء من غير أن يخضعه للفحص المعملي اللازم لتحديد نوع المرض ثم الدواء الناجع وفي هذه الحالة من يدفع ثمن هذه التصرفات هو المريض الذي قد تحدث له مضاعفات بسبب الأعراض الجانبية للعقاقير والأدوية الخاطئة .
وقد دلت التجارب العالمية أنه ليس من العيب ولا التخلف أو الرجعية في شئ أن لا يكون لدولة من الدول دستورا ((مكتوبا)) كما هو الحال في المملكة المتحدة .. بريطانيا العظمي.. حيث لا يوجد دستورا مكتوبا وهناك أعراف وسوابق قضائية يعتمد عليها القضاة في المحاكم الإنجليزية والهندية لكون شبه القارة الهندية متأثرة بالنظام القضائي الانجليزي لابعد الحدود . وقد سئل احد القضاة الإنجليز عن ((الماجناكارتا ))وهي أول وثيقة يصدرها النبلاء الذين ثاروا علي الملك في العام ١٢١٨م تقريبا وكانت ثورتهم باسم الشعب وارغموا الملك علي التنازل من العرش’ رد القاضي علي السؤال بأنها لا أثر لها في الواقع .وقد كان سلاطين الفور الذين حكموا دارفور وكردفان ( المسبعات) لمئات السنين عن طريق الاعراف المتواترة ((بينهم)) أكثر رشدا من لجنة تسيير المحامين التي قامت بوضع العربة أمام الحصان بإصدار ورقتها التي أطلقت عليها اسم مشروع دستور السودان الانتقالي وقدمتها لرئيس البعثة الأممية لتسيير عملية الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بيرثس الذي امسك بها كالغريق الذي يمسك بالقشة ظنا منه أنها سوف تنجيه من الغرق .وسار بها السفير الأمريكي من غير اتفاق ولا وفاق بين السودانيين ولسان حالهم يقول : وجدتها وجدتها ! وجاء الرد من الشعب السوداني تعبيرا عن عمق المؤامرة من انتم حتي تضعوا لنا دستورا ؟ نحن لم نفوضكم وانتم غير مخولين للقيام بهذه المهمة الحساسة والتي لم يأتي وقتها ولا حضر اهلها كما يقول المثل !
التجربة التي ينبهر بها البعض في كتابة الدساتير هي التجربة الأمريكية ولكن الأهم من الدستور الأمريكي هو التعديل الاول الذي قرر عدم كتابة أي صيغة في الدستور الأمريكي
تتعلق بحرية الإعلام والصحافة وبالتالي قفل الباب علي مناقشة هذا الأمر تماما حتي يستمر الشعب الأمريكي في ممارسة حقه في الحرية كاملة غير منقوصة حسب التعديل للمادة الأولي من الدستور الأمريكي . ولم يكن لاهل القانون أية صلة بمقترح الدستور الأمريكي الذي تبنته ثلاث عشرة ولاية أمريكية مما يربو علي الخمسين ولاية وكان ذلك بعد مئتي عام من الحرب الأهلية في العام ١٧٧٩م وكان الدستور عبارة عن مبادرة شعبية من الولايات ولم يتم إقراره الا بعد أن وافقت عليه كل الولايات واقر النظام الفدرالي واعطي كل ولاية حق التشريع الخاص بها وسن القوانين التي تناسبها حسب موقعها الجغرافي وتركيبتها الاجتماعية والسكانية وبالتالي تختلف قوانين الهجرة والاجهاض والتجارة الداخلية من ولاية لآخري في الولايات المتحدة واعطي الدستور الأمريكي الحكومة الفدرالية الحق في ممارسة السياسة الخارجية والتجارة العالمية والإشراف علي الأمن القومي الأمريكي وللرئيس الأمريكي حق اعلان الحرب دفاعا عن الولايات المتحدة الأمريكية .
يعني الموضوع ما سمكرة ولا تلفيق يتم في ليل أو يأتي عبر الحقيبة الدبلوماسية من الخرج ويتم تسليمه في حي كافوري كما تداولت وسائل الإعلام الأمر وكان مسخا مشوها لا صلة له بالدساتير وانما هي اشواق الحرية والتغيير المركزية أو ٤طويلة في إزالة التمكين واللولوة السياسية التي أدت لتعطيل بعض مواد في الوثيقة الدستورية الأولي وقانون إزالة التمكين نفسه بموجب قرارات القائد العام للقوات المسلحة التصحيحية في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م . السودانيون لديهم خبرة تراكمية في كتابة المراسيم الدستورية المؤقته ومشروعات الدساتير واشهر دستور انتقالي هو دستور السودان الانتقالي للعام ١٩٥٣م والذي سبق الاستقلال ثم دستور الفترة الانتقالية لما بعد ثورة أكتوبر ١٩٦٤م ودستور السودان الانتقالي لعام ١٩٨٥م الذي حكم الفترة الانتقالية عقب سقوط نظام مايو والمعروفة بفترة المشير سوار الذهب ثم دستور السودان الانتقالي لعام ٢٠٠٥م الذي حكم الفترة لما بعد توقيع اتفاق نيفاشا وهو الذي نادت به العديد من المبادرات ومنها مبادرة نداء السودان بالرجوع إليه بعد تنقيحه وذلك لكونه حظي بمشاركة القوي السياسية السودانية ومستمد من المواثيق الدولية وعلي رأسها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام ١٩٤٨م وميثاق الحقوق المدنية والسياسية الصادر في العام ١٩٦٩م .
أن تهافت اهل القانون ممثلين في لجنة تسيير نقابة المحامين يذكرنا بكتاب الامام أبو حامد الغزالي تهافت الفلاسفة الذين خرجوا بالفلسفة عن الدين وانحازوا بها الي نظريات الوجودية والإلحاد والتنطع الفكري والخطل السياسي .
الانتباهة .
اون لاين
الورقية .

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x