حولَ رحيلِ شيْخ المُروءات الأبْلَج الحَاج/ بابكر محَمَّد أحمد- سلْطان رجالِ الأعمالِ دون ضوْضاء بقلم : عبد المحمود الشيخ خالد

حولَ رحيلِ شيْخ المُروءات الأبْلَج الحَاج/ بابكر محَمَّد أحمد- سلْطان رجالِ الأعمالِ دون ضوْضاء بقلم : عبد المحمود الشيخ خالد

  • إشارةٌ ختاميَّة لعاقبِ فَقْدِ إمام المشَابه
    وَقَدْرٌ مِنْ حيويِّ المَضاد بوصفةِ الضَّاد
    والمُعلِّم د. اللوجسيتيَّات
    بقلم/ عبد المحمود الشَّيخ خالد (الرحَّالة)
    بينما أنا فِي مسارِ مساعِي الحياةِ المُتشعِّب بيومِ الأربعاءِ المنصرمِ مَأْرَخَاً بـ(27/7) فإذْ بالأخ/ عمَّار منير يُنبئني باجْتبَاء الموْلَى لعَبْده بابكر إلى جِوارِه الأفْضل؛ فحَبستْني الأقْدارُ ألَّا أُدركَ مَشْيَعُه الجامعِ؛ فواقعُ العلاقة قَضّاءٌ لواجبِ التآسي حيث أنَّ السيَد/ عوض ابن المرحوم صهيرُنا عبر كريمتِنا الأخت بالخَؤولة والعُمومة الأستَاذة العَدْليَّة/ اعتدال عبد القادر ووالدها العم/ عبد القادر أبو شَامة رجلُ سَبْقٍ بالمُبادرات وخَيِّر الأعمالِ وبنظرته المتقدِّمة شامَ الناسُ ما كانوا فِي عمىً عنه خلال ثلاثيَّة مهنته النظاميَّة وأعماله التجاريَّة وترقيَّاته المجتمعيَّة خدمة …الشاهد عليها مستشفى السروراب القائم اليوم الذي لولا باكر جهوده – مِنْ بعدِ فضلِ الله – لما كان لها وجودٌ. ولعل أوْفاق سرائرِ الغَيْب تقُودنا إلى أنَّ مصاهرة العم/ عبد القادر لوفِيقه الحاج/ بابكر لم تكُ بمصادفِ العَفو فما أحصف أبا إخلاص مِنْ صاحب نظرات باصرِةٍ يتجسَّد بحمدِ المولى بعضُ نتاجها فيما أسفر عنه النسب مِنْ أسرةٍ ناجحةٍ بالتحصيلِ والتفعيل؛ لهم مِنْ المَولى محاطُ الحفظِ ودائمُ التوفيق.
    فَسَقَى الغَيْثُ تُربَةً أنْبتتْهمْ

**
وَرعَى مِنْهم الآلِهُ خِلالا

ذَهبتُ فِي أصيلِ اليومِ التالي مِنْ الوفاةِ مؤديَّاً حَتيم العزاءِ ومنْذ قُرْبِي مِنْ حِمى دارِ المأْتَمْ أدهشتني عديدُ ظواهرٍ ذاتُ ادهاشٍ وإجلالٍ تُسْبلُ عَلَى الناظرِ ثوباً يتماوجُ بألوان التأمَّلات منها ما يخطُفك إلى اشْتهاء المَنيَّة عنْدما يكون ختامُها بهذا المستوى الرَّضِيِّ الذي لكم ما عبَّر عنه مولى المراشدِ وشيخُ الموالِه القريبُ الطيبيُّ؛ فموتُ السعيدِ عيدٌ والترحابُ بلقائه شأنُ مِنْ اسْتكنَتْ نفسُه بمياقِن الاطمئنانِ إلى مراحم الرٌّجعى وذا مقامٌ يتبوَّأهُ وُرّاثُ الشمائلِ المحمديَّة؛ المستأثرون لجِمِاعِها. وقد عبَّر عباسينا فِي وصفِ أحدهم قائلاً:
مَولَى السَّماحِ فكم والى يداً بِيدِ

**
منْ غيرِ مِنٍّ ومحموداً بمحمودِ

فهامَ بالحمدِ يُفرِي وفْرَه ثمَناً

**
والحمدُ أكرمُ مدخورٍ ومنشودِ

أديتُ العزاءَ فِي باحةِ المأْتمِ الرحيبِ وتجدَّد وصْلي بأعْيانٍ مِنْ أقوامٍ كُثْر عَرفتُهم خلالَ مشاويرَ حيواتي العِداد جلُّهم قادمٌ مِنْ رِبوع كردفان الأثيرة وسطاً وشمالاً خصوصاً أم روابة، الرَّهد والأبيض وما حولَ تلك الحواضرِ والكلُّ منهم تراهُ بصاحبِ دارٍ وأصيلِ معزىً لا يحْوجُون آل المتوفَّى بالإشرافِ ومواجِه الخدمة إنَّما يتسارعون طَوْعاً وصدقاً فِي إجادةِ لوازمِ ما يجبُ تجاهَ كلِّ الحضور المتكاثف بوفودٍ تَلْوَ وفودٍ؛ فيا لهم مِنْ سُمحاءَ أوفياءَ تنقَّت نفوسُهم عن مخاشِشِ التردُّد العُقدي وصَفتْ أرواحُهم بصونِ جمائلِ المرْحوم الشيَّخ/ بابكر الذي أَلِفوا فِي موردِه مْنْهلاً عَذْباً– أوْصافاً لأصْفياءَ تطابقتْ وقولَ العباسيِّ فِي سالفتِهم عبر أُبدوعته (عروسُ الرمال):
مِنْ كلِّ ندبٍ كريمِ الطبع ذي خُلُقٍ

**
سمحٍ وليس بنمِّام ولا زارِي

إنَّ الذي قد كساكم مِنْ صنائِعه

**
ثوبَ الفضيلةِ عرَّاكم مِنْ العارِ

قومٌ مِنْ كل أرجاء القطر تتقاطر مِنْ أعينِهم دموعُ المعاني المبرأة مِنْ أخلاط المكْيجةِ المُزافة، وحقاً إنها لكرامةٌ مُجلية لروحِ رجلٍ جرَّد العزم بالجدِّ واتِّساع الآخرين فانتفت عن دارهِ مخابثُ السَّمجِ الدامغةِ لمن قطعتهم الحُجُبُ عن مرأى حضائر أهلِ الوصالِ فتدنستْ طباعُهم بالمقابحِ ووحاوحِ الادعاء!. فحسبنا اللهُ منهم.
أثناء المعازاةِ لِمن يستحقُّ والمطايباتِ لمن طالت بيننا وبينهم المُددُ لفتَ ناظِريَّ حجمُ الصواني الحاملةِ لصنوفِ الإطْعام ودون تعمِّد تركيز، و”حاشاي مِنْ طائر” أنَّ الأصحُن موفيةٌ بالمغارفِ دون مقترِ شحتفةٍ محوقٍ أو مزعجَ ملاحقَ غير لائق؛ فالبعضُ ينتهي مِنْ منوْلة نصيبِه وترى الوفرَ باقـياً، فأدركتُ أنَّها لكرامةٌ أخرى لرجلٍ عرِفَ سُبل الإكرامِ ومساتِر الحالِِِِِ وإتقان الأمورِ والتوْسعة المتبارَكة، فضلاً عَن أنَّ غالبَ الحضورِ مِنْ قَدَمَة الأسْفارِ، مما يدلُّ عَلَى فِطنةِ آل المرحومِ مَدْركاً لكريمِ الأعرافِ ودقيقِ التقديراتِ، ولا شك أنَّها لعلومٌ أورثَهم لها ذاك المعلِّمُ الشاملُ الذي أُسْبغَ بالعناية وتمثَّلَ سورةَ الضُّحى شعارَ ممارسةٍ، فحُفَّ بروحانيِّتها الفاعلة وعبرها تنسَّم بعَرْف شميم الرضا الذي عز استنشاقُه لمسْقوم الزُّكام المُزمنِ العُطوس بكل عدوى فتَوكة… (حمانا الله)
لا أدَّعي وصلَ معرفةٍ وثيقٍ بالمرحوم، غير أنَّه نسيبٌ لنا عالي المستوى فريدُ الطرازِ بجانب مقابلاتٍ عامة خلال مناسبات جامعة راجِحُها بالصافيَّة وكذا مصادفاتٌ بالمسجدِ الشاهدِ عَلَى قويِّ إيمانِه فضلاً عَن حال كونه ظاهرةً مائزةً كما كان أخونا المرحوم/ أبو اليسر محَمَّد خالد تستهويه وتستغرقه أحوالُ العظماء المتبسِّطين والأثرياء المُنفقين؛ فلكم ما حكى لنا بإعجابٍ بالغٍ عن المرحوم شيْخ بابكر وكيف أنَّ الأكابرَ يتحوْلقون حوله يصيبُهم بالحظِّ ويفوقُهم بالتواضعِ حيث تحرَّدت أمامَه حظوظُ النَّفس حارنةً؛ فلم تُبْطره النعْمَى بما يستهوي اللُبَّ مِنْ مَواهٍ ساربةٍ وما أكثرُ الاسْتهواء المهُين فِي الزّّمن الضائع، قال إمامنا الدرديرُ فِي منظومةِ الأسماء:
ويا خافض اخفض لي القلوبَ تَحبُّبَا

**
ويا رافعُ ارفع ذكرنا وأعْلي قدرنا

وأنا أغادرُ عَرَصَة العَزاء فإذا بالقومِ يتهيئون لصلاة المغرب ومراسم المأْبنِ أو “رفع الفراش” وهنا أيضاً مشهدٌ شاهدٌ؛ فالمفارشُ منبسطةٌ عَلَى مدِّ البصر وهي بيضاءُ اللونِ “وذا نادر” والقومُ جلابيبُهم تتناصعُ بياضاً مع سُمرة مضيئةٌٌ؛ فطفت بخاطري حينها حول مشاهد الخيْف ومخايِم منىً وذاك البياضُ المتلألئ وذي أيضاً دلالةُ تتواثقٍ وبياضَ نيَّة المرحوم تجليَّاً مِنْ بعدِه، وقد رستْ سفنُ أعمالِه بشواطئ القَبُول.
عُدتْ إلى مسْكَني مِنْ بعدِ جوْلات مواجبَ أُخر؛ فأوَّلُ ما ابتهلتُه مِنْ مجاذبِ الحديثِ مع الأهلِ هو تلك مشاهدُ العزةِ والإكرامِ والمجدِ التي اتسم بها مَطْقسُ مأتمِ المرْحومِ المعنيٍّ وأدركتُ أنَّ العزَّ بجانبِ الأهلِ هو سلوكٌ ومأهلٌ؛ فلكم مِنْ ذي أهلٍ مُهلْهلٍ وتابعٍ لكل هلْهولٍ هَبولٍ أضلَّته أميَّةُ الوهْمِ جَهلاً بمواسعَ كوائنِ الفضلِ وواقعِ المجتمعِ وتشعُّباتِ المشاربِ وتظنّ أنّه بالوصيِّ الأوحدِ، مما يُؤدي إلى تصيُّن الملاففِ دونَ محْصَدِ!!! (نعوذً بالله).
على إثْر تلكَ المشاهدِ التأييديَّة لم تكنْ دوافعي مقوَّمةً أوْ متكاملةً لأنثرَ خواطري عَلَى مسْجلٍ ضابطٍ ولكن إذْ بالأخِ عمَّار أيضاً يرفِدُني بجليلِ مناقبَ نظَمتْها سيدةُ البيانِ الأخت المفتَخَر بها الأستاذة سليلة الفُهُوم المخْلصة/ إخلاص عبد القادر وعندما يُدفع لي عادة بملاهمَ مِن إخلاصٍ فإنّي لا بالمتسرِّع إطلاعاً عليها دون التهيئةِ والإعدادِ فلي فِي ذلك ذوقيَّات وتقنيَّات؛ فللقراءة والكتابة أحكامٌ ونظمٌ ومراسمُ وموافقاتُ أزمانٍ؛ فبصبيحة الاثنين نادَى منادي الهَنا بأنْ هَلُمَّ لمتْلى هذه المناقبِ أو المولدِ البابكريِّ. وحقاً هذا الوصف، إذ أنَّ مِنْ بعد كل فقرةٍ غنيَّة بسيرةِ الراحلِ الخالدِ تعْقُبها إضاءاتٌ روحيَّةٌ محورُها الدعاءُ ومأثورُ استبصاراتٍ منعشةٍ تُجدِّد فيك طاقةَ المُضيِّ بهمَّة واهتمامٍ والرشفِ مِنْ بحرِ الكاملِ توَّاقٌ صاحبُه للمزيدِ؛ فالذي يتمذهبُ بالوفاءِ لا يُوري وجهَ مشاعرِه عن الإسِفار بالإفْصاح (سقانا الله).
تزوَّدتُ بما يعينُ عند مشْرَعي فِي قراءةِ النَّص الإخلاصيِّ وقد عظم عندي بدءاً وَفْقَيَّة العنوان وتميُّزِه (علَى منصَّات عُظماء الرِجال) وما تبعه مِنْ لوازمِ التعْضِيد الوَفائي إبرازَاً. وبقدرِ مكسوبِ خِبْرتي أو ما يدَّعى عنِّي مِنْ موهوبِ محبَّتي إلا أنَّ هذا السِّفر البديع الذي خطَّتْهُ يدٌ نقية الإخلاص قد هالني دهشةً واستعْمرني إعجاباً حيث ابتهجت بتبلِّج غُررِ أنوارِ جمالِ معاني بديعِ أوصافِه الرَّقراقة بماءِ الحقائقِ والمنْقوشةِ برقُومِ التجانُساتِ العَوالي الصَبَّابة مياذِيبها بأمْدادِ التوْفيق؛ فيا لَها مِنْ حالةٍ استثنائيَّة تتواءمُ وطبيعةَ المُجتبى الذي أوْفتْهُ الأستاذة/ إخلاص بأقصى ما يُمكنُ أنَّ يُخلَّد به وعبر لغةٍ منتقاة ميسورةِ الاستيعابِ لكل بَيَِنة المداركِ تلقيَّاً ومعرفة. وعلّ ذا أيضاً كما وردَ عنها يتّسقُ والتؤامةَ بين كلِّ طبقاتِ المجتمعِ وهي الخصيصةُ الساميَّة التي جسَّدها المرحومُ بصمتٍ ودونَ تكلُّفٍ وهي مما عَمِل عَلَى تنامِي ذِكْره الحَسُن بين كلِّ النّّاس. وبجانب ما أكَّدناه استشهاداً مِنْ النصِّ الرفيع فقد أبدعت الواصفةُ بمجامعِ الكلمِ فِي جُملٍ جمَّلت جيد المقالِ تُعبِّرُ بإيجاز وكمالٍ عن المرحوم؛ كمسحِه للعَتمات بمُشرقات الأعمال، وكذا فيضُه عَلَى مَدار المواسم الناسُوتيَّة بأباريقَ العطاءِ ورعايتِه لحقوقِ العلائقِ بتناويعَها الوِفَار بكل أدبٍ وهَذَبٍ دونَ وبَرِ “البوبار” وتجاويف الظهور الفارغ؛ فقد عُتقتْ رقبتُه مِنْ حياة الزَّبدِ مِنْ غيرِ مَهْدرة العُمر فِي مَداني الأرضِ مما جعلَ كل عمْرِه مُشرقاً مُكتسياً بطيبِ المكارمِ وشاحاً أبلجَ؛ فحقاً هو كما ذكرتْ وحقاً كما أبانتْ، إنه لخلقٌ تراحبَ بأحاسنِ الفِعالِ وتقوَّى بعنصرِ الإرادةِ فتكَاملَ أنموذجُه ليغدو مَدلَّةً لكل طالبي السيرِ العَطائي. كما أوسعتِ الراثيَّةُ مساحَ الرَّثاء بمطاوعَ المقْبس اللطيف (فقد كنتَ مِنْ معدنِ المحامد جوهرُ المحاسنِ منه غير منقسم) عائدةً بنا إلى عهود الطُهْر الغِنائي ورسائلُه العِفَاف المجانِبة لهابطةِ (ما قالوا بِجِي – مالو ما جا؟!!!).
لاشكَّ أنَّ المرحومَ كما عبرت الأستاذة هو مدرسةٌ لتلقينِ حميدِ القيمِ. ومع كلِّ ما أوضحتْه عنه مِنْ مآثرَ إلا أنَّها أبدتْ أنَّ مطلقيَّة المعاني التي حُبَي بها لا تحيط بكيفيَّاتها التعابيرُ تبايناً حيث عزّّتْ مكارِمُه عَلَى أهلِ النَّظرِ، وما أدلُّ وأَعْمقُ مِنْ ملْحظِ الكاتبة بأنَّه مِنْ أهلِ الإكرامِ عطاءً وجَبراً ولُطفاً وتنازلاً وتفهَّماً ومُؤانسة… يا له مِنْ ملمحِ لوحةٍ مليحةِ الإلماحِ حاويَّةً لكل ضُروب الجُودِ والسخاءِ ولطائفِ تقديمها وإشْعارِ المُتلقِّي بسِعْدِ الإنسانيَّة وعَظمة الخَاطر دونَ مَعْبَسَة أو إطراقٍ نفَّار. وكفى بنا أنْ دعتْ له الكاتبةُ الخالقَ الغفورَ بأنْ يجعل مرْقدَه كُوَّةً مُضاءةً بنورِ الرَّحمن فِي مقامِ القربِ الأدْنى سكيناً بما قرََّ فيه مِنْ عميق الإيمان فقرَّت عينُه بجميمِ مسادي العَوارفَ مَبرَّات فِي سُرَى الإحْسانَ ومراتب التََّداني وليس دنيء الرُّتب الفجيعِ بالكُرَب…
عظيمٌ تجلَّي إخلاص بإخلاصها الفائقِ فيما سطرتْ عن المرحومِ الحقيقِ بكل ما أوردتْ وما هو مخفيٌّ عنه بمَطْوَى السرائرِ مِنْ معاطي يُمنى غائبةٌ عنها اليسرى، مساكنَ للمساكين وإِقال عِثار عن المحتاجين وإثرة عَلَى النَّفس سماحةً ومروءةً، ويكفي أنه فِي دُنيا الأعمال متْجراً مِنْ أوائلِ مِنْ سوْدنوا تجارةَ وصناعةََ الحبوبِ الزيتيَّة مِنْ بعد سيطرةِ أربابِ الجالياتِ الأجنبيَّة عليها، وما ضنَّ عَلَى مُعاونيه ومعامليه فِي أنْ يبلغ بهم مبالغَ مِنْ التقدُّم والاكتفاء والاستقلاليَّة بل والمساندة عند المطبَّات بمدافرِ العونِ الكافي!. فلا بمستغربةٍ هذه الصنائعُ النِّصاع عن رجلٍ تعهَّدتْه العناياتُ العُليا أزلاً فكان لاختياره لأسماء كريماته الفِضال موافقاتِ فتحٍ وسناءٍ ومزاينَ وعطفٍ وامتثالاتِ إقبال وصفاء سريرة، فليتني بجريال وإسْكارها أجرُّ ذيولَ النَّصرِ عَلَى الباطلِ وبسخاءَ أذبحُ النَّفس بسخوةِ العطاءِ، وبأرَوى أرتوي مِنْ حياض آبائي المُترعة بفيوضِ المطالبِ السنيَّة. (ثلاثيَّةٌ عَلَميَّةٌ لكريماتي بها أرتجي واسلاً…).
بالعوْد إلى متنِ إخلاصِ المتينِ بمحتواهِ الثرَّ والذي آمُلُ مِنْ ذوي الراحلِ أنَّ يُطبعَ ويوزَّعَ لينتفعَ الناسُ بمثل ذِه السَّير البواهِي. ومن منظوري وبكل حضورٍ أخلُص مُلخِّصاً أنه إنْ جاز لي التعليق عَلَى ذا النص الحاوي رغم المفارقة بيني والكاتبة الموسوعيَّة فينحصرُ مَلْحظي تَحديداً فِي السِّمات الأصيلة بإدراكيَّات المعْرفة وانبساطيَّات الفكرة وإلهاميَّات المددِ مع كفايات المُلاحظة وشُموليات الإحاطةِ خلال جاذبياتِ السَّرد وتصاعديَّات الاتصال بنسقِ التصوِّر ولسانيَّات التوليد ممزوجةَ التركيبِ مختزلةِ النَّحت “Acronym” الساطعِ بجمالياتِ التوفيقِ ارتباطاً بالسيميائيَّات الدالةِ وفقَ المعنى المقاميِّ للسِّياق وملاءمته الوفيقة لمُجملِ الموضوعِ وحدةً ولاذا بكثيرٍ عَلَى إخلاص التي أخلصتْ وفاءً لأمانةِ اتِّكاءاتها عَلَى أرائكِ آباءٍ أفلحوا فِي دنيا الحِجا وقوَّة الحُجة فقد كانت تحجُّ إليهم الوفودُ بغيَّةَ المعرفةِ التي أصلحوا بها العبادَ دون مِنٍّ أو مشهرٍ خجَّال كمُتخجِّجي اليوم بفوارغِ الأخرُجِ الخرقاءِ والأجرُبِ الجَرباء، فأنعِم بجدِّها الفقيه ود أحمد نور عالماً مُهذِّباً ومجلسِ علمِه المعلوم بـ(أبروف) زماناً وكذا غالبة آل أبوشامة مِنْ تشوَّف الناس عبرهم بروق السعد مِنْ بعد طول مناكدَ وأعناتٍ فِي الخدمات الحياتيَّة، وأنعِم ثم أنعِم ثم أنعِم قال مَنْ؟ – قال إنهم قومُ آل عابد المحمود وأولاده ومن تَبِعَهم عَلَى رُشْدِ العطاء حيث برز منهم العديدُ فِي شتَّى صنوفِ الإسْهام المجتمعيِّ. ويعنينا هنا الأستاذُ شيْخ الصادق عبد القادر عبد المحمود؛ جَدُّ إخلاص عن والدتها كما أيضاً شموم البَطَر المحموديَّة ذاتُ الشأن الشامخ والمولدِ الفالِح يُدرك كمالات أحوالِها شاهدُ السيرة عمنا حاج محمود المبارك؛ بارك الله فِي أيامه. وشموم هذه جَدة إخلاص عن والدها مباشرةً. ولا ذِكْرُنا لمن ذكرناهم إلا ومناسبة السيَّاق وأُنموذجيَّة العَرْض، فكم لإخلاصِ مِنْ مديدِ أهلٍ وكم بالبلدةِ الأمَّ مِنْ آخرينَ كانت لهم أدوارٌ سابقةٌ ولاحقةٌ، كما منهم لا هذا ولا ذاك! وذِه سنةُ الحياة كأرضيِّ الكهرباء ومُدفع الدلاقين وبِت الَّليون ومقطور (الترتر) القديم اللاكِك فِي وحلِ المواطئ لَزُوجةِ الأوْساخ. (أكرمنا الله).
ختاماً:
نسألُك اللهم قَبولَ عبدك بابكر، بما هيأتَه له فِي دنيا البلاء، ووفَّقته فِي الاجتياز، واجعل سيرته المحتجِّ بوهاجة ضوئها موصولةً بخَلَفِه الميمون وبأنْفاسِه وأنفاسِ مثلِه الطفْ بهذه البلاد ممغمومةِ الشُّرور وانصُر كل مخلصٍ يبتغي أو يُنشد خيراً. والعزاءُ أصالةً لإخلاص؛ التي هزمتِ الزمن، فرغم مرابطتها بالمأتم وانشغالها بالمَهْمَم إلا أنَّها فِي قياسيِّ زمنٍ لم يتجاوز الثماني وأربعين ساعة مِنْ حين الوفاة برزت مصنفاتُها الرثائيَّة الثرةٌ للملأ، مما يُدلل عَلَى قدرات الهِمَّة ودوافعِ الوفاء وطاقاتِ الإبداع وانفعالاتِ الصدقِ وأحاسيسِ التبصُّر اللمَّاس للحقائق بنفَاذ الرؤيَّةِ عديدةِ الأبعاد. والتعزيَّةُ وصلاً وتكراراً لكل مِنْ ذَكرتْهُمْ الكاتبةُ بمدارجِهم المتعددةِ وصفاتهم المتميِّزة.
والتعزيَّة لجميع أهل كردفان التي حوتْ غالبَ أهلِ السودان وصلحائه وجسَّدت مجامعِ الوطنيَّة الإنسانيَّة؛ فلكردفان ومن ضمَّتهم حنينٌ وحميميَّةٌ فِي حنايا الكاتبِ المَشُوق، طالما ظلّ يعبِّر عنها نظماً ونثراً قيْداً فِي محابسِ الأرفُف ومُحدثات الحِفظ ومسامرِ الأُنس الصَّفي.
يا دارَ لهوي عَلَى النأي أسلمي وعُمي

**
ويا لذاذاةُ أيامي بهم عودي

ها هو اليومُ مساء الأربعاء موافقاً أسبوعيَّة رحيل الأبْلج – أبثُّ فيه نشرَ هذه الوقفاتِ الإلحاقيَّة فِي حدودِ مُسْطاع الآمادِ وصْلاً لمن يطِّلع بفؤادٍ قابل وتصالحٍ عامر، فقد عدتُ مستأنفاً إكمالَها لقطيعةٍ عن وصلِها بسبب مصيبةٍ فاجئة، تمثلت فِي وفاةٍ جليلة بأوساطنا المُكتلمة حيث غادرنا إلى الأخرى حكيمُ السروراب المُجِدُّ الأخ/ محَمَّد عبد الرحيم؛ المعروف بإمام، والذي كان بحقٍّ إماماً للعزائم والمكارم، وهو مشروعُ تبلُّجاتٍ شبيهة بالبابكريَّة المُستعرَضة، فقد أمضى أشواطاً بِعاداً دون ونىً يتشكاه أو فخراً يتبنَّاه أو متالفَ بعازقَ غير مأجورٍ عليها، فله حقٌّ وحقوقٌ يستوجب بيانُها لمن هو أدرى مني، ومعْ ذا سنلحقُ بفضلِ الذكر الحسن فيما بعد – مُنهياً مساطري بالصَّلاة عَلَى سميرِ حضرةِ التقريبِ، مناطِ الفتح القريبِ، جليسِ مِنْ هو له بالحبيب، نصير مستنصرِه بمسيرة الترعيب، والمخالصِ مواهبَ لروح أبي مَنْ أوفقتني سُمْياه سيدي الأستاذ الفيلسوف العارف الشيخ/ عبد المحمود نجل النور حَبْر الأمة والنصُّ مرفوعاً إهداؤه للتقويم والاستئناس المزيدي وإثراء الفكرة لمعلِّمنا المُلهم الأبِ الحبْوِ، والأخ الكبير، المُحللِ المُصيب، رائدِ المعرفة الشاملة الدكتور/ محَمَّد عبد الرحمن مصطفى؛ مَنْ شُهر بالخوَّاجة دقةً وانضباطاً فهو أستاذ علم إدارة اللوجستيات المتقدمة؛ الخبيرُ بعلومِ المجتمعاتِ الحضريَّة وتاريخ الخرطوم القديم، فضلاً عَن درايته بمقامات الأعْلام ومناهضتِه الشرسة لمشاكسي الحق (نصرنا الله).

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x