رأيتُ فيما يرى النائم هذه الرؤيا القدسية قبل صلاة الفجر وفي الهجيع الأخير في ليل العباد والصالحين والراكضين في بيداء الدربة لنيل الشهادة، رأيت آلاف الشاحنات والطائرات والقوافل المحملة بما يكفي الانسان ويفيض بالإعمار، ويبدد جحيم الجوع الكافر ويوقف جريمة الإبادة ونزيف الأطفال، نعم رأيت القافلة المباركة مد البصر وقد اجتمعت عليها أعلام ورايات وبيارق عواصم العروبة والاسلام. وأمام كل قافلة عربية ومسلمة اصطف مجموعة من الشباب الذين اذا رأيتهم حسبتهم رموز الغد القادم والنصر المأمول. هتفوا ببرقية واحدة بشتى اللغات والألسنة. قوافل اجتمعت فيها كل لسانٍ وأمةٍ (فما تفهم الحداث إلا التراجمُ) كانت البرقية المدوية بالأصوات الفتية واضحة ومختصرة وذكية:
إلى جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لقد قررنا نحن شعب الملياري مسلم اقتحام غزة لنوقف المجزرة والإبادة والجوع في هذا اليوم ونعلن في اليوم التالي قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، رضي من رضي وأبى من أبى ويكفي التسويف الذي تضمخ فيه اسرائيل الليالي القاتمات بمئات القتلى من الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ. سنقتحم نحن غزة الجريحة لننافس غزوتك لها وشريكتك بالطائرات الفاتكات والقنابل القاتلات والمدرعات التي ما أبقت حرمة لدار أو شرفاً لأسرة. اقتحمنا لنوقف فضيحتك بالفيتو الحرام الذي أدانته كل الانسانية والشعوب واحرار العالم بتظاهرات وبهتافات سدت عليك الأفق في كل المدن الأمريكية والعواصم الأوروبية. ها نحن نقتحم غزة ملتحفين بإرادة مئات الملايين من المسلمين وأحرار العالم، إنها برقية لا للإذن ولكنها للعلم.
هذه الملايين لن تخاف بعد اليوم شرف المنازلة ولا معركة التحرير، بعد الذي رأت وسمعت وذاقت من سياط المزلة والاهانة والتحقير ما يكفي الانسانية منذ فجر التاريخ. هذه المزلة التي نالت الملايين التي لا تملك في هذه الفانية إلا عزة النفس وكبرياء الارادة. وبداية القول ومنتهاهُ قوله تعالي: ( قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾
وتوالت قوافل دول الاسلام مقدمة ورايةٌ وشعار افترعته المملكة العربية بعلمها الرامز بالتوحيد وتكاثفت الأخريات تباعا.
- السعودية .. قداسة الزمان والمكان والأمة الشاهدة.
- مصر .. أمجاد عين جالوت التي حفظت الحضارة من الحريق والموت.
- تركيا.. الخلافة على الطريق وهذا الأمر سيبلغ مداه ما بلغ الليل والنهار. وإن الخليفة الذي ما باع القدس بالأمس لن يبيعها أحفاده اليوم.
- إيران.. حيث ما زال عطر دم الحسين على أثواب العروسات وأعطاف الشهداء.
- أندونيسيا.. الملايين التي تتحرق شوقاً للمنازلة.
- ماليزيا: التقنية والكفاية والعدل لا تحد من البطولة والتحدي.
- باكستان.. المأسدة التي لم يختبر الثعالب قبضتها وغضبتها بعد.
- بنغلاديش .. التي خرجت من لسان البوح والكلام إلى الهتاف الرصين أنا هنا أيها الغافلون عن أمجادي سكاناً وعلماً وتضحيات.
- أفغانستان.. الفقراء المؤمنون الذي هزموا الحضارتين السوفيتية والأمريكية وكان الهروب الكبير مشهوداً.
- الجزائر.. القلعة التي تكسرت عليها رماح الغزو والعبودية وأطماع الفرنجة.
- اليمن.. كانت في الاسلام مهد الحكمة وعند العروبة مرتع الفخر أما اليوم فقد صارت بتمردها ضد الطغيان الأطلنطي دولةً عظمى.
- العراق.. ألف عام مع حضارة العباسيين وألف أخرى مع الإلتزام حتى قيام الساعة.
- السودان .. وعد اللاءات الثلاثة والقادمون نعم.
- سوريا.. حيث ينام الخلفاء والحنفاء والأتقياء الأخفياء على حد سيف القضية.
- المغرب.. من هنا عبَر صقر قريش وطارق وابن تاشفين، والأندلس ما زالت تومضُ بالذكرى.
- تونس.. أرض تنبت القَنا والرماح وشعبٌ يلغي الاستبداد.
- جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية: (طاجيكستان، أوزبكستان، تركمانستان، قيرغيزستان، خراسان وتركستان الشرقية).. الضمير المستتر وجمع المعسكر السالم الذي عما قريب سيملأ الدنيا ويشغل الناس.
- وأقبلت غرب أفريقيا في ساحلها وصحرائها.. بطبول العز وملابس الأفراح الملونة والأنفس الفياضة بالحرية والانعتاق وكسر القيود. أتت بحفاوة الحضور نيجيريا والنيجر وتشاد ومالي والسينغال والأخريات.
- وفي كل قارة تناثرت الأقطار الهدايا حيث اجتمعوا على ميمنة أمة الهداية والرشاد البوسنة والهرسك وألبانيا وكوسوفو وبروناي وأعلنوها بأن المال والرجال والعون الحافل بالبركة والعفة مبذولٌ رغم ضيق اليد لكسر مسغبة غزة العزة.
- الصومال.. ما زالت راية الكفاح مرفوعة وما بح صوتها من الهتاف لأمتها أضاعوني وأي فتىً أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر.
- جيبوتي .. عبقرية المكان التي جعلت لهذا الشعب العريق مكاناً لصالح الأمة والجماهير.
- جزر القمر: هنا ترتاح النجيمات الخلاسية البعيدة من قبضة المدارات ووعثاء التسفار.
- ليبيا.. في غد يحكون عن أناتنا وعن الأحزان في أبياتنا وعن الجرح الذي غنى لهم.
- موريتانيا: هنا يحفر هذا الشعب على سطح المحيط والصحراء التاريخ بالعربي الفصيح، ويوثقه بالقران.
- لبنان .. اثنان أعيى الدهر أن يبليهما لبنان والأمل الذي لبنيه.
- سلطنة عمان.. الأصالة والتجويد والتواضع يصنعون هنا الأرض والقاطنين.
- الأردن.. الهاشميون يعبرون من مساحة البركة إلى ساحة الحركة.
- الكويت.. كل الذي يلمع هناك من الذهب الخالص الوعي والحرية والانسان.
- الأمارات.. الشعب المدخر لإعلاء النصيحة وكشف الفضيحة، كالخيول الأصيلة يرفع بيرق النصر في الجولة الأخيرة.
- قطر .. رشدنا ليس لصالح العروبة والاسلام فقط بل لصالح الانسانية.
- البحرين: كل لؤلؤة ثمينة تخرج من بحر واحد إلا لؤلؤة المعنى عندنا فإنها تخرج من بحرين.
- فلسطين: القدس والأقصى والعز والشرف والكرامة والكبرياء يكتبه شعب الجبارين وحده، وتبصم عليه إبهام فلسطين ولهذا تبقى طريق المسرى ومسك الختام.
وعندما انقضت الرؤيا براية فلسطين وشعارها استيقظت على نداء الفجر صداحا الله أكبر الله أكبر والآية المعجزة ( وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) صدق الله العظيم
