كلمة عبد الكريم محمد فرح في زواج شقيقه مؤمن

كلمة عبد الكريم محمد فرح في زواج شقيقه مؤمن


عجمان: جسور
مؤمن عريساً

“في غربة الموتى؛ أو موتى يُعِدون الحضور على موائد من صفيح
اللغو، هرجلة التفاصيل الرخيصة والهلام”..

ذاك اليوم … ، يومه الأول في المدرسة الإبتدائية كان أسوأ يوم لي في الدراسة على الإطلاق، ترددتُ عليه في الفصل 5 مرات، تأكدتُ من إفطاره، ذهابه للحمام تحركاته، عدم تعرضه للأذى، كنتُ في الصف السادس ولا سبيل للخروج مبكراً وإيصاله للمنزل، خرجتُ مسرعاً هرعاً وبعدها علمتُ أن أبي قد جاء وأخذه.
بين الإكتراث واللامبالاة والشعور واللاشعور نشأ مؤمن .. أخي الأصغر ،، كلُ شيئٍ لديه محفوفٌ بالخطر ،، دائماً ما يعيشُ في قنبلةٍ موقوتة، ربما لأنه يحمل بداخله الشيء وضده.
يعرف كيف يتحدث للأخرين يحتويهم، ويُحدثهم بما يحبون بلباقة ولياقة .. يصبرُ على الناس بجميع أمزجتهم لا يجرح ولا يتنمر فهو عكسي تماماً في هذه المسألة ..
مجامل من طراز فريد لكنه لا يخشى في الحق لومة لائم، ربما لا يمكنك أن تعرف شعوره الحقيقي تجاهك .. إلا عند الشجار .. لا يرد الكيل بالكيل والصاع بالصاع بل كيلين وصاعين.
ذكيٌ لماح .. مثابرٌ و جاد ،، لا يضحك !! .. وربما يخفي ضحكته احياناً مثله مثل أبى في ذلك ..
لا تستهويه أحاديثي عن الغناء والحقيبة ولا حتى الأشعار ،، يميل للواقعية أكثر من العمق والخيال ،، لا يُحب الثقافة والفنون ولا حتى الرياضة ولا يعرف أحاديث المثقفين ولا يشارك حواراتنا .. والدي وأنا .. ليس لديه وقت لذلك فهو دائماً على عُجالة من أمره.
إجتماعي فقط مع أصدقاءه ومن حوله غير مقتنع بفلسفة الأسرة الممتدة وأهل أبوك وأمك البعيدين ..
مولع جداً بالمال والأعمال وصناعة البزنس وقصص النجاح وغيرها من أحاديث دبي وما حولها .. ربما لأن ذلك طابع المغتربين وأحاديثهم وربما لأن فرضيات الحياة ونظرية الوجود جعلت مِنه مثابراً دائماً من أجل كسب العيش.
هو الأقرب دائماً لحديث أمّي وانفعالاتها،، يعمل على إرضائها مهما كانت الظروف ،، دائماً قلبها مقطوع وخايفة وبتسأل عن مؤمن ،، يناكف ساجدة – أختي التي تصغرني – كثيراً .. يتشاجرون كما الأطفال.
حدثني ذات مرة عن صعوبة الزواج وأنه لن يتزوج بسهولة وأنّ اختيارها يجب أن يخضع لمعايير معينة .. لم استطع مجاراته فأنا زول ساهلة وختمتُ القصة بحديث القسمة والنصيب. ولأن الوفاء أحد صفاته التي تميز بها ويعرفها عنه الكثيرون .. فقد كانت ‘وفاء ‘ هي الفائزة بمعايير
الإختيار الصعب.
نحتفي بهم في عجمان عاصمة اللغوسة التي يألفها السودانيون .. بعيداً عن المسالمة وشارع كرري وحي العمدة والعقد في جامع الامين عبد الرحمن ،، فلا وجود هنا لوالدي صاحب الواجب وعرّاف المقامات الأستاذ محمد فرح ..
نحتفي بهم خارج أسوار أمدرمان المغتصبة، ونُكمل مراسم هذا الزواج دون صغارنا (سمر وأمنة وعلوش) .. دون أسرتي الصغيرة وفستان آية .. نُواصل إصرارنا على إتمام العُرس ولن نستقبل آهلنا ناس بيت المال (حوش الدعيتة) ، ولا أهلنا ناس شبيكة ،، نحتفي هُنا فقط بطعم الغياب .. وتجرعات من علقم اللحظات القادمة فهل سيصلحُ العُرس ما أفسده الجنرال .!؟

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x