مشروع الجزيرة متاريس في مسيرة الإنطلاق!

مشروع الجزيرة متاريس في مسيرة الإنطلاق!

العزف على الأوتار
يس الباقر


طوال مسيرته التي تجاوزت المائة عام
مر مشروع الجزيرة بتطورات عديدة نتيجة للسياسات التي تتخذها الحكومات المركزية في ظل التغلبات السياسية المختلفة في الحقب الماضية التي لم نعايشها وهي حقبة نميري والتي تبدل فيها قانون المشروع من الحساب المشترك للحساب الفردي ورغم هذا التحول إلا أن كل شئ كان منظما ومرتبا له وخاصة تلك العلاقات التي تحكمها الأقسام وهي قسمي المبيعات والمشتريات ثم بقية الأقسام من هندسة زراعية.. ووقاية.. وإكثار.
في العام ١٩٩٢م بعد تطبيق سياسة التحرير الإقتصادي ولاحقا إدخال الحيوان ببعض الأقسام والذي بسببه تحولت الدورة الزراعية لدورة خماسية وهذه التجربة فشلت منذ إنطلاقتها لأسباب عديدة وهي أن المشروع صمم أساسا على إنتاج ثلاثة محاصيل رئيسية وهي القمح والذرة للإستهلاك المحلي والقطن لتوفير العملات الصعبة وبالتالي كان عملية دخول الحيوان صعبة جدا في ظل هذه التركيبة لتستبدل لاحقا المساحات المخصصة للحيوان إلى محاصيل أخرى مثل زيادة مساحة الذرة أو الفول السوداني أو الجنائن لذلك تسبب هذا القرار في زيادات المساحات المزروعة حيث كان في السابق يتم زراعة ١٠ فدان لكل مزارع في العروة الصيفية وهي تزرع بالذرة والقطن وأصبحت مساحات العروة الصيفية بعد التقسيم الجديد ١٢فدانا وهذه المساحات أدت بدورها إلى زيادة في المساحات الكلية التي وصلت في بعض السنوات لحوالي ٩٠٠ ألف فدان للموسم الصيفي وحده وأكثر ٧٠٠ ألف فدان في الموسم الشتوي وهذا رغم كبير من المساحات يصعب إمداده بالماء في وجود سعة تصميمة محددة لقنوات الري وترعه وكميات محسوبة من المياة وفاقم من ذلك الإهمال الذي وجده في فترة الإنقاذ خاصة في عمليات تطهير الترع والقنوات وإنسدادها بالأطماء وعدم وجود رقابة على ممتلكات الري وإنسياب المياه وهذا بدوره شكل مفارقات عديدة من إهدار للمياه في بعض المناطق وعودتها للنيل ثانية وعطش في مناطق أخرى وهذه هي مسؤولية الري في المقام الأول لأن مهمته حسب القانون هي توصيل الماء للمزارعيين حتى فم أبوعشرين وهذا لم يحدث وإن كان هناك حل هو توقيع عقد للإمداد المائي لكل مزارع وفي حالة الإخفاق يتم تعويض المزارع تعويضا مجزيا وهذا مالم يحدث أيضا طوال الحقب الماضية في ذلك تعاقب عشرات الإتحادات وشيطنتها التي فشلت في حفظ حقوق منسوبيها من المزارعيين وكان كل الصراع ينصب حول السياسة وكيفية الحصول على إمتيازات.
أما الجانب الأهم في مشروع الجزيرة والغير معقول هو وجود شبكات قضت على أهم المقومات الإنتاجية وهي توفير الأسمدة والتي تجاوزت أسعارها أسعار المحاصيل نفسها فالإنقاذ أرادت في عهدها إبعاد هذه الخدمة التي كانت تصل للمزارع من المشروع بأسعار زهيدة وحولتها للسوق والبنك الزراعي والذي لم يكن حريصا بأي حال من الأحوال من الإدارة التي تستجلب هذه المدخلات بأسعار التكلفة أو هامش ربح، ومنحها سماسرة القطاع وخلعتها من فك المشروع إلى أنياب السماسرة التي يستوردونها أحيانا كثيرة بإعفاءات كبيرة ويبيعونها بأسعار مضاعفة ومن ثم أتت شركات الخدمات المتكاملة وهي أيضا قامت على تدمير بعض المؤسسات وبكل أسف صنعها مزارعون وأبناء جزيرة جلدا ولحما ودما.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x