محمد الشيخ مدني .. يكتبسياحة الآثار في السودان ما بعد الحرب(١-٤)

محمد الشيخ مدني .. يكتبسياحة الآثار في السودان ما بعد الحرب(١-٤)


مدخل أول :
قبل أكثر من عشرين عاما تنادينا نحن مجموعة من أبناء منطقة شندي بخلفيات سياسية وعلمية وإجتماعية مختلفة … وأنشأنا منظمة طوعية خيرية بإسم (هيئة تطوير منطقة شندي) … حددنا لها أهدافا كبرى … وأهدافا خدمية مستمرة … كانت الأهداف الكبرى أربعة … (١) العمل على ربط المنطقة بالشبكة القومية للكهرباء … (٢) السعي لقيام كبري شندي – المتمة … الذي كان حلما منذ الإستقلال (٣) تطوير وتشجيع سياحة الآثار … (٤) إعادة تأريخ شندي كمركز صادر للمحصولات كسابق عهدها … أما المشاريع الخدمية المستمرة فقد كانت في مجالات : التعليم … الصحة … المياه … الرياضة … كفالة اليتامى … دعم الأسرة الفقيرة بمشاريع التمويل الأصغر … دعم المساجد والخلاوى … الزواج الجماعي … الختان الجماعي … الحمد والشكر لله رب العالمين أصبنا نجاحات مقدرة في كثير من المحاور بتوفيق من رب العالمين … وصدق نوايا العاملين … من خلال تأملاتي في أيام الحرب المدمرة التي طال أمدها … والتي نسأل الله أن تصل نهايتها إلى غير رجعة ويعود للسودان أمنه وأمانه … رجعت بذاكرتي لمحور سياحة الآثار … وما تم فيه … فوجدت أنها تجربة عايشتها كاملة تستحق التسطير … أرجو أن أنبهكم إلى أن بداية هذا المقال خبرية وربما تكون رتيبة … ما تزهجوا فالدراما والإثارة في النهاية … مدخل ثاني : من المعلوم عالميا أن سياحة الآثار عادة تكون من الموارد ذات العائد العالي في أي دولة بها آثار ذات قيمة تأريخية … ولكن لاحظنا أن عائد الآثار في السودان ضعيف مقارنة بالدول الأخرى … فطرحنا تساؤلا : لماذا مثلا يزور الإهرامات المصرية خمسة عشر مليون سائح سنويا … ومن يزور إهرامات السودان أقل من ١٠% من هذا العدد ؟ … وجاءتنا الإجابة على التساؤل بأن السبب الرئيسي هو أن إهرامات السودان ليست مسجلة بمركز التراث العالمي التابع لليونيسكو … وأن سياح الآثار لا يهتمون بالآثار غير المسجلة … وإنما يزورون فقط مناطق الآثار المسجلة في التراث العالمي … وهنا حددنا أس المشكلة ونقطة الإنطلاق في البحث عن كيفية تسجيل آثار البجراوية والنقعة والمصورات ضمن التراث العالمي … بعد هذين المدخلين أدخل في سرد مفصل لكيفية نجاحنا في هذه المهمة رغم أنها بدت مستحيلة في مرحلة من المراحل … وكان ذلك بمجهود … ومثابرة … وصبر … وقبل كل ذلك بتوفيق من رب العالمين … بدأت القصة عام ٢٠٠٥م عندما طالعت في إحدى الصحف اليومية أن المستر كيوشيرو ماتسورا مدير عام هيئة اليونيسكو … وكان قبلها وزيرا للخارجية في اليابان … أنه سيقوم بزيارة للسودان تستغرق ٤٨ ساعة فقط … فرحت جدا لهذا الخبر وإتصلت بوزارة الخارجية السودانية … وطلبت منهم تخصيص ساعتين إثنتين فقط من برنامج مدير عام اليونيسكو … لأننا نريد أن نستصحبه في زيارة ميدانية للبجراوية … لإيماننا بأن من يرى ليس كمن سمع … والساعتان التي نحتاج إليهما هي أننا سنقوم بتجهيز طائرة هيلوكوبتر … تستغرق الرحلة من الخرطوم للبجراوية أربعين دقيقة زمن طريق + أربعين دقيقة زيارة موقع البجراية + أربعين دقيقة عودة للخرطوم … كان رد الفعل الأولي لوزارة الخارجية هو الرفض بحجة أن البرنامج مزدحم … وليس فيه فرقة … لم أستسلم لهذه الحجة … فطلبت منهم تحديد موعد لمقابلتي وجها لوجه وبسط تفاصيل كل البرنامج أمامي … ليثبتوا لي أن تفاصيل كل ال ٤٨ ساعة في البرنامج أهم من زيارة مدير عام اليونيسكو للبجراوية … لسبب يعلمه الله تراجعوا ووضعوا ضمن البرنامج ساعتين لزيارة البجراوية … يتبع (٢-٤) …

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x