حسن فضل المولى يكتب :نجيب نورالدين .. ألفين سلام ..

حسن فضل المولى يكتب :نجيب نورالدين .. ألفين سلام ..

( عبقري الحوار ) ..
و القول هنا للإذاعي الفذ ( حمدي
بولاد ) ..
و ما أدراك ما ( حمدي بولاد ) ..
فإذا أثنى عليك هو ..
أو أحد أساطين الإذاعة و دهاقنتها ،
و منهم ..
( محمد خوجلي صالحين ) ..
( صالح محمد صالح ) ..
( محمود أبوالعزائم )..
( حديد السراج ) ..
( الخاتم عبدالله ) ..
( عمر الجزلي ) ..
( صلاح الدين الفاضل ) ..
( معتصم فضل ) ..
و من سبقهم ، و سار على هديهم ،
و هم كُثر ..
فأنت مُقدَّرٌ و مرموق ..
و هكذا هو عندي ..
مرموقٌ ، و مكان معزتي و تقديري ..
و لعل الله قد هداني إليه في و قتٍ
مبكر ، و أنا أحبو في مدارج العمل
التلفزيوني ، في ( تلفزيون السودان ) ،
يوم أن اشتد ساعدي بنفرٍ من أهل
الدراية ( بالإذاعة ) و الريادة في
( الصحافة ) وقد بذلت لهم
الدعوة للإنضمام إلى كوكبة
المبدعين الأماجد ( بالحوش ) ،
فما توانوا ..
الأستاذ ( الشفيع عبد العزيز ) ..
الأستاذ ( عبد الوهاب هلاوي ) ..
الأستاذ ( مصطفى أبوالعزائم ) ..
الأستاذ ( سعد الدين إبراهيم ) ..
الأستاذ ( صلاح التوم من الله ) ..
و الأستاذ ( نجيب نورالدين ) ،
و الذي للمرة الثانية عندما التحقت ( بقناة النيل الأزرق ) ، من بعد ،
سعيت إليه مُستعيناً به في تأهيل
و تدريب ( المُذيعين ) ..
فكان في الموعد
و كان كما كنا نرتجي و نَوَدُّ ..

و الذي يميز ( نجيباً ) ، أنه كلما
أسْرَعَتْ بك نحوه حاجةٌ أو مسألةٌ ،
تجده ( قريباً ) ، يُعطي من خبرته
و مِراسه ، بحُبٍ و شَغَفٍ و نُكران
ذات ..
و هو على كثرة عطائه و تَشَعّبِه
و علو كعبه ، في مضارب ( الإذاعة )
و ( الصحافة ) و ( التلفزيون ) إلا أنه
يظل مُتواضعاً لا يُزاحم و لا يُكابر
و لا يُكاثر كحال أولئك الذين يملأون
الآفاق ضجيجاً و هم دونه بكثير ..
و هو يتعهد مَنْ هُم بين يديه برعايةٍ حميمةٍ ودودةٍ ، تجعل من يتتلمذون على يديه و كأنهم أندادٌ له و أقران ،
و ذلك بما يُوحي به إليهم من تحفيزٍ
و تشجيعٍ و تزكيةٍ و اطراء ..
و تراه متوخياً ( الحرفية ) و ( المهنية )
فيما يوكل إليه من تكليف ، و فيما
يسنده إلى الآخرين من تكليف ،
فلا يسْتَسِهل صعباً ، و لا يَتَصَعَّب
سهلاً ، و يأتي ما يأتيه بكل سلاسةٍ
و رِفقٍ و اتقان ..
و هو دائم الثناء على الآخرين بما
يخُطه بمداد مُعَتَّق من ( نفسٍ
أبِيَّةٍ و روحٍ شاعرية ) ..
و فوق ذلك ، يُعجبك حديثه ،
و يسرك مرآه ..

و أنا إذ أحاول أن أحيط بطرفٍ من
هذه ( المسيرة البازِخة ) ، أجدني
كمن يسعى لاصطياد ( نجمة ) من ( نجوم بعيده ) ، و أنَّى لي !!
و ( نجوم بعيدة ) ، هو البرنامج
الذي أسعد به ( نجيب ) مستمعي إذاعة ( هنا أم درمان ) باستضافته
لأقمارٍ أضاؤوا أركان حياتنا بعطائهم ،
ثم احتجبوا و كان بينهم الفنان
و الشاعر و الملحن و الرياضي
و السياسي و الصحفي و هلمَّ جرا ..
و أردفه ببرنامج ( الموجة ٦٠ ) ليلقي
الضوء بحنكة و اقتدار على مؤسساتٍ
و هيئاتٍ راسخة في وجدان كل
( سوداني ) و ( سودانية ) ..
فكان كما وصفه ( حمدي بولاد ) :
( محاوراً فذاً وعبقرياً في استخلاص
المعلومة و ارضاء المتلقي و ذلك
بالاعداد الجيد للمحاوِر و الانتباه
الكامل لما يقوله الضيف ) ..
و أزيد على ذلك أن ( نجيباً ) ،
يجلس على مخزون ثقافي و معرفي ،
يُيسِر له التحليق في كل سماءٍ
و الغوص عميقاً في كل بحرٍ ..

و قد تابعت مرةً ، و بكل تَلَذُّذ ،
( نجيب ) و هو يجلس إلى المذيعة
المقتدرة ( مشاعر عبدالكريم ) ،
في ( سودانية ٢٤ ) ..
و ( مشاعر ) عندما تحاورك تغمُرك
بارتياحٍ لا تجد معه مناصاً من أن
تنداح و تتداعي و تُفْشي لها بخبرك
و مَخْبَرك..
لقد ولج ( الإذاعة ) و هو في السابعة
من عمره ، عندما كان يأتي برفقة
خالته ( نعمات حماد ) ..
و ( نعمات ) تُجسِّد تاريخاً إذاعياً
و درامياً و مسرحياً مُحْتشداً بالسطوع ،
و كثيراً ما كانت تزورني بمكتبي ( بتلفزيون السودان ) ، عند حضورها من ( لندن ) ، حيث تقيم هناك ،
و كنت أراها تفيض حيوية و حُباً
للفنون و تلَهُفاً للإبداع ..

و هي أيضا مَنْ قادته بعد تخرجه
من ( الثانوي ) و اعتزامه السفر
خارج السودان ، رافضاً دخول الجامعة ، إلى رئيس تحرير مجلة
( هنا أم درمان ) ، الأستاذ ( عبدالله
جلاب ) ليكتسي خبرة إلى حين
سفره ، فطاب له المقام متدرجاً
في سلكها إلى أن غدا ( نائباً لرئيس تحريرها ) ، و هي المجلة التي كان
يبلغ توزيعها ( مائة ألف نسخة ) ،
عند صدورها كل يوم ( خميس ) ..
و كان كَلَفَه بها ، رغم ابتعاده
منخرطاً في العمل الصحفي ،
دافعاً لموافقته على تكليفه من
قِبل ( نائب مدير الإذاعة ) الأستاذ ( عبدالعظيم عوض ) ليرأس تحرير العدد الخاص من ( هنا
أم درمان ) الذي صدر بمناسبة
مرور ( ٧٧ عاماً ) على إنشاء
( الإذاعة السودانية) ..

و دخول ( نجيب ) و هو شافع يافع
إلى ( حوش الإذاعة ) ، و فترة عمله
في ( هنا أم درمان ) ، و ما قدمه من ( برامج ) ، أتاح له ذلك فرصة ذهبية للتعرف على ( شُمُوسٍ ) في مسيرة الابداع و التميز ..
و يذكر المرة الأولى التي رأى فيها
( الذري إبراهيم عوض ) و هو يعْبُر
( حوش الإذاعة ) ، و ( الذري ) ظل
مهوى الأفئدة ، بِطَلَّتِه المُبهرة
و روحه المُلهِمة و أغنياته المُسْكِرة ..
( لو بُعدي بِيَرْضِيهُ
و شقاي بِهَنِيهُ
أصبر خَلِيهُ
الأيام بِتْوَرِيهُ ) ..
و ياسلاااام عليك يا ( الطاهر
إبراهيم ) ، و أنا لا أزال أذكر بغامر الامتنان اصطفاءك و دعوتك لي في ( الثورة ) ، لمشاركتك الاستماع
لمُطربةٍ تغنت لنا بنظمٍ نظيمٍ من كلماتك الريَّانة ، فلك الرحمة
و المغفرة ..

و يذكر ( نجيب ) سيدة المايكرفون ( ليلى المغربي ) ، و مشاركتها لهم الغِناء في ( جنة الأطفال ) ، و كيف
كانوا يستهينون بصوتها ، ذلك
الصوت الذي عندما كبِروا أدركوا
أن المستمعين يبدأون به يومهم
على أنفاس ( نفحات الصباح ) ..
و ( ياصوتها لما سرى عبر الأثير
مُعَطَّرا
مثل الحرير نعومة و نداوة
و تكَسُّرا ) ..
و أنا عندما رجوتها أن تنضم إلينا في
( تلفزيون السودان ) للمشاركة في
تقديم ( مشوار المساء ) ، أذكر لها
تلك العبارات الرقيقة التي نفحتني
بها مُستجيبةً ..
و يوم أن كنا نرافق سوياً شاعر
أفريقيا ( الفيتوري ) إلى أستوديو
( علي شمو ) التفت إلى ( ليلى )
و قال فيها كلاماً يُذيب الصخر
العَصِيِّا ، فأبطأت في مشيتها ،
و أرخت ثوبها على جبينها ، و عَلَت
ثغرَها ابتسامةٌ حَيِيَّة أضاءت
المكان و الزمان ، عليها الرحمة
و المغفرة ..

و يذكر ( نجيب ) بعَمِيييق المحبة
الأستاذ ( ميرغني البكري ) ،
و أنا تطربني و تهزني كثيراً سيرة
( عم ميرغني ) فقد كان محل
مودتي و معزتي ، و كنت محل
رعايته و اهتمامه ، فهو مستودعٌ ( للفنون ) ، و ظهيرٌ ( للفنانين )
من كل جنْسٍ و لون ، و قد ذكرت
في مقالٍ لي عنه ..
( كنت أراه يغشى جُلَّ إن لم يكن
كلَّ المنتديات الفنية و الثقافية ،
حتى تظن أن له أشباه و نظائر ،
إذ كيف كان يقوى على ذلك حتى
بعد أن وهَنَ منه العظم و اشتعل الرأسُ شيبا ، و كان أنَّى حلَّ تجده
يملأ المكان حضوراً طاغياً بجسمه
المنحول و عُمامته المعهودة ،
و إذا رآك لا ينتظرك تأتيه بل يخِفُّ
إليك باسِطاً ذراعيه ، و قد ظل على
هذا الحال حتى آخر أيامه ، و لم
يحبسه المرض و الاعياء فمات
واقفاً كما الأشجار البواسق ) ..
و رحمة الله تغشاه ..

و ما كان ( لنجيب ) إلا أن تسوقه
خُطاهُ إلى ( حَلَبَةٍ ) هو فارسها
و ابن بَجْدَتها ، و هي الصحافة ،
( الجرايد ) ..
و قد جاء إلى هذا المُعترك مشفوعاً
بعشقٍ ظل يلازمه منذ ( الإبتدائي ) ،
يوم أن كان يحرر ( جريدة حائطية ) ،
يُقبل عليها ( الأساتذة ) قبل ( التلاميذ ) ، مُعَزِّزاً ذلك بتجربة
مُورقة زاهِرةٍ مونِقة ، في مجلة
( هنا أم درمان ) ..
و يحكي ( نجيب ) أن السامِق
( عوض أحمد خليفه ) قد انتقاه
لصحيفة ( الأيام ) ، مع سبعة من الأفذاذ ، ذكر منهم الأستاذين دكتور ( مرتضى الغالي ) و ( هاشم كرار ) ..
و عندي أن من يقع عليه اختيار
( عوض أحمد خليفة ) فهو ذو حَظٍ
عظيم ..
و ما أن يُذكر ( عوض أحمد خليفة )
إلا و تنغمس النفوس في أجمل ما
فاضت به قريحة إنسان من مشاعر
و أحاسيس تُحيي موات القلوب ..
( أوتذكرين صغيرتي أوَ لا تذكرين
الخمسة الأعوام قد مرت
و مازال الحنين ) ..
و ( كيف يهون عندك خصامي
و ترضى من عيني تغيب !! ) ..
و ( ربيع الدنيا ) ..
و ( عُشرة الأيام ) ..
و عشرات اللآلئ المنثورة في
و جداننا ..
و كان الأستاذ ( عوض ) يزورني من
وقتٍ لآخر في ( التلفزيون ) فداعبته
مرة قائلاً :
” يا أستاذ ، قالوا في واحد من
أصحابك قابلك بعد فترة طويلة ،
و سألك مالك ما ظاهر ، و وين
شعرك الجميل ؟ ، فذكرت له أنك
قد أحجمت عن نظم الشعر ،
و أصبحت مُلازِماً ( لمسجد
الأدارسة بالمورده ) ، ترفع النداء ،
و أحياناً تؤم المصلين ، فقال لك :
ياعوض حرّم إنت ( ربيع الدنيا)
و ( عُشرة الأيام ) يدخلوك الجنة ” ،
فقهقه ، و لم يثبت لي أو ينفي هذه
الواقعة ، رحمه الله و أحسن إليه ..

و ( نجيب ) في ( جريدة الأيام ) نَهَل من مَعِين الأستاذ ( حسن ساتي ) ما
أقامه على مَحَجَّة العمل الصحفي
القويم ، من مهنية و حرفية ، فقد
كان ( حسن ) على حد وصف
( نجيب ) له ، موهوباً و له قدرة على
الاجتراح و التفكير الجديد ، و يحتفي
بكل مبادرةٍ و مُبادِرٍ ، و هو ما ينطبق
على ( عبدالله جلاب) و آخرين
أضاؤوا طريق ( نجيب ) ..
و خلال عمله ( بقسم الأخبار )
تدرج إلى نائب لرئيس القسم ..
و قبل ذلك ، كان مكلفاً بتغطيات
( القصر الجمهوري ) ، و شهد يوماً
اجتماعاً للرئيس ( نميري ) ببعض مستشاريه ، و لما كان اللقاء لا
ينطوي على أهمية خبرية ، فقد
مضى إلى حيث تُعد الضيافة ،
وبينما هو مستغرق في ارتشاف
كوب من من مشروب ( التبلدي )
سمع من القائم على الخدمة
الرئاسية أن ( رئيساً ) سيزور
السودان غداً ، فاهتدى بحاسته الصحفية إلى أنه الرئيس التشادي ( جوكوني عويدي ) و كان هذا الخبر
في غاية الأهمية لأن بين ( عويدي )
و ( نميري ) ما صنع الحداد ..
لم يكن ( نجيب ) قادراً على تبني
الخبر دون تَثَبُّت و ما كان ليُهمله ، فأسرع إلى مكتب وزير شؤون
الرئاسة ( بهاء الدين محمد إدريس ) ،
و أفلح في الدخول إليه مستفسراً
عن تفاصيل زيارة الرئيس التشادي ،
و كأنه هو من رتب لها ، فانفجر الوزير غاضباً :
( الخبر ده جبتو من وين ؟ ) ..
أجاب ( نجيب ) : ( عندنا من كم يوم ) ..
( جبتو من وين ؟ دي مسألة أمنية ) ،
خلاص انتهى الموضوع ) ..
لم يستسلم ( نجيب ) ، و أسرع راجلاً
يتصبب عرقاً إلى ( مبنى الجريدة ) ،
مستقوياً برئيس التحرير الهُمام
( حسن ساتي ) ،فنقل إليه الخبر
و تحذير ( الوزير ) ، فهاتف ( حسن )
الوزير بلهجة واثقة : ( أرسلنا مندوبنا
ليكم بخبر تقولوا ماتنشروا ، كيف
يعني ما ننشروا !! ) ..
تبنى ( حسن ساتي ) الخبر و هُو
كأنو ما الخبر اللَقَطو ( نجيب ) من ( البوفيه ) ..
و تحت هذا الإصرار وافق ( الوزير )
على النشر ، دون تحديد الزمان ،
فصدرت ( الأيام ) في اليوم التالي ..
نجيب نورالدين يكتب ..
( تأكدت زيارة الرئيس التشادي
جوكوني عويدي للسودان ) ..
و جاء ( جوكوني ) ..
و انتصر ( نجيب ) بإسناد من
( حسن ساتي ) ..
و هو انتصار للمهني المثابر العارف
النابه ، في أنصع تجلياته ..
و لقد امتد به العطاء إلى ( صحيفة
الخرطوم ) ليعمل بمكتبها في
( القاهرة ) بمعية رئيس تحريرها
الأستاذ الجميل الراحل ( فضل الله
محمد ) ، ويرحل معه و زاده
( الحنين ) و ( الشجون ) ..
( ماهو باين في العيون
وين حنهرب منو وين
الهوى البَعَث الليالي
العامره بي زاد الشجون ) ..
و أدعو الله أن يُسبغ شفاءً و عافيةً
على محبوبنا الأستاذ ( محمد الأمين ) ،
و هو طريح الفراش بأحد مشافي ( فرجينيا بأمريكا ) و مايشوف ألم ..
و ( قالوا متألم شويه
ياخي بعد الشر عليك ) ..

و ( نجيب ) من قبل و من بعد ..
عالِمٌ و عالَمٌ من الجمال و اللطف
و المكارم و الفيوضات الندِيَّة ..
و أنا هنا ، لم أشأ أن أوثق له ، فهذا
مرتقى تقعد بي قُدراتي المتواضعة
عن إدراكه ..
و لكني فقط أردت أن أحييه بهذه
الخواطر المشُوقَة بعد أن طال
عهدي به و انقطع ..
و اعتذر إذا بدر مني تقصير ، فيما
كتبت ، أو أخطاء غير مقصودة ،
أو تلعثُم ، ( مُش تَلعْثُم واردة في
في الكتابة يا ( نجيب ) و لا هي
وقف على القول ؟ ) ..
و قبل أن انصرف ، فإني أذكر
حديثنا عبر الهاتف و ( رمضان )
على الأبواب ، فصحَّ مني العزم
يومها على زيارته ، و وصل ما انقطع ،
و إن كان الودُ موصولاً ..
و عندما اقترب ( العيد ) انتقيت
( قارورةَ عطرٍ ) ، و هيأت عبارات
اعتذار أقدمها بين يديه ، علّها تشفع
لي عن الانقطاع و عدم السؤال ،
و لكن شاء ( الله ) أن يأتي ( العيد )
بلا حُبور ولا عطور ولا زهور
و لا ( بدور ) ..
و دمت بألف خير أستاذي
( نجيب نورالدين ) ..
و سلامٌ عليك ..
٢٦ سبتمبر ٢٠٢٣ ..

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x