كنداكة وافتخر

كنداكة وافتخر


د.سلوي حسن صديق
كان يوما استثنائيا يوم ان تجرأنا علي الحدود الجغرافية التي رسمها الثوار حينها واصبحت امرا واقعا لامجال فيه للمخاطرة ولو كان المقام مقام خروج الروح .. يمنعونك دون ان يرف لهم جفن .. المهم في ذلك ان تكون المتاريس هي الامر الناهي والمجد لها بعد الله في الاعالي ، ومع ذلك خاطرنا ، لأن تقديم العزاء في السودان مقدم علي كل شئ ، كان ذلك التاريخ قبل نهاية حكم الانقاذ بيومين والسودان كله خلال الأيام العصيبة تلك يحركه ميدان الاعتصام .
توكلنا علي الله وبحمده تجاوزنا كل النقاط المستحيلة من اقاصي الحلفايا حتي صينية البراري وكانت المفاجاة لدي مدخلها حيث أوقف ركبنا الشباب بحجة غير التي نعلم وكان معها رجاء ، قالوا لنا خلوه يمر ..
وماهي الا دقائق معدودة حتي ظهر الأمر واستبان ، انه موكب الكنداكات الذاهب الي ميدان الاعتصام .. (وانا واقف بتأمل) كما قال شاعر البطانة البشري يوم عيد الميلاد الموسوم ..كان المشهد عجيبا ، كأنما انفتحت كل اركان وشوارع البراري الطرفية ليخرج من حوارييها وازقتها كل هذا الكم من النساء.. صبايا وحبوبات اشكال والوان حقا تاهت رؤيتنا ، كلهن يلبسن ثيابا بيضاء ، توب سوداني ابيض ناصع مع تسريحة واحدة هي المشاط الافريقي والذي تعددت صنوفه ومحدقاته حسب ماتراه الجهة الراعية ومتطلبات الجمال.. ومابين معاناة الصبايا في تثبيت التوب وثباته لدي الامهات تظهر الخلاخل والحلقان الكبيرة او مايعرف بالفدايات او الفدو، تفاصيل كثيرة حول الموكب مع الهتافات والطقطقة مما لايتسع المجال لذكره ،كل شئ معد باتقان ومهارة وتدريب تقودها (كنداكات) من مختلف الاعمار.
ذاك المشهد المصنوع وبذات العناية هو الذي ظهرت به الاء صلاح في ارض الاعتصام ، (بالمناسبة ابحثوا معي عنها) .. هو ذات الثوب الاببض الذي ظهرت به حمامة تقديم الوثيقة الدستورية المزورة.
للاسف تلك الصور المصنوعة بدقة متناهية لازمتنا ردحا من الزمان ، عشناها يوم ان عينت البوشي وزيرة للشباب لا لشئ الا انها قد صافحت عرضا الرئيس الامريكي الاسبق اوباما يوما في ردهات البيت الابيض ، كما عشناها ايضا يوم ان زغردت الوزيرة اسماء في قاعةفخيمه بمباني الامم المتحدة ، وزيرات الثورة المصنوعة وكنداكاتها غبن حينما اصبح الحضور واجبا والوطنية شرف..لم نسمع لهن صوتا ولا ركزا والحرب التي اشعلوها تفني وتدمر البلاد..
قفزت لذهني هذه الكوميديا السوداء وانا اعايش ما تقوم به نساء السودان الكنداكات الحقيقيات خلال هذه الفترة العصيبة من ايام السودان،ايام الحرب القاسية ، إنهن نساء بلادي صانعات المعجزات اللائي تكفل الواحدة منهن عشر اسر اويزيد والجود بالموجود دون ان تتكلف او تخشي المجهول ثم بعد التدبير يسقين العطشي ويداوين الجرحي يقدمن الشهيد تلو الشهيد في صبر واحتساب.. يمتن جوعا ولايأكلن من عروضهن .. انهن حفيدات اماني شيختو ،كنداكات لم يصافحن رئيسا ولم يزغردن في محفل بل حظهن من كل ذلك الظهور زغرودة لجيش السودان المنتصر وحلة ملاح يرفعنها وهن عجلات حتي لايفوتهن ركب العزة.
الكنداكة هي احلام وحنان واسماء وابتسام هي امل ورزان والتاية وثريا هي كل نساء بلادي اللائي يصنعن المستحيل لستر الحال وسد الرمق .. هي من تأوي اليها رجالا ساءهم فعل صناع الثورة المزعومة بعد ان ساموهم الخسف واذاقوهم مر الحاجة.. هي امرأة لاتخون العهد كماخانت ام الشهيد هزاع ابناء شمبات واحرارها حينما اوت اليها المتمردين فقتلوا الشباب امثال الشهيدين اولاد مطر..
الحمد لله ان جعل في كل بيت من بيوت السودان كنداكة تستحق الشكر والثناء..هذا هو العشم فلا عجب ولاغرو.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x