الدكتور أسامة علي توفيق ..الصالح الذي لا ينفخ لذاته المزمار

الدكتور أسامة علي توفيق ..الصالح الذي لا ينفخ لذاته المزمار

بقلم: الدكتور فضل الله أحمد عبدالله

مقالي هذا ، هو صدى – بقدر ما يسمح وجدان قلبي – بترجيع ذكرى زمان عذب حنون والتغني به واستحضاره ، ونافذة أطل بها من مقام القلب إلى مقام رجل أقل ما يمكن القول عنه أنه رجل الإلتئام الإنساني والحكمة والصلاح ، ورمز وطني واجتماعي سعى – ولا يزال – إلى ما يرضي الله وعباده .

إنه الدكتور أسامة علي توفيق أبن مدينة ” عطبرة ” الطبيب الذي بذل نفسه في ميدان العمل الإنساني الطوعي منذ تخرجه في كلية الطب – جامعة الإسكندرية – بجمهورية مصر العربية ، إلى تاريخنا هذا ، يصنع قيم الفضيلة ويمشي بها بين الناس في جسارة نادرة وفذة ، وقامة من الصلاح لا تخطأها عين مهما غفلت أو تغافلت .

قال الأديب اللبناني الفيلسوف ميخائيل نعيمه عن معنى ” الصلاح ” :
” الصالحون ثروة البشرية وقوّتها ومنارتها والمبرّر لأديانها .
الصلاح لا يتبجّح ، ولا يحيط ذاته بهالات المجد والشرف ، ولا ينفخ لذاته بالمزمار ، فإذا هو فعل ذلك انقلب إلى ضدّه .
ولكنّه يعطّر الأرجاء من حوله أينما وُجد كما تعطر البنفسجة أو الزنبقة حقلاً من الشوك والهشيم .
والصلاح لا يكون إلّا حيث تكون المحبة ” …
ولعمري أني لأجد الدكتور أسامه توفيق صدى رائعا لذلك المعنى والنموذج الأعلى له .

ومن فيوضات ذاكرة تلك الضفة الأخرى من أيام العمر ، في صحبة سيدي الدكتور أسامة توفيق . ونحن فتيان بذلنا للفكرة مبتغاها ، فهي تنمو في حمانا حيث ننمو في حماها …

” ليس في أعماقنا شيء نرجى ما عداها ، نطلب الغايات وثابين لا نحني جباها ، كلنا عزم وإخلاص ودين للإخاء الحر نسعى للتفاني في العمل . شعل كالشهب نمضي في احتقار للكسل “

أسامة علي توفيق ، الطبيب ، مدير مستشفى الصباح في مدينة جوبا ، الذي ما تخلف عن هيعة قط أو نداء للجيش في نضالاته الحربية ، إلا وأسرج خيله ، محتقبا حقيبة لوازمه الطبية مرافقا أمينا لهم مداويا ومسعفا لجرحى العمليات الحربية من لدن متحرك وطن الجدود ، ومتحرك درع الوطن ، ونسرا محلقا في جو السماء مصاحبا القوات الجوية طلعاتها القتالية في تلك الأيام ، من زمان اللمحة الأولى على وجه المواقف أو على وجه الحقيقة ..

وكأني أراه الٱن وأسمع حفيف قميصه الأبيض وهو يقف على ذرى ” جبل لادو ” يبادل أطفال ” الباريا ” تحايا الصباح المشرق على شواطئ نهر بحر الجبل ، وأشعة الشمس في إستواءها الرشيق الحاني على مدينة ” جوبا ” الجامحة الجمال .
والوقت – مداخل العام 1991م – يطل على صدور جموع من شباب السودان المسلم ، في صور أجسادهم وأرواحهم ، برغم تنوعهم ، واختلاف أمكنتهم وبيئاتهم التى وفدوا منها ، إلا أنك تراهم هنا كأنهم صورة واحدة ينبسط نورها في ” ساحات الفداء ” يستدعون نشيد المؤتمر شعارا لهم :

” للعلا للعلا أبعثوا مجدنا الأول واطلبوا لعلاه المزيد
أمة مجدها للعرب ودينها خير دين يحب وعزها خالد لا يبيد
قد نفضنا غبار السنين ومشينا بعزم لنعيد فخار الجدود “

ويقف أسامة ، يتفرس وجوه الفتيان معنى ، فمعنى ، حيث لا معنى في المكان ذاك ، ولا الميقات ذاك ، إلا المجد الذي يعبر صدور الصاديقين وينتقي منهم الشهداء ، ويثبت الله المؤمنين …
وقول أسامة توفيق الأب :

” يا أيها البطل الـمقاتل
لا تكن أبدا مصافحْ
إمّا معاندة العدا
أو ميتةٌ فوق المذابحْ
في نبضنا حرفٌ توضّأَ
بالدماء غدا يكافحْ “

الدكتور أسامة علي توفيق ، الأخ ، الصديق ، الأب كم تجملت بك أوجه أيامنا تلك …

طاب عمرك وحفظك الله بحفظه الجميل ودمت لنا مع العافية ….

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x