صحافتنا علي أيام(الريفي)..سهرة رمضانية لا تضاهي!

صحافتنا علي أيام(الريفي)..سهرة رمضانية لا تضاهي!


  من قال إن الصحافة ما عادت مقروءة؟!..كدت أصدقهم، فهم كثر والواقع لصالحهم، والمستقبل بلا وجيع..لكني أفاجأ من آن لآخر بما يبقيني على مزاجي القديم فأتصور الأستاذ(الريفي) مازال يكتب بأخيرة(الأيام) أيام بلغ توزيعها هي وحدها مائة ألف نسخة وعينها على أرقام توزيع منافستها اللدود(الصحافة)..فاجأتني توا والناس مشغولة بما يشغلها رسالة من خارج البلاد على الواتساب تعلق على مقالي السابق بعنوان(الجمعة فى إسلانج)بضواحي أم درمان.. يتباهي الراسل ويقول:(أنت أمضيت الجمعة فى إسلانج وأنا عشتها في المدينة المنورة)!.
    هنيئا له وعقبال لنا ولكل من يقرأ هذا ومنهم قطعا من يراهن:(نذر علي إن وصلت مقامه)لأفعل وأفعل..صلى الله عليه وسلم.. فضلا عن أفضال سيرة المدينة المنورة، في الرسالة إيحاءات تجبرالخاطر،منها أن صحيفة من بلاي عبرت الحدود فى حينها وحركت خواطر قارىء معتمر فحملته ليكتب معلقا(ذاك التقليد الصحفي الأثير)!..أخبرنا بما كان يخفيه(صحفي فى العمرة) بينما الصحف تعاني ما تعاني!..سفر الصحفي خبر..أوهكذا عهدناه يوما فصحيفة(الصحافة)أوفدت محمد علي محمد صالح ليشهد إنتخاب الرئيس كندي فكانت سلسلة رسائل مدهشة بعنوان(هذه هي أمريكا)ّ!..كأننا في عالم آخر،فمن مفارقات زمن الصحافة الإلكترونية أنه لا أحد يحظي بفرصة لسفر يثير(ضجة) ترفع التوزيع..الفرصة المتاحة هي أنه بإمكانه مغادرة موقعه فى أي وقت،علي راحته،فإصدار الصحيفة لا يشترط وجود أكثر من سكرتير تحرير(رقمي)!.
   نبارك للأستاذ عبود عبدالرحيم و(أولا عمرته)..ونبارك للصحيفة وكل صحف اليوم الصامدة ما أوحت به رسالة تنبىء عن إجتياز صحيفة ورقية للحدود في حاضر رقمي إقتصادي سياسي يداهم توزيعها..واضح أن العبرة ليست فى الإنتشار الكمي وحده،هناك أمكنة نوعية تزداد الصحافة بها تألقا وتأثير..القناعة الراجحة الآن هي أن الصحيفة الورقية لا غني عنها،وإن تراجع توزيعها..قل إنها بعض ذكريات..شىء ما فى هذا السياق ذكرني أستاذنا محمد الخليفة طه الريفي،رحمه الله،وإبداعاته الصحفية التى إقترنت برواج الصحيفة(صحافة المنوعات)،(المهنية)،(الموهبة)-صحفي،فرئيس تحرير،نجم مجتمع،فبرلماني منتخب.
    قبل ظهور كليات الإعلام إشتهر نموذج(الريفي)ودليله التجديد والتشويق..من إبتكاراته الصفحة الأخيرة بصحيفة(الأيام)وعنوانها(المرايا)..يتصدرها عمود مقروء عنوانه(صحيفة الدار)يتحف القراء بخفايا ومفاجآت الصحيفة وأسرة التحرير،وهي مما تستهوي القراء وتقرب بينهم وصحيفتهم..من تزوج ومن ترقي ومن سافر لمهمة ومن إصطفاه الله للعمرة والحج،فهو عائد بجديد لا ريب..الفكرة ذاتها لاحت فيما بعد بعنوان(من الناشر) بصحيفة(الشرق الأوسط)..وللمصادفة ظهرت قبل أيام منصة (قروب)لأسرة(أخبار اليوم) يذكرنا بفكرة الريفي(صحيفة الدار)..ربما هي مصادفة،فلا أظن أن(عاصم البلال) أو(عبود)ناهيك عن(نادر الحلفاوي) لحقوا بعصر الريفي الذى نهل منه زمالة وصداقة وأبوة(أحمد البلال)رد الله غربته،فهما من صدرا معا كتابا مرجعيا ضخما فى التنمية..هي علاقة بجيل كامل الدسم(إبراهيم عبدالقيوم،فضل الله محمد،حسن ساتي،شريف طمبل،وحسان سعد الدين)عليهم رحمة الله..قائمة من حوله تطول، رؤساء تحرير وكتابا مشاهير،إنه مثال لكاتب(مقروء)..هذا تصنيفه.
    كم من رسالة دكتوراة،ولكني أظن أن سيرة الصحافة علي أيام(الريفي) لم يوثق لها بعد،حكاية مشوقة لم ترو بعد..عصر الموهبة والروح الخلوق فى التحرير، السبق الصحفي،إجتماع الصباح مع رئيس التحرير،لمة مكتب سكرتير التحرير،زحمة المتعاونين ومدير التحرير،إشراقات المكتب الفني،خفايا(مطبخ الصحيفة)،(التصميم بالمقص)،(محرر السهرة)!..مفاجآت الليل،الصمت إلا من أنين مخاض المطابع،ترقب مولد الفجر وعدد جديد تنتظره أكشاك أثيرة لجمهور متطلع لغد أفضل تبشر به الصحف ويوحي به(مينشيت)يكسر الدنيا!..إنه عصر شهرته( الصحافة الورقية).
    الفضاء يحتشد بخريجي الصحافة والإعلام،فمن الراوي لتجربة الصحافة السودانية كإرث وطني؟..ومن لمنظومة الرواد،(إستايل)الريفي مثالا؟-مهنيته،إبتكاراته،روحه،تجلياته،ومن تعلموا علي يديه فنون التحرير الصحفي،بالفطرة،الخبرة..هناك تداعيات مشوقة..حوار أجيال،محوره صحافة الخريجين والخريجات،وصحافة الرواد..كان قد ألمح به يوما الدكتور محي الدين تيتاوي،رحمه الله..الحوار يحتدم اليوم،صحافة ورقية وصحافة  رقمية،لمن المجد والعصر- معا؟!..منذ أطلت الصحافة الإلكترونية برأسها البعض يراهن بزوال الورقية وإن طال الزمن..الأمر يحتمل ذكريات ومجادلات في غاية التشويق- صحافة اليوم والصحافة زمان!.
   إمتاع ذهني ومهني لا يضاهي،يثير كوامن أجيال صالت وجالت مهنيا لتحاصرها اليوم مفارقات الرقمنة ومظاهر لمغادرة ليخلو الفضاء لجيل(ما عليه بالفات)،يطوع مولد المعلومات في جيبه،لكنه يفتقد حميمية(عراب الإعلام الحديث)المنتظر،عينه علي التقاليد والمهارات-معا..هنالك(نفاج)لمن تعلقوا بضفة ثالثة إسمها(تواصل الأجيال)لتنعم المهنة بمزايا هذا وذاك،الخبرة والعصرنة- هذا موضوع دكتوراة، فى الأصل والعصر،التجربة والرقمنة..مهداة لمن أراد تميزا، أو أراد إضافة.
      يتراءى مقام يستطيب فيه الحكي اللماح،الممتع والمفيد..رمضان شهر الذكريات،لعل فى الأمر مشروع سهرة لا تضاهي،تضج بالذكريات وببشائر التجديد الصحفي،أين وصلنا مقارنة بالعالم حولنا؟..أسمار أجيال تفيض بذكريات المجد الصحفي،من هم الرواد؟..تجارب صحفية نادرة،أرقام قياسية للتوزيع،العدد الأسبوعي الفاخر،الملف الثقافي الباذخ،الصحافة الإقليمية،صحفيون رموز وصحفيات يملأن العين مهنية وتأثيرا وغيرة علي الصحيفة- ورقية كانت أم إلكترونية،أو كلاهما معا..(الكلام حلو في خشم سيدو)- ليتنا نسمع ونشاهد،ونوثق لأبهي تجاربنا..ففي البدء كانت الكلمة.
د.عبدالسلام محمد خير

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x