بقلم: يسرية محمد الحسن
اكتظت غرفه كبار الزوار الملحقه بالمطار الحربي بكبار رجالات الجيش . ذووي الرتب الرفيعه والنياشين وهم في بذاتهم العسكريه ورهط من الصحافيين والاعلاميين ومراسلي وكالات الانباء والفضائيات العالميه . كنت المراه الوحيده بينهم وقد تملكتني الرهبه بدايه وانا ادلف الي الغرفه برفقه مصور استوديو الصواف حيث ابرمت عقد للتعاون معه في مجال تصوير ومونتاج التقارير الاخباريه المصوره . احسست برهبه. عظيمه وكان سببها الاول حين دخولي الي المكان الكل يستجلي الامر فضوليا ويصوب نظراته الي !! القيت عليهم التحيه بصوت خفيض وجلست في اقرب مقعدمني وبجواري جلس اشرف المصور التلفزيوني .دقائق واذا بحرس الزبير محمد صالح يدخلون الي الغرفه بصوره دراماتيكيه. اشبهه بتلك التي في افلام الكاو بوي الامريكيه. وخلفهم مباشره اطل المشير الزبير محمد صالح بكل هيبته وتواضعه المالوف واريحيته المحببه . حيا الجميع ومن ضمنهم انا وابتسامه عريضه تملأ وجهه .جلس في المكان المخصص له بينما تشاغلت انا عن الكل بمراجعه اوراقي واسئلتي التي اعددتها لمقابله تلفزيونيه. تشمل الزبير وكاربينو كوانيين فقد تم ابلاغنا قبل يومين بالزياره وبرنامجها من قبل دائره الاعلام بجهاز الامن والمخابرات الوطني. وايضا من قبل الاعلام الخارجي .. وقت ليس بالقصير قضيناه داخل غرفه كبار الزوار فقد.كان مطلوب حضورنا عند الخامسه والنصف صباحا لنظل حتي الثامنه صباحا ليدخل حرس المشير ومعه ربما كانوا افراد من جهاز الامن ليهمس احدهم في اذن الزبير ليقف المشير فاردا زراعيه كعادته. قائلا…يلا يا جماعه علي الطايره وعلي بركه الله..مرات عديده استقليت طائره الانتنوف وجميعا كانت رحلات عمل الي جنوبنا الحبيب قبل انفصاله وذلك لاعداد تقارير. اخباريه مصوره لقناه A.A.N. وهي اختصارا. لاسم فضاييه…شبكه الاخبار العربيه والتي تبث برامجها. من العاصمه البريطانيه لندن وايضا. تقارير مصوره لوكاله الاسو شيتد برس حيث كان عقد العمل موثق بيني وبينها وهي تقوم بمد الشبكه بالتقارير المطلوبه… مقاعد متراصه قباله بعضها البعض وفي وسط الطائره بين المقاعد وضعت جوالات خيشيه كبيره الاعداد قيل ان بها اواني منزليه ومواقد بلديه ومواد تموينيه.قيل انها هدايا. للجيش الشعبي لتحرير السودان والمتمركز علي مشارف مدينه واو بقياده الجنرال كاربينو كوانيين في غابه تسمي. مريال باي. وتعني بلغه اهل الدينكا. بيت البقر. هكذا قالوا لنا ايضا من ضمن الهدايا كان هناك جرار زراعي. ربما ليساعدهم في حرث الارض الخصبه تلك للزراعه وبخاصه نبات الذره. والبفرا. الغذاء الرئيسي لاهل الجنوب .كميات مهوله من جركانات الزيوت الطبيعيه وجولات سكر كنانه وحلفا والجنيد . الكل بانتظار اقلاع الانتنوف وصوت محركاتها عال جدا لكنها في مكانها تقبع علي مدرج المطار بينما الكل بداخل الطائره يترقب لحظه الاقلاع . كما اسلفت كنت المراه الوحيده وسط هذه المجموعه الضخمه من جنرالات الجيش العظام الذين هم في اعلي قمه الهرم في قواتنا المسلحه السودانيه هيئه اركان الجيش باكملها ورتب اخري كبيره ايضا بينما بقيه الوفد من الصحافيين والاعلاميين ومراسلي وكالات الانباء العالميه والفضائيات .جلست وبجواري اشرف المصور يحمل الكاميرا علي رجليه وكلما رفعت بصري وجدت من هم بالمقاعد قبالتي يتفحصونني بنظرات مريبه بدت لي في بادئ الامر وكانما ورائها تساؤلات. وتساؤلات لا يقدرون ان يفصحوا بها علنا ..!! بدا الاستياء واضحا علي محياي وقررت في لحظه من الزمان ان الغي الرحله من جانبي واغادر ومصوري الطائره ! اذ بدات تطل براسي بعض. الظنون. في كيف. لهؤلاء القاده. ان. تتوسطهم امراه وتسافر معهم دون محرم ؟ تلك الهواجس وغيرها و زحمت راسي وقد عزمت امري علي الغا الرحله .طلبت همسا من اشرف الذي يحول بجسده بيني وبين باب الطائره الموصد اصلا طلبت منه ان يترجل معي. لانني تضايقت من نظرات هؤلاء الغريبه والمريبه لي والتي لم افهم معناها لكن يبدو ان الشاب المصور صغير السن شغوف بالرحله كونه المره الاولي التي سيزور فيها الجنوب. وبالذات مدينه واو وبمعيه وفد رفيع المستوي . اذن الرحله بنظره مهمه ومثيره ودسم اضافه الي ما يتبع هذه الرحلات الرئاسيه من كرم فياض وراحه للمرافقين وتسهيلات كبيره تقدم لهم لاداء مهامهم التي هم من اجلها الان داخل طائره الانتنوف الروسيه الصنع والضخمه في طريقهم الي مدينه واو الجميله التي ترقد علي ضفتي نهر الجور العظيم وتحفها من كل الاتجاهات الغاب الاستوائيه الكثيفه والتي هي الان. قد خلت من ساكنيها الاصليين .فقد هربوا زرافات ووحدانا الي داخل اراضي جمهوريه افريقيا الوسطي المتاخمه حدوديا مع حدود بلادنا الجنوبيه …هربوا خوفا وهلعا ورعبا. من قعقعه السلاح الذي لم يهدأ قط منذ اندلاع الحرب الاهليه في جنوبنا الحبيب بين القوات العسكري الحكوميه. وقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان بزعامه الدكتور جون قرنق وفي هذه البقعه من ارض السودان ولتطاول امد الحرب اللئيمه والتي اتخذ الجيش الشعبي من غابات الجنوب مسارح عملياته القتاليه ضد القوات المسلح السودانيه. في اطول واشرس حرب اهليه شهدتها افريقيا. ونتج عنها هروب. الملايين والملايين من قطعان الحيوانات البريه المختلفه والتي صنفت عالميا بالنادره مشتمله علي انواع الحيوانات كافه حتي الطيور الاستوائيه الرائعه والنادره ايضا علي اختلاف الوانها واحجامها وانواعها بل وحتي. تغريدها هربت هي الاخري وكاني اسمع اصوات احتجاجاتها هي وساكنو. غاباتنا من الحيوا البريه العظيمه الاعداد الهاربه معهاتوحي بصخب الصوت منها احتجاجا صارخا علي افاعيل بني البشر بعضهم لبعض. وهم دم واحد ووطن واحد ومصير واحد…ماض وحاضر وغد……بينما يدفعون هم ثمن الحماقات هذه من ذوي العقول التي كرمهم بها الخالق سبحانه وتعالي ليدفعون هم الثمن غاليا. بالهجره قسرا. من اوطانهم.ارض الميلاد. والجدود…….غدا نواصل……..
