(سلسة توثيق رموز جامعة الجزيرة)
جيل العطاء..

(سلسة توثيق رموز جامعة الجزيرة)جيل العطاء..


البروفيسور: علي محمد أحمد العوض أستاذ الباطنية والغدد والسكري بجامعة الجزيرة
كيف تحدى الإعاقة ودرس الطب ؟
أحرز المركز الأول في امتحان الشهادة السودانية للعام 1968م
منحته جامعة الخرطوم البطاقة رقم (1)
نال معظم الجوائز المطروحة للمواد الدراسية بالجامعة
إلتحق بكلية الطب جامعة الجزيرة في العام 1991م
نشرت له العديد من البحوث والأوراق العلمية
*بقلم: يس الباقر
يحفظ التاريخ للكثير من الشخصيات التي برزت في حياتها العلمية ووضعت إسمها في سجل الشخصيات الأكثر تميزاً في المجال الأكاديمي، وطوعت المستحيل بعد أن شقت طريقها نحو النجاح الباهر متحدية كل ظروف الحياة ومشقتها لتسجل إسمها ضمن قائمة أوائل الشهادة السودانية ومن قبلها إحتفاظها بالمركز الأول في المراحل التي تسبقها ومواصلة ذلك التميز على مستوى الجامعة.. البروفيسور: علي محمد أحمد العوض– أستاذ الباطنية والغدد والسكري بكلية الطب جامعة الجزيرة واحد من الذين تميزوا في التعليم بإحرازه المركز الأول على مستوى الشهادة السودانية.
ولكن رغم نبوغه المبكر الذي مكنه من الجلوس على قائمة كل الفصول التي مر بها بمراحل التعليم المختلفة فيها العام والعالي محتفظاً بالمركز الأول حتى تخرجه في جامعة الخرطوم كلية الطب إلا أن ذلك النبوغ لم يمنعه من ممارسة هواياته المختلفة من إطلاع للصحف ومشاهدة البرامج الثقافية والرياضية، فمنذ نشأته ظل متابعاً للنشاط الرياضي بل مدمناً للرياضة بشقيها المحلي والعالمي فهو هلالابي على السكين ويشاهد الكرة باستمرار ومتابع جيد لمباريات كأس العالم وأوروبا والدوري المحلي معجب جداً بدكتور الكرة السودانية كمال عبد الوهاب، والفاضل سانتو من المريخ، وجكسا، ووالي الدين، وكاريكا وشيبولا.
**المولد والنشأة:
وفي الربع الأخير من أربعينيات القرن الماضي شهدت منطقة الحلاويين ميلاده نشأ فى هذه المنطقة متحدياً كل الصعاب التي واجهته في مسيرته وخاصة الإعاقة التي لم تحرمه من تكملة تعليمه وإحرازه المركز الأول في الشهادة السودانية في العام 1968م، فكان ميلاده بقرية مصطفى قرشي بمحلية الحصاحيصا بولاية الجزيرة في عام 1948، وهي نفس المنطقة التي درس فيها المرحلة الأولية، ثم انتقل بعدها لمدرسة الجنيد الوسطى ليلتحق بعد امتحانه للشهادة الوسطى بمدرسة حنتوب الثانوية، ثم جامعة الخرطوم كلية العلوم السنة الأولى في 1967م، ثم كلية الطب جامعة الخرطوم في العام 1968م، وتخرج في في العام 1972م.. وفي العام 1977م أحرز الجزء الأول في امتحان الباطنية وفي العام 1981م أحرز الجزء الثاني في درجة التخصص ثم ذهب للسويد لدراسة الغدد الصم والسكري .
**محطات مختلفة:
يقول البروفيسور: علي محمد أحمد أن مسيرته العملية لم تكن مستقرة بل كان نصيبه من ذلك التنقل للعمل بعدد من المستشفيات الولائية.. وأشار إلى أن أول محطة له بعد التخرج كانت بمدينة ود مدني وقضى فيها فترة الإمتياز بمستشفى ود مدني التعليمي، ثم بعدها انتقل للعمل بمستشفى الربع الريفي في شمال غرب الجزيرة، ليدخل مرحلة أخرى وهي مرحلة التخصص والتي قضاها بمستشفيات الخرطوم وبحري.. وبعد أن أكمل التخصص ذهب إلى مدينة النهود لفترة قصيرة ثم عاد لولاية الجزيرة للعمل بمستشفى الحصاحيصا في العام 1989م لينتقل بعدها لجامعة الجزيرة والتي التحق فيها بكلية الطب جامعة الجزيرة في عام 1991م .
**أعمدة الطب:
إن الفترة التي تخرج فيها في كلية الطب كانت تضم المستشفيات التعليمية مجموعة متميزة من الأطباء وأساتذة الطب بجامعة الخرطوم وقضى فترة التدريب العملي بمستشفيات ود مدني والخرطوم. وفي هذه الفترة كانت تمتلئ بأميز الإختصاصين رغم قلة أدوات التشخيص في تلك الفترة والتي كانت من أكثر فترات عملة خصوبة، وعمل فيها مع دكتور: عبد الجليل محمد- إختصاصي الباطنية ودكتور: أبو القاسم سعد- إختصاصي الطب النفسي، ودكتور:حافظ الشاذلي- إختصاصي الأطفال، ودكتور: ميرغني سنهوري- إختصاصي الجراحة، ودكتور: محمد حسين سعيد- إختصاصي النساء والتوليد، وفي الخرطوم كان العمل بنظام الفترات عمل مع الدكتور : الجزولي دفع الله- إختصاصي الباطنية، والدكتور: عبد الرحمن موسى، والبروفيسور: الضو مختار، والبروفيسور: صالح يس، والبروفيسور: عبد الحليم محمد وآخرين كثر وهؤلاء كانوا يمثلون أعمدة الطب في السودان..
**المركز الأول:
المركز الأول الذي أحرزه البروفيسور: علي محمد أحمد العوض فى امتحان الشهادة السودانية لم يشكل مفاجأة بالنسبة له.. يقول: طبعاً منذ وقت باكر وأنا في المراحل الأولية كنت أحرز الأول وحتى دخولي المرحلة الوسطى وفي كل المراحل أولي وثانية وثالثة ورابعة وكنت متأكداً بأنني سأكون ضمن العشرة الأوائل، ولكن الحصول على المركز الأول مسألة كانت صعبة بالنسبة لي وهي تعتمد على مستوى الآخرين الذين تنافسهم والتنافس عليها صعب جداً لأن هناك طلاب ممتحنين من كل السودان من مدارس متميزة مثل وادي سيدنا وخورطقت وبورتسودان الثانوية. يقول البروفيسور: عثمان البدري الأستاذ الجامعي والإقتصادي المعروف كنا دفعة في حنتوب الثانوية وفي عنبر واحد مع البروفيسور: علي محمد أحمد في داخلية الزبير في العام 1963م تم إسكان الثلاثة الأوائل من المدارس الوسطى في داخلية الزبير وهم: علي محمد أحمد الأول من محافظة الحصاحيصا، ودكتور: عمر عبد الوهاب، ودكتور: أمين عثمان باشري-الكاملين، والدكتور: محمد خالد الترابي، والدكتور: الطيب محمد الخضر، والدكتور: أحمد محمد علي كرار- المحيريبا، والمهندس محمد علي سلامة، والدكتور: عبدالجبار ناصر، والبروفيسور: عثمان البدري عبد الله الأمين.. وأشار بروفيسور: البدري إلى أن البروفيسور: علي محمد أحمد العوض لم يكن الأول على الشهادة السودانية 1967م فقط بل كان الأول على دفعته في إمتحان كلية العلوم جامعة الخرطوم.
يقول بروفيسور: علي محمد أحمد عرفت نتيجة الشهادة السودانية في اليوم التالي لإعلانها عبر صحيفة السودان الجديد وجريدة الصراحة وفي الصحف أيضاً وصلتنا دعوة لمقابلة مدير مكتب وزير التربية والتعليم البروفيسور: سعاد الفاتح في ذلك الوقت، ورغم اهتمامه بالإطلاع وقراءة الصحف إلا أنه لا يحتفظ بنسخة من الصحف التي نشرت نتيجة الشهادة السودانية التي حصل فيها على المركز الأول في ذلك الوقت مبرراً ذلك بأن النتيجة أصبحت ترد فى الصحف بإستمرار ثم بعد ذلك منحتني الجامعة البطاقة رقم (1) باعتباري الأول على مستوى السودان.
**وقع طيب:
بمثل ما يمثل النجاح دفعة معنوية في نفوس كل أسرة بتفوق أبنائها فإن حصول البروفيسور: علي محمد أحمد على المركز الأول أدخل البهجة والسرور في نفوس أهل القرية، وانحصر برنامج الاحتفاء في القرية وربما بعض القريبين منه في القرى المجاورة لأنه في ذلك الوقت لم يكن الإعلام وقتها منتشراً بهذا الحجم الذي هو عليه الآن من تعدد وسائل إعلام، ومواقع تواصل اجتماعي وذلك قبل ظهور وسائل التواصل والفضائيات. وكان الوقع على مستوى القرية مما شكل له هذا الاحتفاء دافعاً في المعاينة في السنة الإعدادية (العلوم) حيث أحرز عدداً من الجوائز في الفيزياء، والأحياء، والكيمياء الحيوية، وطب المجتمع، وعلم الحيوان، وجائزة الجامعة،وكان الأول على مستوى كلية الطب .
*رغبة أولى:
يسترسل البروفيسور: علي محمد أحمد في سرد تفاصيل التحاقه بالجامعة ويشير إلى أن مسألة التحاقه بكلية الطب تمثل له رغبته، ويشير إلى أنه في ذلك الوقت كانت أهمية الكليات متساوية في أداء المهام والقيام بالواجبات يرجع ذلك لأن الذين يدرسون البيطرة أوالزراعة كانوا يحظون بالكثير من الإمتيازات من سفر وابتعاث خارجي وداخلي مثلهم مثل خريجي الطب، وكان الطب رغبة أولى والمجموع هو الذي يحدد مصير الطالب، وتم قبول 58 طالباً فقط لكلية الطب وبالتالي فى طلاب ممتازين جداً لم يتمكنوا من دخول كلية الطب وأحياناً يكون للحظ دوره في القبول.
**البرهان بالعمل:
يقول البروفيسور: علي محمد أحمد إن الإعاقة لم تكن عائقاً لأنها لم تكن كبيرة ولم يتجاوز عمره في ذلك الوقت العشرين عاماً، والإعاقة لا تمنع دراسة الطب، وعندما ناقشتهم في الجامعة قلت لهم أن الهندسة والزراعة تحتاجان لمجهود بدني كبير وأقل كلية لا تحتاج لمجهود بدني هي كلية الطب، وكلية الطب هي كلية علوم وطب لأن البعض فيها يلتحق بأقسام التشريح ووظائف الأعضاء وخلافه.. وبخلاف الجراحة لا توجد مشكلة في دراسة الطب وهي الآن نفسها أصبحت تستخدم فيها الأجهزة المتطورة..
ويواصل البروفيسور: علي محمد أحمد عملت في الطب منذ عام 1971م، ولم تواجهني أي مشكلة أنا كنت الأول وناقشوني وقالوا لي ما كان تمشي العلوم ما دام حصلت على نمرة كبيرة في الفيزياء وفى الأحياء لكن أنا أصريت على دراسة الطب والإعاقة وشلل الأطفال كان فى عضلتين فقط..
كان من المفترض أن ألتحق في سنة 1976م بعلم النفس ولم يتم قبولنا لأنهم أخذوا طلاباً من الدفعة التي سبقتنا وطلبوا منا أن نقضي عامين في مستشفى التجاني الماحي فكان السكن في الخرطوم صعب جداً وعدت لمدني وبعدها أحضرت كتب الجزء الأول للباطنية لكلية الأطباء الملكية وبعد أن اجتزت الجزء الأول تم قبولي في تخصص الباطنية ووقتها لم يكن هناك فروقات كبيرة في التخصصات. ومن زملائه يذكر البروفيسور: علي محمد أحمد الدكتور: عبد الله عبد الكريم جبريل وكانا يسكنان معا في غرفة واحدة، والدكتور: محمد خالد الترابي، والدكتور: هجو الطيب عباس..
**موقف لا ينسى:
إن حياة البروفيسور: علي محمد أحمد العملية مثلها مثل بقية حياة الأطباء يقابل عشرات الحالات المرضية التى تتنوع في الأعراض المرضية خصوصاً وأن قسم الباطنية متعدد ومتشابه الأعراض.. يقول: من المواقف التي لا تنسي أن أول مرة يحضر فيها لمدني وكان وقتها يعمل طبيب إمتياز وكان من بين الحالات المرضية التي قابلها طفل في حالة غيبوبة وكان قد منح كل العلاجات اللازمة وقرر منحه هيدروكورتيزون وفي اليوم الثاني فاق الطفل من غيبوبة ومنذ ذلك اليوم أصبح ذلك تحولاً إلى علاقة ربطته بهذه الأسرة طيلة تواجده بود مدني والمواقف التي مرت عليه عديدة..
*وجبة مفضلة ؟
التخصص الذي درسه في الباطنية والسكري وعمل فيه لما يقارب الأربعين عاماً طبيباً وأستاذاً جامعياً جعله يتعامل بعلمية فى كل خطوات العلاج والغذاء يقول: البروفيسور علي أنه أصيب بداء السكري منذ 20عاماً وأصبحت خياراته قليلة في اختيار الوجبات فقط، ولفت إلى أن أهم شيء أن تكون الوجبات خالية من السكر والدهون والوجبات الممتعة والمفضلة بالنسبة لي كانت الكستليتة والوجبات التي تحتوي على السكريات والآن ممنوع عنهم.
وأبان في السابق لم أكن أطبقها وقبل الزواج من الصعب أن تتحكم في الأكل ولكن بعد الزواج طبقت الإرشادات بدرجة كبيرة والسكري عندما يصيبك في عمر كبير تنظر للأكل للمحافظة على صحتك، إن إنشغاله المتواصل برسالته في علاج مرضاه لم يمنعه من مواصلة مسيرته الأكاديمية في إنتاج البحوث وتأليف الكتب حيث قدم عشرات البحوث العلمية وبعض المؤلفات العلمية من بينها كتاب عن داء السكري..
**عشر نصائح:
وقدم البروفيسور: علي محمد أحمد حزمة من 10 نصائح لكيفية التعامل مع مرض السكري وهي ضرورة الكشف المبكر لأن السكر مرض صامت وأول أضراره يعمل على تضييق الشرايين وخاصة سكري الكبار وأول نصيحة يجب على أي شخص تجاوز الأربعين عاماً أن يقوم بإجراء فحص البول مرة واحده فقط في العام ومن ثم تقسيم الأكل على النحو التالي : 1. أكل الذرة والقمح لكن بدون تقشير 2. أكل القرع البطاطس البامبي مع تقليل نسبة اللحوم وأن تكون خالية من الشحوم.. 3. البيض لو بنسبة كبيرة بدون صفار 4. اللبن بدون دسم 5. اللحم بدون شحوم 6.الدجاج بدون قشرة 7. الفواكه لحدي ( 3 ) قطع في اليوم لا تخلط ولو تم خلطها سيضطر إلى إضافة سكر 4. البقوليات والخضروات تؤكل بأي كمية 9. يمنع شرب العصير والشعيرية والمربى والطحنية إلا عند الضرورة 10. بالنسبة للناس الكبار يشربون الشاي بالسكرين بالنسبة للصغار يشربون بكميات قليلة..
بالنسبة للصغار نتحدث معهم باستمرار عن أضرار القهوة وفي النهاية نجعلهم يستعملون القهوة والشاي بكميات بسيطة وبالتالي أقل سكر ، والآن أصبح الكثيرون يستخدمون شاي اللبن بدون سكر.
*نفس الطريق:
أبنائي جميعهم درسوا في جامعة الجزيرة كلية الطب فإبني عوض إختصاصي جراحة ويعمل حالياً بالمملكة العربية السعودية، وأحمد إختصاصي باطنية ومحمد فى الجلدية، وعمر طبيب وحسام درس طب، وهذه التخصصات كانت برغبة منهم ساعدهم بأننا نسكن جوار كلية الطب بالجامعة فأبنائي منذ نشأتهم كانوا يلعبون بميادين الجامعة ولذلك السكن بالجوار الجامعة سهل لهم كثيراً الدراسة بكلية الطب، بالدراسة والحضور المنتظم وكيف يتعامل مع الناس والمريض ونجاحك يعتمد على الاختيار المناسب للتخصص .

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x