حصاد الألسن – عبدالله مسعودعشريني يحارب في فلسطين (2-3)

حصاد الألسن – عبدالله مسعودعشريني يحارب في فلسطين (2-3)

حصاد الألسن – عبدالله مسعود
عشريني يحارب في فلسطين (2-3)

عاد ميرغني بعد الإجازة ليمارس عمله كسائق في هندسة ري بحري الدقهلية بالمنصورة وكان كثير التنقل بين المنصورة والسويس حسب مقتضيات العمل. ففي إحدي مأمورياته للسويس قام إثنان من الإنجليز اللذان كانا من ضمن قوات حماية القنال بعد قيام ثورة يوليو بقطع شارع رئيس دون الإنتباه للعربة التي كانت تسير بسرعة معقولة في نفس الشارع إلا أن السائق (ميرغني) لم يحسن التصرف علي أحسن الفروض بل تعمد الإصطدام بالضحيتين وتسبب في قتلهما كما زعمت هيئة الإتهام. تم القبض علي ميرغني بتهمة السياقة بإهمال وارتكاب جناية القتل الخطأ لإثنين من الإنجليز. بدأت المحاكمة في مطلع عام 54م وكان الإتهام يتراوح بين القتل العمد الذي كانت القوات البريطانية تطالب به وبين القتل الخطأ الذي دفع به محامي ميرغني الذي إنتدبته مصلحة الري للدفاع عنه. إستطاعت هيئة الإتهام أن تقدم شهودا من المنصورة شهدوا بأن المتهم كان كثيرا ما يتحدث عن حرب فلسطين ودور الإنجليز في الهزيمة ويبدي حنقه علي وجود الإنجليز علي أرض مصر حتي بعد قيام ثورة يوليو. كان ذلك صحيحا في مجمله حيث كان ميرغني يرتاد مقهي صديقه المرشدي بالمنصورة علي نحو راتب وصار الركن الذي يركن إليه مكانا جاذبا لمرتادي المقهي ولكن ذلك لا يقطع بتعمده دهس البريطانيين. الأغرب من ذلك أن الإتهام قدم للشهادة ضد ميرغني شخصين شهدا علي اليمين بأن ميرغني كان يراوغ البريطانيين ليصطادهما إلا أن شهادتهما لم يؤخذ بها لإعتيادهما الإدلاء بشهادات الزور. ما بين الحكم المبدئي والإستئناف إستقر الحكم النهائي بسجن المتهم ميرغني محمد الضو ثلاث سنوات ونقله لسجن المنصورة حسب طلب محاميه. بدأ تنفيذ الحكم في أواخر عام 1954م وظل جل أهل المنصورة يعودون ميرغني في سجنه مواسين ومشجعين وملبين طلباته خاصة صديقه المرشدي.
بعد مضي ما يزيد علي عام من الحكم الصادر ضد ميرغني حدث العدوان الثلاثي على مصر فقد شنت كل من انجلترا وفرنسا وإسرائيل حربا خاطفة علي مصر لتقويض نظام عبد الناصر، استخدمت فيها كعنصر أساس سلاح الطيران. كانت الطائرات المعتدية تركز علي المنشئات الحكومية ولم ينج السجن العمومي في المنصورة المكون من ثلاثة طوابق من تلك الهجمات مما استدعي سلطات السجن إلى فتح ابواب السجن للمسجونين لينجوا من تلك الطائرات التي تحلق في سماء المدينة. خرج ميرغني وقرر عبور ميدان لكرة القدم أمام السجن ومن ثم الإندماج مع المدنيين وحاول إقناع زملائه من المسجونين بالعدو بأقصي سرعة لعبور الميدان والإحتماء بأقرب عمارة سكنية خاصة وقد بعدت الطائرات عن محيط السجن. تلكأ السجناء فتركهم ميرغني وعبر الميدان إلى المبني المجاور. لما رأي بقية السجناء أن عبور الميدان هو السبيل الي النجاة اندفعوا جميعهم يعدون طلبا للعبور والنجاة إلا أن طائرة عادت وحصدت معظمهم علي مرأي من ميرغني الذي أجهش بالبكاء لتلك المجزرة التي لحقت بمدنبين أبرياء؛ ولعجزه عن عمل شئ لمجابهة العدوان. ذهب فورا لصديقه المصري المرشدي للإطمئنان عليه فاخبره بأنه في طريقه لبورسعيد حيث كان قد تم إنزال جنود إسرائيليين لإجراء أعمال تخريبية في المدينة فتصدى لهم المواطنون بالأسلحة البيضاء ولا تزال المعارك دائرة. لم يتردد ميرغني في الذهاب إلا أنه طلب من صديقه زيا يرتديه بدلا من زي السجن ففعل ومن ثم توجها لبورسعيد.

admin

تدوينات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Read also x